من طرف همسات الجمعة يونيو 16, 2017 10:44 pm
بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مكتبة العلوم الشرعية
رسالة في آداب الأكل
نَومُ الغَداةِ لِلرزقِ مَنقَصَةٌ . بَعدُ العَصير يَمُدُ العَقلَ بِالخَبَلِ
قال الحليمي يكره نوم الغادة وهو أول النهار لقوله صلى الله عليه وسلم: (الصبحية تذهب الرزق) قال ويكره بعد العصر لقوله صلى الله عليه وسلم: (من نام بعد العصر وأصابه لمم فلا يلومن إلا نفسه) واللمم الجنون وسمي لمماً لأنه يلم بالشخص ويعتريه والخبل الجنون.
وَلا تَنُم في سُطوحٍ لا حَضيرَ لَهُ . وَلا تَنُم خالِياً في البَيتِ وَاكتَفِلِ
قال الحليمي يكره أن ينام على سطح غير محوط لقوله صلى الله عليه وسلم: (من نام على ظهر بيت ليس عليه ما يستره فمات فلا ذمة له) ويكره أن ينام الرجل وحده في بيت قال الحليمي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينام الرجل وحده أو يسافر وحده وقال: (لو يعلم الناس ما في الوحدة لم يمش راكب بليل وحده أبداً) قوله واكتفل أي كن في كفالة غيرك عند النوم أي في حراسته.
وَقيلَ ظَهيرٌ فَنَم مَعنى الحَديثِ كَذا . قيلوا فَإِنَّ أخا الشيطانِ لَم يَقُلِ
ولا تَنَم في لِحافٍ قَد حَوى رَجُلاً . وَلا صَبياً وَبِن عَن ذاكَ وَاعتَزِلِ
عَندَ التَجَرُدِ حُضِ النَهيَ بَعضُهُموا . وَبَعضُهُم قالَ بِالتَعميمِ فانتَقِلِ
قال الزمخشري قوله صلى الله عليه وسلم: (قيلوا فإن الشياطين لا تقيل) إن القيلولة هي النومة قبل الظهر ويحرم نوم اثنين تحت لحاف واحد لنهيه صلى الله عليه وسلم عن المجامعة وهي نوم رجلين تحت ثوب واحد ثم قال النووي في شرح مسلم هذا إذا كانا متجردين عن الثياب وأطلق الرافعي التحريم وكذا النووي في الروضة وينبغي التحريم في نوم الأمرد مع الرجل مطلقا لغلبة وقوع المفسدة.
وَفي المَضاجِعِ فَرقُ صَبِيَةٍ بَلَغوا . حَدُ الجِماعِ وزوجاً ذايقِ العَسَلِ
في الحديث (مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم على تركها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع) فعلى كل من الأبوين أن يفرق بين أولاده في المضاجع عند النوم فيجعل لكل صبي وصبية فراشا وحده إذا بلغا حد الشهوات في الجماع.
قوله زوج ذايق العسل هو كناية عن لذة الجماع كما جاء في الحديث (متى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك) كنى بالعسيلة عن النطفة ثم عن لذة الجماع فهي المجاز فينبغي للأب أن يزوج ولده إذا بلغ حد الشهوة لئلا يعتاد الفاحشة.
وَلا تَنَم قَبلَ فَرضٍ خِفتَ ضيعت . فَإِن ذاك حَرامٌ واضِحُ الخَلَلِ
وَالنَومُ قَبلَ العَشاءِ جاءَت كَراهَتُهُ . فَدَع مَنامُك وَارعَ الفَرضَ وَامتثِل
وَالنَومُ في مَسجِدٍ جاءَت اِباحَتُهُ . وَالكُرهَ عَن مالِكٍ خُذهُ بِلا جَدَلِ
يحرم النوم قبل أداء الفريضة إذا خشي فوتها حتى لو علم أنه إذا نام قبل الوقت لا يستيقظ حتى يخرج الوقت حرم النوم لأنه يفوت الواجب وهذا كما قالوا يجب السعي إلى الجمعة قبل الوقت على من داره بعيدة ويجب تعلم الفاتحة قبل الوقت لمن لا يمكنه التعلم بعد الوقت ويكره بعد دخول وقت العشاء النوم قبلها وكره مالك النوم في المساجد وعندنا مباح لأن عليا رضي الله عنه نام في المسجد فجاءه النبى صلى الله عليه وسلم وكان غضبانا على أهله فقال له: (قم أبا تراب) ولم ينهه عن ذلك.
وَلَم تَنَم بَينَ أقوامٍ عَلى سَهرٍ . وَكُن أدوباً تُرى في الناسِ يَحِلُ
وَإِن نَعستَ فَقُم خَلي المَكانِ وَدُم . دَفَعَ النُعاسُ بِما يَأتي مِنَ الحِيَلِ
لا ينبغي النوم بحضرة أقوام مستيقظين لأنه قد يخرج منه ريح فيشوش على الحاضرين ولأن فيه قلة مرؤة فإن غلب النعاس على شخص فينبغي له التحول إلى مكان آخر وقد جاء الأمر بالتحول في حديث.
في يَقَظَةٍ جَرَدَت فَضلٌ لِصاحِبِها . أو نَومَةٌ جاءَ خَلفَ قَد حَلوه جلى
ذكر أبو طالب المكي في (قوت القلوب) كلاما في اليقظة إذا كانت مجردة عن ذكر الله تعالى وسائر العبادات هل هي أفضل من النوم أم النوم أفضل منها فقيل هي أفضل لأن النوم نقص وقيل النوم أولى لأنه قد يرى فيه البارىء جل وعلا والأنبياء والصالحين وليس الكلام في نوم يتقوى به على طاعة الله تعالى أو يترك به معصية.
حَقيقَةَ النَومِ قَد مازوا بِأربَعَةٍ . في روضَةٍ عَدَها خُذها بِلا جَدَلِ
فَقَد الشُعورَ وَرُؤيا النَومِ ثالِثُها . فَقَدُ السَماعِ وَالإِستِرخاء فاحتَفِلِ
اختلفوا في النوم فقيل ريح تأتي الإنسان إذا شمها ذهبت حواسه كما تذهب الخمر بعقل شاربها وقيل النوم إنعكاسُ الحواس الظاهرة إلى الباطنة حتى يصح أن يرى الرؤيا وللنوم أربع علامات عدها في الروضة الأولى فقد الشعور حتى لو مسه إنسان أو وقع على جسده ماء لم يحس به ولم يشعر الثانية أن يرى في منامه رؤيا الثالثة استرخاء الأعضاء فلو كان قابضا بكفه على دراهم ثم نعس فاستيقظ فوجها قد سقطت من يده من غير شعور بها دل على نومه الرابعة أن يخفى عليه كلام الحاضرين فلا يدري ما قالوا.
وَكَثرَةُ النَومِ نَقصٌ في الحَياةِ فَنُم . ثُلُثَ الحَياةِ وَقُم بِالثُلُثِ وَاشتَغِلِ
وَإِن نَعَستَ فَدَع ثِقَلَ الصَلاةِ وَنَم . وَاعمَل بِطَوقَكِ في الأَحوالِ اِبتَهِل
قال الغزالي ينبغي لكل أحد أن لا ينام في اليوم والليلة أكثر من ثمان ساعات لأنه إذا عاش ستين سنة يكون قد نام فيها عشرين سنة وينبغي أن يصرف ثلث ليله في الطاعات والثلث الأوسط في الصلاة وهذا التقدير كله مأخوذ من إخباره صلى الله عليه وسلم عن داود عليه السلام أنه كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه وذلك ثلث العمر قوله وإن نعست فدع إذا عرض للإنسان نعاس وهو يصلي أو يتلو كتاب الله فينبغي له قطع ما هو فيه والاشتغال بالنوم وقد جاء ذلك معللا بقوله صلى الله عليه وسلم: (فإن أحدكم لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه).
وَانفَض فِراشَكَ بَعدَ العودِ . فَفِعلُهُ قَد حَوى نَوعاً مِنَ الأصلِ
يستحب للإنسان إذا فارق فراشه وعاد إليه أن ينفضه قبل أن ينام فيه لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أوى أحدكم الى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره لا يدري ما خلفه بعده).
رسالة في آداب الأكل
المؤلف : الأقفهسي
مجلة نافذة ثقافية الإلكترونية ـ البوابة