من طرف همسات السبت مارس 31, 2018 10:28 am
بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مكتبة التاريخ
عجائب الآثار
الجزء الأول
{ الفصل الثاني }
في ذكر حوادث مصر وولاتها وتراجم اعيانها
ووفياتهم ابتداء من ظهور امر الفقارية
{ احداث سنة سبع ومائتين وألف }
استهل المحرم بيوم الخميس والامر في شدة من الغلاء وتتابع المظالم وخراب البلاد وشتات اهلها وانتشارهم بالمدينة حتى ملؤا الاسواق والازقة رجالا ونساء واطفالا يبكون ويصيحون ليلا ونهارا من الجوع ويموت من الناس في كل يوم جملة كثيرة من الجوع
وفيه ايضا هبط النيل قبل الصليب بعشرة ايام وكان ناقصا عن ميعاد الري نحو ذراعين فارتجت الاحوال وانقطعت الامال وكان الناس ينتظرون الفرج بزيادة النيل فلما نقص انقطع املهم واشتد كربهم وارتفعت الغلال من السواحل والعرصات وغلت اسعارها عما كانت وبلغ الاردب ثمانية عشر ريالا والشعير بخمسة عشر ريالا والفول بثلاثة عشر ريالا وكذلك باقي الحبوب وصارت الاوقية من الخبز بنصف فضة ثم اشتد الحال حتى بيع ربع الويبة بريال وآل الامر الى ان صار الناس يفتشون على الغلة فلا يجدونها ولم يبق للناس شغل ولا حكاية ولا سمر بالليل والنهار في مجالس الاعيان وغيرهم الا مذاكرة القمح والفول والاكل ونحو ذلك وشحت النفوس واحتجب المساتير وكثر الصياح والعويل ليلا ونهارا فلا تكاد تقع الارجل الاعلى خلائق مطروحين بالازقة واذا وقع حمارا وفرس تزاحموا عليه واكلوه نيا ولو كان منتنا حتى صاروا يأكلون الاطفال ولما انكشف الماء وزرع الناس البرسيم ونبت اكلته الدودة وكذلك الغلة فقلب اصحاب المقدرة الارض وحرثوها وسقوها بالماء من السواقم والنطالات والشواديف واشتروا لها التقاوى بأقصى القيم وزرعوها فأكله الدود ايضا ولم ينزل من السماء قطرة ولا اندية ولا صقيع بل كان في اوائل كيهلك شرودات واهوية حارة ثقيلة ولم يبق بالارياف الا القليل من الفلاحين وعمهم الموت والجلاء
وفي اواخر شهر ربيع الاول حضر صالح اغا من الديار الرومية وعلى يده مرسومات بالعفو وثلاث خلع احداها للباشا والاخريان لابراهيم بك ومراد بك فاجتمعوا بالديوان وقرأوا المرسومات وضربوا مدافع واحضر صحبته صالح آغا وكالة دار السعادة وانتزعها من مصطفى اغا واستولى على ملابلها
وفيه وصلت غلال رومية وكثرت بالساحل فحصل للناس اطمئنان وسكون ووافق ذلك حصاد الذرة فنزل السعر الى اربعة عشر ريالا الاردب واما التبن فلا يكاد يوجد وإذا وجد منه شيء فلا يقدر من يشتريه على ايصاله لداره او دابته بل يبادر لخطفه السواس واتباع الاجناد في الطريق واذا سمعوا واستشعروا بشيء منه في مكان كبسوا عليه واخذوه قهرا فكان غالب مؤنة الدواب قصب الذرة الناشف ويشرح الكثير من الفقراء والشحاذين في نواحي الجسور فيجمعون ما يمكنهم جمعه من الحشيش اليابس والنجيل الناشف ويأتون به ويطوفون به الاسواق ويبيعونه بأغلى الاثمان ويتضارب على شرائه الناس وان صادفهم السواس والقواسة خطفوه من على رؤوسهم واخذوه قهرا
وفيه وصلت الاخبار بان علي بك الدفتردار لما سافر من القصير طلع على المويلح وركب من هناك مع العرب الى غزة وارسل سرا الى مصر وطلب رجلا نصرانيا من اتباعه فذهب اليه صحبة الهجان بمطلوبات وبعض احتياجات ولما وصل الى جهة غزة أرسل الى احمد باشا الجزار يعلمه بوصوله فأرسل لملاقاته خيلا ورجالا فذهب اليه وصحبته نحو الثلاثين نفرا لا غير فلما وصل الى قرب عكا خرج اليه احمد باشا ولاقاه ووجهه الى حيفا ورتب لهم بها رواتب وأما مراد بك فانه خرج الى بر الجيزة من اول السنة وجلس في قصر اسمعيل بك الذي عمره هناك واشتغل بعمل جبخانة وآلات حرب وبارود وجلل وقنابر وطلب الصناع والحدادين وشرع في انشاء مراكب وغلايين رومية وزاد في بناء القصر ووسعه وانشأ به بستانا عظيما وغير ذلك وسافر عثمان بك الشرقاوي الى ثغر الاسكندرية وجبى الاموال في طريقه من البلاد
وفي يوم الاربعاء سابع عشرين ربيع الاخر وخامس كيهك القبطي امطرت السماء مطرا متوسطا وفرح به الناس
وفي يوم السبت غرة جمادى الاولى عدى مراد بك من بر الجيزة فدخل الى بيته واخبروا عن عثمان بك الشرقاوي انه رجع الى رشيد ثم في رابعه حضر المذكور الى مصر
وفي ليلة الخميس خرج مراد بك وابراهيم بك وباقي امرائهم الى جهة العادلية فأقاموا أياما قليلة ثم ذهب مراد بك الى ناحية ابو زعبل وكذلك ابراهيم بك الوالي وصحبته جماعة من الامراء الى ناحية الجزيرة في وقت خروجهم نهب اتباعهم ما صادفوه من الدواب وصاروا يكبسون الوكائل التي بباب الشعرية ويأخذون ما يجدونه من جمال الفلاحين السفارة وحميرهم نهبا فأما مراد بك فانه لما وصل الى ابو زعبل وجد هناك طائفة من عرب الصوالحة في خيشهم لاجنية لهم فنهبهم وأخذ اغنامهم ومواشيهم وقتل منهم نحو خمسة وعشرين شخصا ما بين غلمان وشيوخ واقام هناك يوما وقبض على مشايخ البلد أبى زعبل وحبسهم وقرر عليهم غرامة احد عشر الف ريال ولم يقبل فيهم شفاعة استاذهم وشتمه وضربه بالعصا واما عرب الجزيرة فأنهم ارتحلوا من اماكنهم
وفي شهر شعبان وقع الاهتمام بسد خليج الفرعونية بسبب احتراق البحر الشرقي ونضوب مائه وظهرت بالنيل كيمان رمل هايلة من حد المقياس الى البحر المالح وصار البحر الغربي سلسلول جدول تخوضه الاولاد الصغار ولا يمر به الا صغار القوارب وانقطع الجالب من جميع النواحي الا ما تحمله المراكب الصغار باضعاف الاجرة وتعطلت دواوين المكوس فأرسلوا الى سد الترعة رجلا مسلماني وصحبته جماعة من الافرنج وأحضروا الاخشاب العظيمة ورتبوا عمل السد قريبا من كفر الخضرة وركبوا آلات في المراكب ودقوا ثلاث صفوف خوابير من أخشاب طوال فلما أتموا ذلك كانت الصناع فرغت من تطبيق الواح في غاية الثخن شبه البوابات العظام وهي مسمرة بمسامير عظيمة ملحومة بالرصاص وصفائح الحديد مثقوبة بثقوب مقاسة علىما يوازيها من نجوش منجوشة بالخوابير المركوزة في الماء فاذا نزلوا ببوابة آلحموها بتلك الخوابير وتبعتهم الرجال بالجوابي المملوأة بالحصا والرمل من امام ومن خلف وتبع ذلك الرجال الكثيرة بغلقان الاتربة والطين ففعلوا ذلك حتى قارب التمام ولم يبق الا اليسير ثم حصل الفتور في العمل بسبب ان المباشر على ذلك أرسل لمراد بك بالحضور ليكون اتمامها بحضرته ويخلع عليه ويعطيه ما وعده به من الانعام فلم يحضر مراد بك وغلبهم الماء وتلف جانب من العمل وكان أيوب بك الصغير حاضرا وفي نفسه ان لا يتم ذلك لاجل بلاده فأصبح مرتحلا وتركوا العمل وانفض الجمع وقد أقام العمل في ذلك من اوائل شعبان الى اواسط شوال ثم نزل اليها جماعة آخرون وطبوا جملة مراكب موسوقة بالاحجار وشرعوا في عمل سد المكان القديم عن فم الترعة ودقوا ايضا خوابير كثيرة وألقوا احجارا عظيمة وفرغت الاحجار فأرسلوا بطلب غيرها فلم تسعفهم القطاعون فشرعوا في هدم الابنية القديمة والجوامع التي بساحل النيل وقلعوا احجار الطواحين التي بالبلاد القريبة من العمل واستمروا على ذلك حتى قويت الزيادة ولم يتم العمل ورجعوا كالاول وذهب في ذلك من الاموال والغرامات والسخرات وتلف من المراكب والاخشاب والحديد ما لا يحد ولا يعد
وفي اوائل شوال ورد الخبر بان علي بك سافر من عند احمد باشا الى اسلامبول صحبة قبجي معين فلما قرب من اسلامبول ارسلوا من وجهه الى برصا ليقيم بها ورتبوا له كفايته في كل شهر خمسمائة قرش رومي
من مات في هذه السنة ممن له ذكر
مات السيد الامام العارف القطب عفيف الدين ابو السيادة عبد الله ابن ابراهيم بن حسن بن محمد امين بن علي ميرغني بن حسن بن مير خوردابن حيدر بن حسن بن عبد الله بن علي بن حسن بن احمد بن علي بن ابراهيم ابن يحيى بن عيسى بن ابي بكر بن علي بن محمد بن اسمعيل ابن ميرخورد البخاري بن عمر بن علي بن عثمان بن علي المتقي بن الحسن بن علي الهادي ابن محمدالجوار الحسيني المتقي المكي الطائفي الحنفي الملقب بالمحجوب ولد بمكة وبها نشأ وحضر في مباديه دروس بعض علمائها كالشيخ النخلي وغيره واجتمع بقطب زمانه السيد يوسف المهدلي وكان أذ ذاك أوحد عصره في المعارف فانتسب اليه ولازمه حتى رقاه وبعد وفاته جذبته عناية الحق وارته من المقامات مالا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فحينئذ انقطعت الوسايط وسقطت الوسائل فكان اويسيا تلقيه من حضر جده صلى الله عليه و سلم كما اشار الى ذلك شيخنا السيد مرتضى عندما اجتمع به بمكة في سنة 1163 وأطلعه على نسبه الشريف وأخرجه اليه من صندوق قال وطلبت منه الاجازة واسناد كتب الحديث فقال غنى عنه قال فعلمت انه أويسي المقام ومدده من جده عليه الصلاة و السلام وانتقل الى الطائف بأهله وعياله في سنة ست وستين وشرف تلك المشاهد ومآثر شهيرة ومفاخرة كثيرة وكراماته كالشمس في كبد السماء وكالبدر في غيهب الظلماء وأحوله في احتجابه عن الناس مشهورة وأخباره في زهده عن الدنيا على ألسنة الناس مذكورة ومن مؤلفاته كتاب فرائض وواجبات الاسلام لعامة المؤمنين والكوكب الثاقب وشرحه وسماه رفع الحاجب عن الكوكب الثاقب وله ديوانان متضمنان لشعره احدهما المسمى بالعقد المنظم على حروف المعجم والثاني عقد الجواهر في نظم المفاخر ومنها المعجم الوجيز في أحاديث النبي العزيز صلى الله عليه و سلم اختصره من الجامع وذيله وكنوز الحقائق والبدر المنير وهو في اربعة كراريس وقد شرحه العلامة سيدي محمد الجوهري وقرأه دروسا ومنها شرح صيغة القطب بن مشيش ممزوجا وهو من غرائب الكلام ومنها مشارق الانوار في الصلاة والسلام على النبي المختار توفي رضي الله عنه في هذه السنة
ومات الشيخ الفاضل الصالح احمد بن يوسف الشنواني المصري الشافعي المكني بأبي العز المكتب الخطاط ويعرف ايضا بحجاج وأمه الشريفة خاصكية ابنة القاضي جلبي بن احمد العراقي من ذرية القطب شهاب الدين العراقي دفين شنوان الغرف بالمنوفية حفظ القرآن وجوده على الشيخ المقرى حجازي بن غنام تلميذ الزميلي وجود الخط المنسوب على الشيخ احمد بن اسمعيل الافقم ومهر فيه وأجيز فنسخ بيده كثيرا من المصاحف ونسخ الدلائل والكتب الكبار منها الاحياء للغزالي والامثال للميداني وانتفع الناس به طبقة بعد طبقة وفي غضون ذلك تردد على جملة من الشيوخ كالشهابين الملوي والجوهري وأخذ عنهما أشياء والشمس الحفني والشيخ حسن المدابغي ومحمد بن النعمان الطائي في آخرين وأحبوه وجاور بالحرم سنة ثم عاد الى مصر ولازم معنا كثيرا على شيخنا السيد مرتضى في حضور الحديث فسمع البخارى بطرفيه ومسلما بطرفيه وسنن أبي داود الى قريب ثلثيه وغالب الشمائل للترمذي وثلاثيات البخاري وثلاثيات الدرامي والحلية لابي نعيم من اوله الى مناقب العشرة وأجزاء كثيرة بحدودها في ضمن اجازته باسانيدها وكان نعم الرجل صحبة وديانة وحفظا للنوادر من الاشعار والحكايات وأصيب المترجم بكريمتيه عوضه الله دار الثواب من غير سابقة عذاب ولا عتاب توفي سابع عشرين جمادى الاولى من السنة
ومات الامام الفقيه المحدث البارع المتبحر علام المغرب الشيخ ابو عبد الله محمد بن الطالب بن سودة المري الفاسي التاودي ولد بفاس سنة 1128 وأخذ عن ابي عبد الله محمد بن عبد السلام بناني الناصري شارع الاكتفاء والشفاء ولامية الزقاق وغيرها والشهاب احمد بن عبد العزيزالهلالي السجلماسي قرأ عليهما الموطا وغيرها والشهاب احمد بن مبارك السجلماسي اللمطي قرأ عليه المنطق والكلام والبيان والأصول والتفسير والحديث وكان في أكثرها هو القارىء بين يديه مدة مديدة وأذن له في اقراء الصحيح في حياته فألقى دروسا بين يديه وكان يوده ويسر به ويقدمه على سائر الطلبة ولما توفي ليلة الجمعة تاسع عشر جمادى الاولى سنة خمس وخمسين ومائة والف بالطاعون تزاحم ذو الوجاهات فيمن يلحده في قبره فكان الشيخ هو المتولي لذلك دون غيره وتلك كرامة له ورضوا بذلك قال وكلمته يوما في شأن الحج متمنيا له ذلك فقال لي مشيرا الى شيخه سيدي عبد العزيز الدباغ ان الناس قالوا لي جعلناك في حق فلا تخرج من هذه البلدة وأنت ستحج واعطيك الف دينار وألف مثقال ان شاء الله تعالى قال ولم تك نفسي تحدثني بالحج يومئذ ولم يخطر ببال ومنهم الفقيه المتواضع صاحب التآليف ابو عبد الله محمد ابن قاسم جسوس لازمه مدة وقرأ عليه كتبا منها رسالة بن أبي زيد ومختصر خليل ثلاث ختمات مع مطالعه شروح وحواش والحكم والشمائل وجميع الصحيح من غير فوت شيء منه ومنهم حافظ المذهب الفقيه القاضي ابو البقاء يعيش بن الزغاوي الشاوي قرأ عليه رجز بن عاصم ولامية الزقاق وطرفا من الصحيح توفي سنة 1150 كان منزله بالدوخ في اطراف المدينة فنزل به اللصوص ليلا فدافع عن حريمه وقاتلهم حتى قتل شهيدا رحمه الله ومنهم قاضي الجماعة ومفتي الانام أبو العباس احمد بن احمد الشدادي الحسني قرأ عليه المختصر الخليلي من اوله الى الوديعة او العارية وسمع عليه بعض التفسير من اوله ومنهم الفقيه الزاهد القاضي ابو عبد الله محمد بن احمد التماق قرأ عليه رسالة ابن أبي زيد والحكم والتفسير من اوله الى سورة النساء ومنهم الامام الناسك الزاهد ابو عبد الله محمد بن جلون قرأ عليه الاجرومية وختم عليه الالفية مرتين والمختصر الخليلي من اوله الى اليمين ولم يكن له نظير في الضبط والاتقان والتحرير وهو اول شيخ اخذ عليه وذلك قبل البلوغ وكان اذا قام من دروسه عرض على نفسه ماقاله فيجده لا يدع منه حرفا واحدا ومنهم سيبويه زمانه ابو عبد الله سيدي محمد ابن الحسن الجندوز قرأ عليه الالفية فكان يملي من حفظه في اثنائه الشروح والحواشي وشروح الكافية والتسهيل والرضي والمعنى والشواهد وغير ذلك مما يستجاد ويستغرب وقرأ عليه السلم والتلخيص ومن انصافه انه لما قرب اواخره بلغه ان الشيخ بن مبارك يريد ان يقرأه فقام مع جماعة وذهب اليه ليسمع منه وهذا من حسن انصافه واعترافه بالحق ومنهم ابو العباس احمد بن علال الوجاري قرأ عليه الالفية بلفظة ثلاث مرات وشيئا من التسهيل والمغنى وقد ذكر له بعض الشيوخ عن ابن هشام انه قرأ الالفية الف مرة فقال له بعض من سمعه وكم قرأتها قال اما المائة فجزتها فهؤلاء عشرة شيوخ كذا لخصتها من اجازة المترجم للشيخ احمد ابن علي بن عبد الوهاب بن الحاج الفاسي في تاسع جمادى الثانية سنة ثلاث والف وحج المترجم فقدم مصر سنة احدى وثمانين ورجع سنة 1182 وعقد درسا حافلا بالجامع الازهر برواق المغاربة فقرأ الموطأ بتمامه وحضره غالب الموجودين من العلماء واجاد في تقريره وافاد وسمع عليه الكثير اوائل الكتب الستة والشمائل والحكم وغيرها واجاز ولقي بمكة ابا زبد عبد الرحمن بن اسلم اليمني وابا محمد حسين بن عبد الشكور صاحب الشيخ عبد الله الميرغني والشيخ ابراهيم الزمزمي وغيرهم وبالمدينة ابا عبد الله محمد بن عبد الكريم السمان وابا الحسن السندي وعبد الله جعفر الهندي وغيرهم واجازوه واجازهم وعاد الى مصر واجتمع بفاضلها كالجوهري والصعيدي وحسن الجبرتي والطحلاوي والسيد العيدروس والشيخ محمود الكردي وعيسى البراوي والبيومي والعربان وعطية الأجهوري وكان صحبته ولداه سيدي محمد وهو الاكبر وسيدي أبو بكر خالي العذار جميل الصورة وتردد على الشيخ الوالد كثيرا وتلقى عنه بعض الرياضيات وترك عنده ولديه المذكورين مدة اقامته بمصر فكنا نطالع معهما سوية صحبة الشيخ سالم القيرواني والشيخ احمد السوسي ونسهر غالب الليل نراعي المطالع والمغارب وممرات الكواكب بالسطح حذاء خيط المساترة ونراجع الشيخ فيما يشكل علينا فهمه وهو معنا في ناحية اخرى واوقفت سيدي ابا بكر على طريق رسم ربع الدائرة المقنطر والمجيب توفي سيدي محمد بفاس سنة 1193 ومن تآليف المترجم حاشية قوله وارخه الى آخره ابتداء التاريخ من الزاي من زج مع حساب السنين بثلاثمائة على قاعدة المغاربة الا انه يزيد واحدا عن سنة الوفاة فلعله مات سنة اربع وتسعين ومائة والف كما يظهر ذلك بحساب التاريخ على البخاري في اربع مجلدات وحاشية على الزرقاني شارح خليل وشرحان على الاربعين النووية ومناسك حج وشرح الجامع لسيدي خليل وشرح تحفة بن عاصم في القضاء والاحكام والمنحة الثابتة في الصلاة الفائتة وفتح المتعال فيما ينتظم منه بيت المال وحاشية علي بن جزي المفسر وحاشية على البيضاوي لم تكمل وشرح المشارق للصاغاني ومنظومة فيما يختص بالنساء وكلفه سلطان المغرب خطة القضاء في سنة 1203 فقبلها كرها وكانت فتاويه مسددة واحكامه مؤيدة مع غاية التحرز والصيانة والاتقان وبالجملة فكان عين الاعيان في عصره ومصره شهير الذكر وافر الحرمة مهيب الصورة يغلب دلاله على جماله قليل التبسم ولما توفي مولاي محمد سلطان المغرب ووقع الاختلاف والاضطراب بين اولاده اجتمع الخاصة والعامة على رأى المترجم فاختار المولى سليمان وبايعه على الامر بشرط السير على الخلافة الشرعية والسنن المحمدية وبايعه الكافة بعده على ذلك وعلى نصره الدين وترك البدع والمظالم والمكوس والمحارم وكان كذلك ولم يزل المترجم على طريقته الحميدة حتى توفي في هذه السنة وتوفي بعده ابنه سيدي ابو بكر في سنة عشر ومائتين والف
ومات الامام العلامة والوجيه الفهامة الشيخ احمد بن محمد بن جاد الله ابن محمد الخناني المالكي البرهاني وجده الاخير يعرف بأبي شوشة وله مقام بزار بام خنان بالجيزة نشأ في طلب العلم وحضر أشياخ الوقت ولازم السيد البليدي وصار معيدا لدروسه بالازهر والاشرفية وانتفع بملازمته له انتفاعا كليا وانتسب اليه وأجازه اجازة مطولة بخطه ونوه بشأنه فلما توفي شيخه المذكور تصدر لاقراء الحديث مكانه بالمشهد الحسيني واجتمع عليه الناس وحضره من كان ملازما لحضور شيخه من تجار المغاربة وغيرهم واعتقدوا صلاحه وتحبب اليهم وواسوه بالصلاة والزكوات النذور وواظب الاقراء بالازهر ايضا وزيارة مشاهد الاولياء واحياء لياليها بقراءة القرآن والذكر ويقوم دائما من الثلث الاخير من الليل ويذهب الى المشهد الحسيني ويصلي الصبح بغلس في جماعة وزاد اعتقاد الناس فيه واتسعت دنياه مع المداومة على استجلابها وامسكاها وبآخرة اشترى دارا عظيمة بحارة كنامة المعروفة الان بالعينية بالقرب من الازهر وانتقل اليها وسكنها وكان يخرج لزيارة قبور المجاورين في كل يوم جمعة قبل الشمس فنزل العرب في بعض الجمع الى بين الكيمان فأراد الهروب وكان جسيما فسقط من على بغلته على خربته فانكسر زره وحمل الى داره وعالج نفسه شهورا حتى عوفي قليلا ولم يزل تعاوده الامراض حتى توفي رحمه الله وما رأيته قط الا وهو يتلو قرآنا أو يطالع كتابا سامحه الله تعالى
ومات الامام الفاضل الصالح النجيب المفوه الناجح الشيخ محمد ابن احمد بن خضر الخربتاوي المالكي الازهري قرأ على والده وحضر دروس شيخنا الشيخ علي العدوي الصعيدي وبه تخرج وانجب في العلوم وله سليقة جيدة في النثر والنظم وحصل كتبا نفيسة المقدار زيادة على الذي ورثه من والده وله محبة في آل البيت ومدائح كثيرة وهو ممن قرظ على شرح القاموس لشيخنا السيد محمد مرتضى تقريظا بديعا ولم يزل المترجم مقبلا على شأنه مواظبا على دروسه حتى توفي في هذه السنة رحمه الله
ومات الاجل الصالح الناسك المسلك العارف الشيخ محمد بن عبد الحافظ افندي ابو ذاكر الخلوتي الحنفي اخذ الطريق عن السيد مصطفى البكري والشيخ الحفني وحضر الفقه على العلامة الشيخ محمد الدلجي والشيخ احمد الحماقي وادرك الاسقاطي والمنصوري ولم يتزوج قط وكف بصره سنة 1181 وانقطع في بيته احدى وعشرين سنة بمفرده وليس عنده قريب ولا غريب ولا جارية ولا عبد ولا من يخدمه في شيء مطلقا وبيته متسع جهة التبانة وبابه مفتوح دائما وعنده الاغنام والدجاج والاوز والبط والجميع مطلوقون في الحوش وهو يباشر علفهم واطعامهم وسقيهم الماء بنفسه ويطبخ طعامه بنفسه وكذلك يغسل ثيابه واشتهر في الناس بان الجن تخدمه وليس ببعيد لانه كان من اهل المعارف والاسرار ويأتي اليه الكثير من الطلبة للاخذ عنه والتلقي منه وكان له يد طولي في كل شيء ومشاركة جيدة في العلوم والمعارف والاسماء والروحانيات والاوفاق واستحضار تام في كل ما يسأل عنه وعنده عدة كثيرة من السنانير ويعرفها بالواحد بأسمائها وأنسابها وألوانها ويقول هذه تحفة بنت بستانه وهذه كمونة بنت ياسمين وهذه فلانة أخت فلانة الى غير ذلك توفي رحمه الله تعالى في شهر شوال من هذه السنة
ومات الامام العلامة والرحلة الفهامة المعمر المتقدم الشيخ مصطفى المرحومي الشافعي ولد بمحلة المرحوم بالمنوفية وقرأ القرآن وحفظه وجوده وحضر الى مصر المتون وتفقه على الاشياخ المتقدمين كالدفري والمدابغي والشيخ علي قايتباي والملوي والحفني وغيرهم ومهر في المعقول والمنقول وأملى الدروس بالازهر وجامع أزبك وانتفع به الناس كان يتردد الى بيوت بعض الاعيان ويحبونه ويكرمونه ويستفيدون من فوائده ونوادره وكان له حافظة واستحضار للمناسبات والاشعار واللطائف لا يمل حديث ومفاكهته توفي في هذه السنة رحمه الله
ومات الامام العلامة الفقيه النحوي الاصولي الجدلي النحرير الفصيح المتقن المتفنن الشيخ علي الشهير بالطحان الازهري المصري حضر شيوخ العصر ولازم الشيخ الملوي والجوهري وكان معيد الدروس الاخيروبه وبه تخرج وكان يقرأ الكتب ويقرر الدروس بدون مطالعة الا انه كان يغلب عليه الملل والسآمة وحب البطالة غالب ايامه ولا يتعفف عن الدنيا من أي وجه كان ويطلبها وان قلت وكانت سليقته جيدة في النثر والنظم وله منظومة في الفقه ومنظومة في المنطق ومنظومتان في التوحيد كبرى وصغرى ومنظومة في المنطق ومنظومتان في التوحيد كبرى وصغرى ومنظومة في العروض ومنظومة في البان ومنظومة في الطب وله لاميتان على محاكات لامية بن الوردي كبرى الملوي على السمرقندية توفي في اواخر شعبان من السنة
ومات الامام العلامة النبيه الوجيه الفاضل المستعد الشيخ يوسف ابن عبدالله بن منصور السنبلاويني الشهير برزه الشافعي تفقه على بلدية الشيخ احمد رزة وحضر دروس الشيخ الحفني والشيخ البراوي والشيخ عطية والشيخ الصعيدي وغيرهم من الاشياخ وأنجب ودرس وأفاد ولازم الاقراء وكان انسانا وجيها محتشما ساكن الجاش وقورا بهي الشكل قانعا بحاله لا يتداخل كغيره في أمور الدنيا مجمل الملابس لا يزيد على ركوب الحمار في بعض الاحيان لبعض الامور الضرورية ولم يزل حتى تعلل وتوفي في هذه السنة رحمه الله تعالى
ومات العلامة المفيد المفوه المجيد الشيخ عبد الرحمن بن علي بن الامام العلامة عبد الرؤوف البشبيشي نشأ في حجر والده وحفظ القرآن وحضر الاشياخ وتفقه في مذهب ابيه وجده وهم شافعيون واجتمع بالشيخ الوالد ولازمه ملازمة كلية وحضر عليه في مذهب أبي حنيفة وحفظ كثيرا من الفروع الغريبة في المذهب والرياضيات وأقراني في حال الصغر شيئا من القرآن وحروف الهجاء وكان به بعض رعوته فانتقل الى مذهب أبي حنيفة واخبر الوالد بذلك يظن سروره في انتقاله فلامه على فعله وانحط قدره عنده من ذلك الوقت وذلك بعد موت والده في سنة 1187 واملق حاله وتكدر باله وسافر بآخرة الى دمياط واقام بها مدة يفتي على مذهب الحنفية وراج أمره هناك لشغور الثغر عن مثله ثم قدم مصر لامر عرض له فأقام بمصر واراد بيع داره ليصرف ثمنها في شؤونه فلم يجد من يشتريها بالثمن المرغوب وكان انسانا حسنا يذاكر بفوائد مع حسن المعرفة وصحة الذهن وربما تعلق ببعض فنون غريبة ولذا قل حظه رحمه الله في هذه السنة وحيدا في داره وهو جالس
ومات المجذوب المعتقد السيد علي البكري أقام سنينا متجردا ويمشي في الاسواق عريانا ويخلط في كلامه وبيده نبوت طويل يصحبه معه في غالب اوقاته وقد تقدم ذكره وذكر المرأة التي تبعته المعروفة بالشيخة أمونة وكان يحلق لحيته وللناس فيه اعتقاد عظيم وينصتون الى تخليطاته ويوجهون ألفاظه ويؤولونها على حسب أغراضهم ومقتضيات احولهم ووقائعهم وكان له أخ من مساتير الناس فحجر عليه ومنعه من الخروج وألبسه ثيابا ورغب الناس في زيارته وذكر مكاشفاته وخوارق كراماته فأقبل الناس عليه من كل ناحية وترددوا لزيارته من كل جهة وأتوا اليه الهدايا والنذور وجروا على عوائدهم في التقليد وازدحم عليه الخلائق وخصوصا النساء فراج بذلك أمر أخيه واتسعت دنياه ونصبه شبكة لصيده ومنعه من حلق لحيته فنبتت وعظمت وسمن بدنه وعظم جسمه من كثرة الاكل والراحة وقد كان قبل ذلك عريانا شقيانا يبيت غالب لياليه بالجوع طاويا من غير اكل بالازقة في الشتا والصيف وقيد به من يخدمه ويراعيه في منامه ويقظته وقضاء حاجته ولا يزال يحدث نفسه ويخلط في الفاظه وكلامه وتارة يضحك وتارة يشتم ولا بد من مصادفة بعض الالفاظ لما في نفس بعض الزائرين وذوي الحاجات فيعدون ذلك كشفا واطلاعا على ما في نفوسهم وخطرات قلوبهم ويحتمل ان يكون كذلك فانه كان من البله المجاذيب المستغرقين في شهود حالهم وسبب نسبتهم هذه انهم كانوا يسكنون بسويقة البكري لا انهم من البكرية ولم يزل هذه حالة حتى توفي في هذه السنة واجتمع الناس لمشهده من كل ناحية ودفنوه بمسجد الشرايبي بالقرب من جامع الرويعي في قطعة من المسجد وعملوا على قبره مقصورة ومقاما يقصد للزيارة واجتمع عند مدفنه في ليال وميعادات قراء ومنشدون وازدحم عند أصناف الخلائق ويختلط النساء بالرجال ومات اخوه ايضا بعده بنحو سنتين
ومات الوجيه المكرم والنبيه المفخم مصطفى بن صادق افندي اللازجي الحنفي ولد سنة 1174 ونشأ في حجر والده وحفظ القرآن وبعض المتون في صغره وحفظ في صغره وحفظ البرجلي والشاهدي ومهر في اللغة التركية وتفقه على ابيه وقرأ عليه علم الصرف وحضر على بعض الاشياخ ولازم الشيخ محمد الفرماوي واخد عنه النحو وقرأ عليه مختصر السعد وغيره برواق الجيرت بالازهر ثم تصدر للافادة والمطالعة لطلبة الاتراك المجاورين برواق الأورام ولبس له تاجا وفراجة وعمل له مجلس وعظ على كرسي بالجامع المؤيدي وذلك قبل نبات لحيته وكان وسيما جسيما بهي الطلعة أبيض اللون رابي البدن فاجتمع لسماع وعظه ومشاهدة ذاته كثير من الناس من ابناء العرب والاتراك والامراء والاجناد فيقرر لهم بالعربي والتركي بفصاحة وطلاقة لسان وممن كان يحضره علي أغا مستحفظان وهام فيه واحبه وصار يتردد اليه كثيرا ويذهب هو ايضا الى داره كثيرا وكان والده متوليا على وقف اسكند ومشيخة التكية بباب الخرق فكان هو المتكلم على ذلك عوضا عن أبيه واتفق انه حاسب المباشر على ذلك وهو الشيخ احمد الصفطة وطالبه بما تأخر عليه فما طلبه فأغرى به علي أغا المذكور فطلب الشيخ احمد المذكور ونكل به وشهره وعلقه على شباك السبيل بباب الخرق بقاووقه وهيئته واجتمع الناس للفرجة عليه يوما كاملا ثم اطلقه فاشتهر أمر المترجم وهابه الناس واكثر من الترداد الى بيوت الامراء وعظموه وأحبوه وأكرموه لاتحاد الجنسية وارتباط الحيثية ولما توفي مصطفى افندي شيخ رواقهم انتبذ هو لطلب المشيخة وذهب الى مراد بك فألبسه فروة على مشيخة الرواق فتعصب اهل الرواق وأبو مشيخته عليهم لحداثة سنه واجتعوا وذهبوا الى مراد بك فزجرهم ونهرهم وطردهم فرجعوا بقهرهم وسكتوا واستمر شيخا عليهم يأتي الى الرواق في كل يوم ويقرأ لهم الدرس كما كان من قبله واشتهر ذكره وعظمت لحيته وصار ذا وجاهة عظيمة وسكن دارا عظيمة جهة التبانة من وقف رواقهم ودعا اليه الاعيان والاكابر وعمل لهم ولائم وقدم لهم التقادم والهدايا واحتفل به مصطفى أغا الوكيل وسعى له في اشغاله وكاتب الدولة في شأنه فأرسلوا له مرتبا بالضربخانة وقدره مائة وخمسون نصفا في كل يوم واتسع حاله واقبلت عليه الدنيا من كل جهة ومات ابوه في سنة اربع ومائتين وألف وكان ذا مكنة وحرص فأحرز مخلفاته ايضا وباع تركته وكان سليط اللسان في حق الناس فاتفق انه لما حضر حسن باشا الى مصر فحضر مرة الى زيارة المشهد الحسيني وجلس مع الشيخ السادات والشيخ البكري فدخل عليهم المترجم فجلس هنيهة ثم قام فسأل عنه حسن باشا فأخبره الشيخ السادات عن احواله وتكلمه في حق الناس فأمر بنفيه فأنزعج عليه والده ثم ذهب الىحسن باشا وكلمه فرق له ورحم شيبته وامر برد ابنه فرجع من ليلته ولم يزل يسعى ويتحيل حتى احضر حسن باشا الى داره وجدد معه صداقة وصحبة حتى كان أن يأخذه صحبته ولم يزل في فوعته وفورته حتى غار ماء حياته وانغلق عن الفتح باب قبره عند مماته وهو مقتبل الشبيبة في هذه السنة
ومات الشيخ المحترم المبجل الشيخ احمد بن الامام العلامة سالم النفراوي المالكي نشأ في حجر والده في رفاهية وتنعم ورياسة ولما مات والده تعصب له الشيخ عبد الله الشبراوي وحاز له وظائف والده وتعلقاته وأجلسه للاقراء في مكان درس أبيه وأمر جماعة ابيه بالحضور عليه وكان الشيخ علي الصعيدي من اكبر طلبة ابيه فتطلع للجلوس في محله وكان أهلا لذلك فعارضه الشيخ الشبراوي وأقصاه وصدر ولده لذلك مع قلة بضاعته ولتغة في لسانه فحقد ذلك في نفسه الشيخ الصعيدي سنينا وكان المترجم ذا دهاء ومكر وتصدي للقضايا والدعاوي واتخذ له أعوانا واشتهر ذكره وعد من الكبار وترددت اليه الامراء والاعيان وصار ذا صولة وهيبة ولما ظهر شأن علي بك كان يرعى له حقه وحالته التي وجده عليها ويقبل شفاعته ويكرمه حتى انه كان يأتي اليه بداره التي بالجيزة فلما مات علي بك وانتقلت الرياسة الى محمد بك وكان له عناية بالشيخ الصعيدي ويسمع لقوله وكان السيد محمد بدوي بن فتيح القباني مباشر المشهد الحسيني يعلم كراهة الشيخ الصعيدي الباطنية للمترجم فيرصد الوقت الذي يحضر في الشيخ الصعيدي عند الامير ويفتح مذاكرته والتكلم في حقه فيساعده الشيخ ويظهر المكمون في نفسه من المترجم ويذكرون مساويه وقبائحه وما بيده من الوظائف بغير حق وما تحت نظارته من الاوقاف المتخربة حتى اوغروا صدر الامير عليه فنزع منه وظائفه وفرقها على من اشاروا عليه بتقليده اياها وأهانه فعند ذلك تسلطت عليه الالسن وكثرت فيه الشكاوي وتجاسر عليه الانذال وتطاول عليه الارذال وهدموابيته الذي بالجيزة لانه كان تعدى في بنائه وأخذ قطعة من الطريق التي يسلك منها الناس فعند ذلك خمل ذكره وبرد امره واستمر على ذلك حتى توفي في هذه السنة غفر الله له وسامحه بمنه وكرمه
عجائب الآثار في التراجم والأخبار
المؤلف : عبد الرحمن بن حسن الجبرتي
مجلة نافذة ثقافية ـ البوابة