منتدى همسات الحموات

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    كتاب الإقرار [ 4 ]

    avatar
    همسات
    Admin


    المساهمات : 1997
    تاريخ التسجيل : 18/02/2015

    كتاب الإقرار [ 4 ] Empty كتاب الإقرار [ 4 ]

    مُساهمة من طرف همسات السبت ديسمبر 04, 2021 9:44 pm

    كتاب الإقرار [ 4 ] Fekyh_18

    بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
    مكتبة الفقة الإسلامي
    المحرر في الفقه
    على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
    المجلد الثاني
    كتاب الإقرار [ 4 ] 1410
    ● [ تابع كتاب الإقرار ] ●

    ● تابع باب ما يحصل به الإقرار وحكم ما يصله به مما بغيره

    O متابعة المتن
    وكذا إن قال له في ميراث أبي ألف فهو دين على التركة.
    وإن قال له من مالي ألف أو له نصف مالي وفسره بابتداء التمليك وأنه قد رجع عنه أو مات ولم يفسره لم يلزمه شيء وإن قال له داري هذه أو نصف داري أو في مالي ألف أو من ميراثي من أبي ألف فعلى روايتين.
    __________
    قوله: "وكذا إن قال في ميراث أبي ألف فهو دين على التركة".
    لأن مقتضاه ما خلفه أبوه لإضافته الميراث إليه فاقتضى وجوب ما أقر به.
    قوله: "وإن قال له من مالي ألف أو نصف مالي وفسره بابتداء التمليك وأنه قد رجع عنه أو مات ولم يفسره لم يلزمه شيء".
    لأن لفظه يحتمل تفسيره ويحتمل غيره فلا ننتقل عن الأصل بالاحتمال أو باحتمال ظاهر لفظه خلافه ولهذا قال لو مات ولم يفسره لم يلزمه شيء فعلى هذا لا يكون لفظه محتملا بحيث يؤاخذ بتفسيره وهو معنى كلام غيرهم وإن فسره بدين أو وديعة أو وصية قبل لأنه يجوز أن يضيف إليه مالا بعضه لغيره ومال غيره أيضا لا اختصاص له بدليل أو ولاية.
    وكلام بعضهم يقتضي قبول تفسيره بالهبة وغيرها فعلى مقتضاه يكون محتملا غير طاهر في شيء فيؤاخذ بتفسيره.
    قوله: "وإن قال له داري هذه أو نصف داري أو في مالي ألف أو في ميراثي من أبي ألف فعلى روايتين".
    إحداهما يكون إقرارا.
    قال القاضي في التعليق فإن قال له في مالي ألف درهم أو في عبدي هذا نصفه أو قال له عبدي هذا أو داري هذه كان إقرارا صحيحا.
    قال في رواية ابن منصور إذا قال الرجل فرسي هذا لفلان فإذا أقر له وهو صحيح فنعم فأما إن أقر وهو مريض فلا فقد حكم بصحة هذا الإقرار مع إضافته إليه.
    وقال أيضا في رواية مهنا إذا قال نصف عبدي هذا لفلان لا يجوز إلا أن يكون وهبة أو أقر له به فقد حكم بصحة الإقرار مع الإضافة إذا أتى بلفظ الإقرار كذا قال.
    وحكى مثل هذا عن أصحاب أبي حنيفة وقال أصحاب الشافعي لا يكون إقرارا ويرجع إليه فإن قال هبة لم أقبضه إياها كان القول قوله وإن كان دينا كان القول قوله ولزمه.
    قال الشيخ تقي الدين كلام الإمام أحمد نص في أن الإضافة لا تمنع أن يكون إقرارا لكن ليس صريحا في أن هذا اللفظ بمجرده إقرار وهذا محل الخلاف كذا قال.
    ووجه هذه الرواية أنه أقر له بجزء من ماله فأشبه ما لو قال له علي ألف أو لفظ يفهم منه الإقرار فأشبه ما ذكرناه.
    فعلى هذا إذا فسر هذا اللفظ بما لا يقتضي الملك لم يقبل قاله القاضي.
    ويؤخذ من كلام غيره كما لو قال له في مال أبي أو في تركة أبي ألف وأبوه ميت فإنه يكون له مقرا بألف تستوفى من تركة أبيه بلا خلاف عنده وقاسه القاضي على ما لو قال له على درهم ثم قال أردت درهم زعفران فإنه لا يقبل وإن كان الزعفران يوزن وكما لو قال العبد الذي في يدي والثانية لا يكون إقرارا لأنه أضاف المقر به إليه والإقرار إخبار بحق عليه فالظاهر أنه جعله له وهو الهبة والظاهر على هذه الرواية يكون الحكم كالمسألة قبلها.
    فقد فرق في المحرر بين "مالي" و"في مالي" وبين "نصف مالي" و"نصف داري" وكلام غيره يدل على التسوية بين الصور كلها وأنها على روايتين.
    قال في المستوعب فإن قال له في مالي أو من مالي أو قال له عبدي هذا أو داري هذه أو فرسي هذه أوله في عبدي هذا نصفه وفسره بالهبة قبل منه وإلا فلا يلزمه شيء ولا فرق في جميع ذلك بين "من" و"في" وأنه متى أضاف الملك إلى نفسه ثم أخبر بشيء منه لغيره لم يكن إقرارا.
    وقد نقل ابن منصور عن الإمام أحمد إذا قال الرجل فرسي هذا لفلان فإقراره جائز إذا كان صحيحا وهذا يقتضي صحة الإقرار مع إضافة الملك إليه وهو الذي نصره القاضي في الخلاف انتهى كلامه.
    وهو معنى كلام الشيخ تقي الدين وغيره وأنه قد نقل عن أحمد ما يدل على روايتين قال في رواية مهنا فيمن قال نصف عبدي هذا لفلان لم يجز حتى يقول وهبته وإن قال نصف مالي لفلان لا أعرف هذا.
    ونقل ابن منصور إذا قال فرسي هذا لفلان بإقراره جائز.
    وظاهر هذه صحة الإقرار وأما حكايته في المحرر الروايتين في ميراثي من أبي ألف فهو معنى كلام غيره لأنها في معنى الصور البواقي ولغير واحد من الأصحاب كلام هنا فيه نظر.
    ● فرع
    فإن قال له في داري نصفها بحق لزمني أو بحق له قبلي فهو إقرار على كلا الروايتين.
    قال القاضي لأنه إذا قال بحق فقد اعترف أن المقر له يستحق ذلك بحق واجب عرفه له ولزمه الإقرار به.
    وقال في الرعاية صح على الأصح فحكى فيها الروايتين.

    O متابعة المتن
    وإن قال له هذه الدار عارية ثبت به حكم العارية لا ملك الرقبة.
    وإذا قال هذا العبد لزيد لا بل لعمرو أو غصبته من زيد لا بل من عمرو أو غصبته من زيد وغصبه زيد من عمرو لزمه دفعه إلى زيد ودفع قيمته إلى عمرو.
    __________
    قوله: "وإن قال له هذه الدار عارية ثبت به حكم العارية لا ملك الرقبة".
    وإن قال سكنى فكما لو قال عارية وإن قال له هذه الدار هبة اعتبرت شروطها قطع بها في هذه المسائل جماعة لأنه رفع بآخر كلامه بعض ما دخل في أوله فصح وذكر القاضي وجها أنه لا يصح ذلك لأنه استثناء من غير الجنس.
    فعلى هذا تثبت له الدار ملكا والأولى وليس هنا من أدوات الاستثناء شيء وإنما هذا بدل اشتمال وهو أن يبدل من الشيء بعض ما يشتمل عليه ذلك الشيء وهو شائع في اللغة وهو في القرآن كثير كقوله تعالى: [217:18] {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} فقتال بدل من الشهر وكقوله تعالى: [63:18] {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} أي نسياني ذكره وكقوله تعالى: [21:33] {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ} وكقوله تعالى: [5،4:85] {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ} وكقوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ} ولأنه لو قال هذه الدار ثلثها ربعها صح وكان مقر بالجزء الذي أبدله وقد أبدل الله سبحانه المستطيع للحج من الناس وهو أقل من نصفهم وأبدل القتال من الشهر وهو غيره فيفارق البدل الاستثناء في هذا ويوافقه في كونه يخرج من الكلام بعض ما يدخل فيه لولاه.
    قوله: "وإذا قال هذا العبد لزيد لا بل لعمرو أو غصبته من زيد وغصبه زيد من عمرو لزمه دفعه إلى زيد ودفع قيمته إلى عمرو".
    قطع بهذا أكثر الأصحاب وسواء كان متصلا أو منفصلا لأنه ثبت ملك زيد فيه بإقراره له أولا وإقراره ثانيا رجوع عن حق آدمي ثابت فلا يقبل على ما تقدم لكن يقبل في حق نفسه فيغرم قيمته له لاعترافه بإحالته بالإقرار الأول بينه وبين ماله فغرمه كما لو أتلفه وللشافعي قول لا يغرم للثاني شيئا وهو وجه لنا لأنه لا يمكن جمعه لكل واحد منهما وإنما جاء التناقض من الإقرار الثاني فيختص البطلان به ولأن الإقرار الثاني إقرار بملك غيره فلا يقبل كما لو قال العبد الذي في يد زيد لعمرو.
    وقال الشيخ تقي الدين يتوجه إذا كان الاستثناء متصلا أن لا يثبت حكم الإقرار الأول كما لو قال كان على وقضيته لأنه كلام منتظم ولهذا لا يثبت به كفر ولا نحوه ولو قال في الطلاق إنه سبق لسانه لكان كذلك انتهى كلامه.
    وقوله: "علي وقضيته أقرب إلى هذه المسألة من كان له علي وقضتيه".
    وعدم ثبوت الكفر لكونه حقا لله فرجوعه عنه مقبول.
    وأما لو قال هذه المطلقة لا بل هذه فإنهما يطلقان فإن ادعى سبق لسانه بالأولى فهل يقبل منه ولا تطلق لم أجد هذا الفرع ولا ببعيد أن يخرج فيها الخلاف فيما إذا أتى بلفظ الطلاق وادعى سبق لسانه إليه وإنما أراد بلفظه غيره وعلى قياسه مسألتنا هذا في الإقرار ونظيرهما في العتق وفي هذا القياس نظر لأفضائه في الإقرار إلى سقوطه وسد بابه لتمكن المقر من رفعه بعد لزومه ظاهرا.
    والطلاق مبغوض إلى الله تعالى والعتق محبوب إليه فافترقا.
    ● فصل
    وكذلك لو قال أودعنيه زيد لا بل عمرو ولو قال هذا العبد الذي هو في يدي حر ثم قال هو لفلان عتق العبد وضمن قيمته للمقر له كما يغرم الشاهد

    O متابعة المتن
    وإن قال غصبته من زيد وملكه لعمرو لم يضمن لعمرو شيئا والعبد لزيد وإن قال ملكه لعمرو وغصبته من زيد فقال القاضي وابن عقيل العبد لزيد ولا يضمن المقر لعمرو شيئا وقيل العبد لعمرو ويضمن المقر قيمته لزيد وهو الأصح.
    __________
    ولو قال هذا الثوب لفلان فهلك في يده قبل أن يسلمه لفلان لزمه الضمان.
    ذكر ذلك القاضي في ضمن الرجوع عن الشهادة وقال الإقرار يتعلق به الضمان كما يتعلق بالشهادة في المواضع التي ذكرناها انتهى كلامه.
    وقد قال أحمد في رجل قال لرجل استودعتك هذا الثوب قال صدقت ثم قال استودعنيه رجل آخر فالثوب للأول ويغرم قيمته للآخر.
    قوله: "وإن قال غصبته من زيد وملكه لعمرو لم يضمن لعمرو شيئا والعبد لزيد".
    وكذا قطع به في المغني وغيرهما في الرعاية أنه الأشهر لغيره لإقراره لزيد باليد.
    وقوله: "وملكه لعمرو" إقرار على غيره فلا يقبل ولا يغرم له شيئا لعدم تفريطه لجواز أن يكون ملكها لعمرو وهي في يد زيد إعارة أو وصية أو غيرهما.
    وقدم في المستوعب أنه يغرم لعمرو كالمسألة بعدها وهو معنى كلام الشيخ شمس الدين في شرحه لكن الظاهر والله أعلم أنه إنما قصد ذكر ما في المغني فينظر فيه.
    قوله: "وإن قال ملكه لعمرو وغصبته من زيد فقال القاضي وابن عقيل العبد لزيد ولا يضمن المقر لعمرو شيئا".
    كالمسألة قبلها.
    قوله وقيل العبد لعمرو ويضمن المقر قيمته لزيد وهو الأصح.

    O متابعة المتن
    ومن باع عبدا ثم أقر أن المبيع لغيره لم يقبل قوله على المشتري ولزمه قيمته للمقر له.
    __________
    وقال في المغني هذا وجه حسن لأنه ثبت لعمرو بإقراره السابق فلا يقبل بعد إقراره باليد لزيد وللشافعية وجهان كهذين.
    وقطع أبو الخطاب في الهداية في هذه المسألة بأن العين للمغصوب منه ويضمن المقر لمن اعترف له بالملك القيمة وتبعه في المقنع والخلاصة وذكر في الرعاية الكبرى أنه الأشهر وقدمه في المستوعب ولم أدر ما يوجه به هذا الوجه ومن العجب أن ابن عبد القوي لم يذكره في كتابه مع أنه ينظم المقنع ويزيد عليه وإنما نظم ما في المحرر.
    ● فرع
    ولا فرق في ذلك بين المتصل والمنفصل ولو قال هذا الألف دفعه إلى زيد وهو لعمرو أو قال لعمرو ودفعه إلى زيد فعلى ما تقدم ذكره في المغني وهو واضح.
    قوله: "ومن باع عبدا ثم أقر أن المبيع لغيره لم يقبل قوله على المشتري ولزمه قيمته للمقر له".
    لأن إقرار الإنسان على غيره لا يقبل ولأنه فوته عليه بالبيع فغرمه كتفويته بإتلاف وغيره ويعرف من هذه المسألة أن الحكم كذلك لو نقل الملك فيه بهبة أو غيرها أو أعتقه ثم أقر به.
    قال الشيخ تقي الدين ومن باع شيئا ثم ادعى أنه ملك لغيره وهو وكيل المستحق أو وليه فهذا بمنزلة ادعائه لنفسه لأن البيع والشراء ليس إقرارا بالملك فإن كان البائع قد أقر أنه باع ملكه فهل له بعد هذا أن يدعيها لغيره بوكالة أو ولاية ويقيم بينة أم يكون تكذيبه لبينة نفسه بمنزلة تكذيبه لبينه

    O متابعة المتن
    وإن قال لم يكن ملكي وقد ملكته الآن بإرث أو عقد لم يقبل قوله إلا ببينة إلا أن يكون قد أقر أنه ملكه أو قال قبضت ثمن ملكي ونحوه فلا تسمع بينته.
    وإذا أقر أنه وهب أو قبض أو رهن وأقبض أو قبض ثمن مبيع ثم أنكر القبض غير جاحد لإقراره به وأراد تحليف خصمه ملك تحليفه.
    __________
    موكله وموليه الثاني هو الأظهر لأن الإنسان لا يدعي ما أقر فإن دعواه به باطل لا لنفسه ولا لغيره انتهى كلامه.
    قوله: "وإن قال لم يكن ملكي وقد ملكته الآن بإرث أو عقد لم يقبل إلا ببينة".
    لأنه الأصل والظاهر أن ما يتصرف فيه الإنسان له التصرف فيه ولما فيه من التهمة وتقبل البينة لأنه لا معارض لها ولا مانع فعمل بها.
    قوله: "إلا أن يكون قد أقر أنه ملكه أو قال قبضت ثمن ملكي ونحوه فلا تسمع بينته".
    لأنه مكذب لها لشهادتها بخلاف ما أقر به.
    ● فرع
    قال الشيخ تقي الدين وإن ادعى بعد البيع أنه كان وقفا عليه فهو بمنزلة أن يدعي أنه قد ملكه الآن انتهى كلامه.
    وفي معنى دعوى عدم الملك كل دعوى تقتضي تقتض منع نقل الملك فيه كدعواه أنه رهن وغير ذلك وما تقدم من التعليل يدل عليه.
    قوله: "وإن أقر أنه وهب وأقبض أو رهن ثمن مبيع ثم أنكر القبض غير جاحد لإقراره به وأراد تحليف خصمه ملك تحليفه".

    O متابعة المتن
    وعنه لا يملكه.
    __________
    قطع به في المحرر وصححه أيضا في الرعاية وهو قول أبي يوسف لأن العادة جارية بالقبض فبله فيحتمل صحة ما قاله فيحلف لنفي الاحتمال وهذا خلاف الشهادة على القبض قبله لأنها تكون شهادة زور لأن إنكاره مع الشهادة تكذيب لها وطعن فيها بخلاف الإقرار ولأنه يمكن إقراره بناء على وكيله وظنه والشهادة لا تجوز إلا على يقين.
    قوله: "وعنه لا يملكه".
    ذكر أبو الخطاب وجماعة في هذه المسألة روايتين وذكر غير واحد وجهين والشيخ موفق الدين ذكر الطريقين في كلامه.
    وهذه الرواية نصرها جماعة منهم أبو الخطاب والشريف في رءوس المسائل وهو قول أبي حنيفة ومحمد والمحكي عن الشافعي كالقول الأول فمن أصحابه من حمله على ظاهره ومنهم من تأوله ولم يوجب اليمين.
    قال بعضهم وهو الأشبه لأن الإقرار يمنع الاستحلاف في حق المقر له بدليل أنه لو قال لفلان علي ألف درهم ثم قال استحلفوه لي أنه له على هذه الألف لم يكن له ذلك كذا هنا.
    قال جماعة ولا يشبه هذا إذا أقر بالبيع وادعى أنه تلجئة إن قلنا إن ذلك يقبل لأنه لم ينفعه ما أقر به ولأن دعواه تكذيب لإقراره فلا تسمع كما لو أقر المضارب أنه ربح ألفا ثم قال غلطت ولأنه لو قال أحلفوه مع يمينه لم يستحلف له كذا هنا.
    ● فرع
    وكذلك الحكم لو أقر أنه اقترض منه ألفا وقبضها وقال له علي ألف أو قال له ألف ثم قال ما كنت قبضتها وإنما أقررت لأقبضها ذكره في المغني

    O متابعة المتن
    وإذا ادعى اثنان دارا في يد ثالث أنها شركة بينهما بالسوية فأقر لأحدهما بنصفها فالمقر به بينهما عند أبي الخطاب وقال القاضي إن أضافا الشركة إلى سبب رجع في تفسيره إليه.
    __________
    قوله: "وإذا ادعى اثنان دارا في يد ثالث أنها شركة بينهما بالسوية فأقر لأحدهما بنصفها فالمقر به بينهما عند أبي الخطاب".
    لم أجد في كلام الشيخ موفق الدين خلاف هذا وقطع به في المستوعب وغيره وذلك لاعترافهما بإشاعة الدار والمقر به بينهما كالباقي.
    قوله: "وقال القاضي إن أضافا الشركة إلى سبب رجع في تفسيره إليه".
    من إرث أو غنيمة أو شراء ونحوه ولم يكونا قبضاها بعد الملك لها فكذلك وإلا اختص المقر له بالمقر به.
    لأنهما إذا لم يضيفا الشركة إلى سبب واحد يحتمل أن كل جزء من الدار مشترك بينهما ويحتمل أن تكون لهما نصفين وهي شركة بينهما بالسوية ومع الاحتمال لم يحصل اعترافهما بالاشتراك في كل جزء فيختص المقر له بالمقر به كما لو ادعى كل واحد منهما نصفها ولا يحتاج أن يقول "معينا" كما زاده بعضهم وإن أضاف الشركة إلى سبب واحد وقبضاها بعد الملك لها فقد حصلت يد كل واحد منهما على نصفها فيختص به وحكى في الرعاية قولا كقول القاضي ولم يذكر كقبضهما بعد الملك بالشراء فيترتب عليه حكم ولبعضهم في هذه المسألة كلام عجيب.
    قوله: "ومن أقر لرجل بألف في وقتين لزمه ألف واحد".
    وبه قال مالك والشافعي لأنه يحتمل التأكيد وغيره والأصل براءة الذمة اقتصر كثير من الأصحاب على هذا الدليل وفيه نظر لأن الكلام يحمل على حقيقته واصله وما تشتغل به الذمة وحقيقته وأصله التأسيس فيتعدد كما لو قال ألف وألف عملا بأصله وهو التغاير مع احتماله التأكيد واستدل بعضهم بأن العرف يشهد بذلك ولذلك لو قال شخص رأيت زيدا ثم قال رأيت زيدا كان زيد الثاني زيدا الأول والرؤية الثانية هي الأولة وهذه دعوى حقيقة عرفية تفتقر إلى دليل والأصل عدمها وبقاء الحقيقة اللغوية واستدل بعضهم بأن الله تعالى كرر الخبر عن جماعة من الرسل عليهم الصلاة والسلام ولم يكن المذكور في قصة غير المذكور في أخرى كذا ههنا وفيه نظر لأنا لا نمنع من استعمال المجاز والظاهر يزول بالقاطع.
    وعن أبي حنيفة رواية كهذا القول مع اتحاد المجلس فقط والمشهور عنه أنه يلزمه ألفان وهو الأصح عند أصحابه وسواء كان الإقرار بما في الذمة أو بما في اليد وإن عرفه فقد وافق أبو حنيفة أنه الأول وهو واضح لأن اللام للعهد كقوله تعالى: [16:73] {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} .
    وكذلك لو شهد له بألف ثم ادعى عليه بألف عند القاضي فأقر بألف فقال الطالب لي عليه ألف أخرى وأنا أقيم البينة فالقول قول المطلوب في أن المشهود به هو المقر به بخلاف الإقرارين وكذلك لو سلم أنه لو قال له علي درهم درهم أنه لا يلزمه إلا درهم واحد بخلاف الإقرارين في دفعتين ولو قال له على ألف من ثمن هذا المتاع بعينه ثم أقر به في مجلس آخر فهو إقرار بشيء واحد وفاقا كما أنه لو عزا الأولى إلى بيع والثاني إلى آخر لزم الألفان وفاقا.
    قوله إلا أن يذكر ما يقتضي التعدد كأجلين أو شيئين أو سكتين ونحوه فيلزمه ألفان وقد تقدم.
    لأن تغاير الصفات دليل على تغاير الموصوفات كمن قال قبضت ألفا يوم السبت وألفا يوم الأحد بخلاف تعدد الإشهاد وإن قيد أحد الإقرارين بسبب وأطلق الآخر حمل المطلق على المقيد فيكون ألفا واحدا مع اليمين.
    ولو شهد بكل إقرار شاهد جمع قولهما لاتحاد المخبر عنه ولا جمع في الأفعال.
    قال الشيخ تقي الدين كلام أصحابنا في المسألة يقتضي أن يكون الإخبار كله من الشهادة ونحوها كالإقرار بخلاف الإنشاءات كتقرير الطلاق وكذلك صرح القاضي بالفرق بين الإخبار والإيقاع فان ما وقع مرة لا يقع ثانية بخلاف ما أخبر به مرة فإنه يخبر به ثانية.
    قوله: "قد ذكرنا صحة استثناء الأقل دون الأكثر".
    نص أحمد على ذلك وذكر الشيخ موفق الدين أنه لا يعلم في ذلك خلافا وحكى غيره الإجماع وحكاه أيضا هو في استثناء الكل لأن استثناء الأقل لغة العرب وهو في الكتاب والسنة كثير وعكسه استثناء الكل.
    وقد قال ابن طلحة المالكي في كتاب المدخل فيما إذا قال أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا في لزوم الطلاق له قولان بناء على أنه استثناء أو أنه ندم.
    قال القرافي فعدم اللزوم يقتضي جواز استثناء الكل من الكل.
    قال الشيخ تقي الدين ليس كذلك وإنما على قول مالك يمشي هذا.
    وقد تقدم أصله قال وذهبت طائفة من أهل العربية إلى أنه يجوز أن يستثنى عقد صحيح مثل العشرة والعشرين من المائة الواحدة والاثنين من العشرة بل بعض عقد كالخمسة من المائة والنصف من العشرة انتهى كلامه.
    وحكى بعضهم هذا عن ابن عصفور ولم أجده في كلامه وكلام الأئمة ولغة العرب يقتضي عدم الفرق وهو أولى.
    وقوله: "ودون الأكثر على الأصح".
    نص عليه الإمام أحمد في الطلاق في رواية إسحاق فيمن قال أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين هي ثلاث وقطع به أكثر الأصحاب حتى قال في المغني لا يختلف المذهب فيه وبه قال أبو يوسف ومحمد بن الملك بن الماجشون.
    وذكر القاضي بن معتب في وثائقه أنه مذهب مالك وأصحابه وذكر الشيخ تقي الدين أنه قول نحاة البصرة وذكر ابن هبيرة أن قول أهل اللغة يوافق هذا القول وحكاه ابن عقيل عن القاضي أبي بكر بن الباقلاني وهو الذي ذكره ابن درستويه والزجاج وأبو بكر بن الأنباري وابن قتيبة وابن جنى وابن عصفور وغيرهم.
    وقال ابن عبد القوي وكذا أكثر أهل اللغة من الأئمة المتقدمين وإذا منعه أهل اللغة لم يكن صحيحا ولأن الاستثناء وضع لمعنى وهو الاستدراك أو الاختصار وليس في الحكمة وجود ذلك في الأكثر ولأنا نمنع وجود ذلك في شرع أو لغة أو عادة فثبوته يفتقر إلى دليل والأصل عدمه فعلى هذا لا فرق عند الأصحاب بين استثناء الأكثر من عدد مصرح به إلا تسعين ونحوه أولا.
    وفي كلام بعضهم الجواز إذا لم يكن كذلك نحو قولك خذ ما في الكيس من الدراهم إلا السلطانية أو قدم بنو فلان أو الحاج إلا المشاة وإن كان المستثنى أكثر من المستثنى منه والقول الآخر عندنا يصح استثناء الأكثر وقد ذكر القاضي وجها واختاره فيما إذا قال له علي ثلاثة إلا ثلاثة إلا درهمين أنه يلزمه درهمان وهذا إنما يجيء على القول بصحة استثناء الأكثر وهو قول أبي حنيفة والشافعي وأصحابهما وهو المشهور من مذهب مالك نقله صاحب الجواهر وغيره كقوله تعالى: [42:15] {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} والغاوون أكثر بدليل قوله تعالى: [103:12] {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} وأجيب بأن الغاوين أقل لأن الملائكة من العبادة قال الله تعالى: [103:12] {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} وكون السياق في بني آدم لا يمنع العموم وبأن المستثنى منه غير عدد صريح أجاب به القاضي وأصحابه وبأن الاستثناء في الآية من غير الجنس إما المراد بعبادي الموحدون ومتبع الشيطان غير موحد وفي هذا نظر وإما لأن العباد ليس للشيطان عليهم سلطان أي حجة فهو على عمومه ومن اتبعه لا يضله بالحجة بل بتزينه يدل على هذا قوله تعالى: [22:14] {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} .
    فاستدل ابن عبد القوي على أنه من غير الجنس بأن من وصلتها في موضع نصب في اختيار المحققين من النحاة ولو كان متصلا لكان في موضع رفع في اختيارهم لأنه من منفى بعد تمام الكلام.
    قوله وإن في النصفين وجهين.
    أحدهما يصح وهو ظاهر كلام الخرقي وذكر ابن هبيرة أنه ظاهر مذهب أحمد لأن ابن منصور روى عن الإمام أحمد إذا قال لك عندي مائة دينار قضيتك منها خمسين وليس بينهما بينة فالقول قوله.
    قال الشيخ تقي الدين هذا ليس من الاستثناء المختلف فيه فإن قوله قضيتك ستين مثل خمسين وما قاله صحيح وهو الذي ذكره ابن عصفور لأن الممنوع منه استثناء الأكثر وهذا ليس بأكثر.
    والثاني لا يصح واختاره أبو بكر وذكر الشيخ شمس الدين والشيخ زين الدين أنه أولى بناء على أنه لم يأت في لسانهم قال الزجاج في المعاني في العنكبوت في قصة لوط لم يأت الاستثناء في كلام العرب إلا القليل من الكثير.
    وقال أيضا فأما استثناء نصف الشيء فقبيح جدا لم تتكلم به العرب.
    وقال أبو بكر بن الأنباري في الكافي وأعلم أنه ليس من كلام العرب أن يستثنى من الشيء نصفه فقبيح أن يقول لزيد علي عشرة إلا خمسة.
    ● فصل
    قال النحاة ومنهم ابن السراج في الأول إذا قال له عندي مائة درهم إلا درهمين فهو استثناء فيكون مقرا بثمانية وتسعين وإذا قال مائة إلا درهمان فهو صفة ويكون مقرا بمائة لأن التقدير مائة مغايرة لدرهمين وكذلك لو قال مائة غير الألف لأن الصفة تقضي على الموصوف ولو قال ألف مثل مائة أو ألف مثل درهمين كان مقرا بمائة ودرهمين لأن أجزاء المائة قد تماثل درهمين.
    وكذلك قاله غير واحد من النحاة إذا قال درهم إلا دانقا فهو مقر بدرهم إلا دانق وإذا قال درهم إلا دانق بالرفع فهو مقر بدرهم كامل.
    وكذلك ذكر القاضي أبو يعلى في مسألة توبة القاذف مستشهدا به قال وعلى أن النحاة قالوا إذا قال له علي عشرة دراهم إلا خمسة دراهم إلا ثلاثة دراهم أنه يلزمه سبعة ويرجع الأخير إلى العشرة والاستثناء الأول ليس في الحقيقة باستثناء وإنما هو وصف للعشرة لأن الاستثناء منها يجب أن يكون منصوبا فإذا كان مرفوعا كان وصفا فكأنه قال علي عشرة غير خمسة لا أذكرها فالخمسة مبهمة غير مفسرة فلا تلزمه وقوله إلا ثلاثة فإنها استثناء صحيح فيرجع إلى عشرة.
    قال وهذا يدل على بطلان السؤال الذي ذكروه يعني الاستثناء من الاستثناء وهذا الاعتراض عليهم ليس بصحيح.
    هذا كلام من كلام الشيخ تقي الدين ولم يفرقوا بين النحوي وغيره.
    ويتوجه أن يقال في غير النحوي إذا قال إلا درهمان أنه يكون استثناء لأن الظاهر إرادته وإنما رفع جهلا كما قاله الشيخ موفق الدين وغيره في عشرة غير درهم برفع الراء إنه يلزمه تسعة كذلك.
    قوله: "ويصح الاستثناء من الاستثناء كقوله علي سبعة إلا ثلاثة إلا درهما فيلزمه خمسة". لأنه أخرج منها بالاستثناء ثلاثة وعاد بالاستثناء من الاستثناء درهم فإذا ضممته إلى الأربعة صار خمسة وإذا صح الاستثناء فصحة الاستثناء من الاستثناء أولى لأن الاستثناء إبطال والاستثناء منه رجوع إلى موجب الإقرار ويكون استثناؤه من الإثبات نفيا ومن النفي إثبات وقد قال تعالى: [60-58:15] {قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ}
    قوله: "وإذا كان الكل أو الأكثر المستثنى مستثنى منه فهل يبطل وما بعده أو يرجع ما بعده إلى ما قبله أو ينظر إلى ما يؤول إليه جملة الاستثناءات فيه ثلاثة أوجه كذلك".
    وجه الأول أن الاستثناء أصل والثاني فرعه والفرع يبطل ببطلان أصله.
    ووجه الثاني أنه يحافظ على تصحيح كلام المكلف حسب الإمكان وهو ممكن بأن يجعل الاستثناء الأول كالعدم لبطلانه فيكون الاستثناء الثاني من الذي قبله لبطلان ما بينهما.
    ووجه الثالث أن الكلام بآخره والمستثنى والمستثنى منه كجملة واحدة وهذا القول هو الذي وجدته في كلام النحاة.
    وقال الشيخ تقي الدين عن الوجهين الأولين مأخذهما هل الاستثناء يمنع دخول المستثنى في اللفظ أو يخرجه بعد ما دخل الأول أصح انتهى كلامه.
    والخلاف في الأصل المذكور في كلام أبي الخطاب والشيخ موفق الدين وغيرهما ولم أجد أحدا ذكره أصلا لهذه المسألة بل ما ذكر من التعليل يخالفه وفي مذهب الشافعي ثلاثة أوجه كهذه الوجوه.
    قوله: "فإذا قال له علي عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة إلا درهمين إلا درهما فهل يلزمه إذا صححنا استثناء النصف خمسة أو ستة على وجهين".
    أحدهما يلزمه خمسة لأن التقدير أن استثناء النصف صحيح وثلاثة من خمسة باطل فيبطل ما بعده.
    والثاني يلزمه ستة لأن استثناء النصف صحيح واستثناء ثلاثة من خمسة باطل ووجوده كعدمه واستثناء اثنين من خمسة صحيح فصار المقر به سبعة ثم استثنى من الاثنين واحد يبقي ستة وعلى الوجه الثالث أن الكلام بآخره وتصح الاستثناءات كلها ويلزمه سبعة وهو واضح وألزمه بعضهم على هذا الوجه ستة بناء على أن الدرهم مسكوت عليه فلا يصح استثناؤه وفيه نظر.
    قوله: "وإذا لم نصححه فهل يلزمه ثمانية أو عشرة على وجهين".
    أحدهما يلزمه ثمانية لأن استثناء الخمسة باطل واستثناء ثلاثة من عشرة صحيح يبقى سبعة واستثناء الاثنين باطل واستثناء واحد من ثلاثة صحيح تزيده على سبعة.
    وقال بعضهم على هذا الوجه أن استثناء خمسة وثلاثة باطل واستثناء اثنين من ثمانية صحيح واستثناء واحد من اثنين باطل وفيه نظر والثاني يلزمه عشرة لإبطال الأول وما بعده.
    قوله: "وقيل يلزمه سبعة عليهما جميعا".
    أي سواء قلنا يصح استثناء النصف أولا وهذا بناء على الوجه الثالث وهو تصحيح الاستثناءات كلها كما تقدم وحكاية المصنف هذا الوجه بهذه العبارة فيها شيء وأحسبه لو قال وعلى الوجه الثالث يلزمه سبعة كان أولى.
    وذكر الشيخ تقي الدين أن هذا قول المالكية قال ولك طريقان إن شئت أن تنقص الآخر مما قبله ثم تنقص الثاني مما قبله إلى الآخر وإن شئت أن تنقص الآخر مما قبله ثم تنقص الثاني ثم تنقص الثالث ثم أن تنقص الأول من المستثنى منه ثم تزيد عليه الثاني ثم تنقص الثالث ثم تزيد عليه الربع إلى آخره وهذا الثاني في الكافي انتهى كلامه.
    والثاني هو الذي في كلام غير واحد.
    ● فصل
    وإن كان الاستثناء الثاني بحرف عطف كان مضافا إلى الاستثناء الأول فإذا قال له على عشرة إلا ثلاثة وإلا درهمين كان مستثنيا لخمسة مقرا بخمسة.
    وذكر ابن عبد القوي إن هذا الأقوى قال لأن الواو تجعل الاستثناء كشيء واحد كما يأتي في ترفيع المسائل وذكر الشيخ تقي الدين أن الأول قول أبي حنيفة والشافعي فإن استغرقت "إلا" سقط الاستثناء وقال أبو يوسف ومحمد يسقط الأخير المقتضى للاستغراق ويصح ما عداه وكلام هؤلاء إنما هو إذا كانت مستغرقة فأما إذا كانت مذهبة للأكثر فيجوز عندهم والوجهان لأصحابنا انتهى كلامه.
    ولم أجد الوجهين صريحا إلا مع حذف إلا.
    قوله: "وإذا قال له علي درهمان وثلاثة إلا درهمين أو له علي درهم ودرهم ودرهم إلا درهما ففي صحة استثنائه وجهان".
    أحدهما يصح ذكره القاضي محل وفاق مع الحنفية وغيرهم استدل في الاستثناء المتعقب جملا1 إذا قال له على خمسة وخمسة وخمسة إلا سبعة فإن الاستثناء يعود إلى الجميع وكذلك أبو الخطاب وقال أجمعوا على أنه يلزمه ثمانية وأجاب ابن الحاجب بأنها منفردات وأيضا فللاستقامة وأجاب الآمدي بمنع صحة الاستثناء فيها وهو قول المالكية وذكره بعض متأخريهم وحكاه بعضهم أحد الوجهين للشافعية وقدمه في الرعاية وذكر ابن عبد القوي أنه أصح الوجهين لأن العطف جعل الجملتين كجملة واحدة فعاد الاستثناء إليهما
    __________
    1 كذا بالأصل.
    كقوله تعالى في آية القذف: [5:24] {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} وكقوله عليه الصلاة والسلام.
    "لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه" .
    فعلى هذا يلزمه في المسألة الأولى ثلاثة وفي الثانية درهمان والثاني لا يصح ذكر الشيخ موفق الدين أنه أولى وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي لأن الواو لم تخرج الكلام عن أن يكون جملتين والاستثناء يرفع الجملة الأخيرة أو أكثرها فيصير لغوا وكل استثناء أفضى تصحيحه إلى إلغائه وإلغاء المستثنى منه اختص البطلان به والاستثناء في الآية والخبر لم يرفع أحد الجملتين إنما أخرج منهما معا من اتصف بصفته فنظيره من استأذن فائذن له وأعطه درهما وإلا فلا ونظير مسألتنا الزم زيدا وعمرا إلا عمرا.
    وقطع أبو الخطاب في الهداية بهذا القول في المسألة الثانية وتبعه في المستوعب والخلاصة وأطلق في الهداية والمستوعب الخلاف في الأولى وقدم في الخلاصة عدم الصحة فهذا قول ثالث وذكر في المغني خمسة وتسعون إلا خمسة من صور الخلاف وفيها نظر وقطع به في المغني في مائة وعشرين إلا خمسين بصحة الاستثناء جعله أصلا لنظيرها في الطلاق ورأيت بعضهم يميل إلى هذا فيصير قولا رابعا.
    ● فصل
    قال في الكافي فإن وجدت قرينة صارفة إلى أحد الاحتمالين انصرف إليه.
    قوله: "وإذا قال له علي خمسة إلا درهمين ودرهما لزمه خمسة جمعا للمستثنى".
    وقيل ثلاثة لما تقدم في التي قبلها لأن الواو وإن قيل تجعل الجمل كجملة واحدة فسواء كونها مستثناة أو مستثناة منها وهذا معنى كلام غير واحد وصاحب المحرر وقد قدم جعل الجمل المستثناة كجملة وأطلق الخلاف في التي قبلها وقد حكى الشيخ موفق الدين في نظيرها في الطلاق وجهين للشافعية وأن جعل الجمل كجملة واحدة قول أبي حنيفة والشافعي وفيه شيء فليتأمل.
    ● فصل
    قال الشيخ تقي الدين إذا تعقب الاستثناء اسما مثل له هذا الذهب وهذه الدنانير وهذا البر إلا مثقالا فالمنقول عن مالك والشافعي وأصحابنا عودة إلى الجميع وقال أبو حنيفة يختص بالجملة الأخيرة وبعضهم يعبر عن هذه بأن الاستثناء تعقب جملا وهي المسألة الأصولية ويجعلون الأسماء المفردة داخلة في مسمى الجمل وهم لا يريدون بالجملة الكلام التام كما هو عند النحاة وإنما يعنون بها العدد المجتمع سواء كان أسماء مجتمعة مفيدة أو أسماء دالة على معان وفيها لأصحابنا وجهان انتهى كلامه.
    ● فصل
    الاستثناء من الإثبات نفي ومن النفي إثبات عندنا وعند الجمهور.
    وقال الشيخ تقي الدين الاستثناء من الإثبات نفي أو في حكم النفي فإنه إذا قال له علي عشرة إلا درهمين فإما أن يكون منكرا للدرهمين أو ساكتا عن الإقرار بهما فلا يلزمه بالاتفاق.
    فأما الاستثناء من النفي في العدد فقال أبو بكر بن السراج النحوي في الأصول إذا قلت ماله عندي مائة إلا درهمين فإن أردت الإقرار بما بعد إلا رفعته على البدل كأنك قلت ماله عندي إلا درهمان وإذا نصبت فقلت ما له عندي مائة إلا درهمين فما أقررت بشيء لأن عندي لم ترفع شيئا حتى يثبت عندك وكأنك قلت ماله عندي ثمانية وتسعون وكذلك إذا قلت ماله على عشرة إلا درهما لم يكن مقرا بشيء فاذا قلت إلا درهم فأنت مقر بدرهم.
    قال ابن الرومي في توجيه ذلك في شرح الأصول إن النفي دخل على الإيجاب فانه إذا قال له عندي مائة إلا درهمين اعترف بثمانية وتسعين فإذا أدخلت النفي على هذا فكأنك قلت ماله عندي ثمانية وتسعون فأتيت بالاستثناء تحكى صورة الإيجاب إلا أنه استثناء من نفي.
    قال الشيخ تقي الدين وعلى هذا فمن نصب في الاستثناء من النفي لا يكون مثبتا للمستثنى ومن لافع يكون مثبتا وكأن الناصب جاء بكلامه النافي ردا على من أثبت والرافع ابتداء وعلى هذا فيكون قوله تعالى: [66:4] {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} على هذه القراءة في قوة ما فعله أكثرهم.
    وقال بعضهم هذا الذي قاله ابن السراج إنما هو على لغة من يرفع المستثني من النفي فإذا نصب فيكون قد نطق بكلام غير عربي فيلغو وأما على لغة من يجوز النصب فيكون مقرا وهو حسن انتهى كلامه وهو واضح.
    فلو قال نحوى ماله عندي عشرة إلا درهما ورفع إلى حاكم حكم عليه إن رآه إقرارا وإلا كسائر مسائل الخلاف فلو كان المقر له يعتقد أن هذا ليس إقرارا فهل ينفذ الحكم ويسوغ الأخذ ينبغي أن يخرج على ما إذا حكم حنفي بشفعة الجوار لمن يعتقد خلافه وفيها وجهان لنا وللشافعية مع أن هذا يدخل فيما حكاه صاحب المحرر من الروايتين كما تقدم.
    فلو ادعى المقر أنه قصد أن يحكى صورة الإيجاب لا الإقرار فهل يقبل منه محل تردد لتردد النظر في مخالفته للظاهر أما الجاهل بالعربية فيتوجه فيه القول المتقدم وهو مؤاخذته بلغته وعرفه.
    ● فصل
    إذا قال له علي ألف إلا شيء قبل تفسيره بأكثر من خمسمائة لكن لا يجوز استثناء الأكثر فيتعين حمله على ما دون النصف قاله في المغني.
    وينبغي أن يقال إلا أن نقول بصحة استثناء النصف فيقبل قال وكذلك إن قال إلا قليلا وينبغي أن يقال في هذه ما قاله في التي بعدها.
    قال وإن قال له على معظم أو أجل ألف أو قريب من ألف لزمه أكثر من نصف الألف ويحلف على الزيادة إذا ادعيت عليه.
    قال الشيخ تقي الدين وقال في الجواهر يعني المالكية إذا قال له عندي قريب المائة أو مائة إلا شيئا قال سحنون قال أكثر أصحابنا يلزمه ثلثا المائة بقدر ما يرى الحاكم وقيل ثلث مائة وقيل واحد وخمسون ليزيد على النصف.
    وقال في الجواهر في موضع آخر إذا قال له علي مائة درهم إلا شيئا يلزمه واحد وتسعون وإن قال له على عشرة آلاف إلا شيئا يلزمه تسعة آلاف ومائة وله درهم إلا شيئا يلزمه أربعة أخماس درهم ولو قال له مائة وشيء يقتصر على المائة لأن الشيء لا يمكن رده إلى تقدير كرد الشيء المستثنى فيبطل لأنه شك لا مخرج له قال عبد الملك والمعتبر في جميع ذلك ما يحسن استعمال الاستثناء فيه وما شك فيه لا يثبت انتهى كلامه.
    وقولنا أولى لما تقدم والتقدير يتوقف على توقيف ولا توقيف وتعارض الأقوال المذكورة يدل على فسادها ولأن الشيء إذا كان له موضوع فلا فرق بين أن يكون مقرا به أو مستثنى والأولى فيما إذا قال له مائة وشيء ما قلنا وهو أنه يلزمه مائة ويرجع في تفسير الشيء إليه كما لو انفرد.
    قال الشيخ تقي الدين وقال ابن معتب في وثائقه إذا قال له علي عشرة إلا شيئا أو إلا كثيرا صدق في تفسيره مع يمينه يعني لأن الاستثناء يصح في التسعة إلى العشرة فكل ما صح استثناؤه صح أن يقر به الاستثناء المجهول وهذا قول الشافعي وعند أصحابنا لا يصح تفسيره بأكثر من النصف وفي النصف وجهان ويصح تفسيره بما دون النصف ووافق أبو حنيفة هنا فقال إذا قال له علي مائة درهم إلا قليلا أو إلا بعضها لا بد أن يزيد الباقي على النصف.
    قوله: "وإذا قال له على هؤلاء العبيد العشرة إلا واحدا لزمه تسليم تسعة لأنها مقر بها" والواحد مستثنى وهو قليل فلم يلزمه ويرجع إليه في التعيين لأنه أعلم بمراده.
    قوله: "فإن ماتوا إلا واحدا فقال هو المستثنى قبل وقيل لا يقبل وللشافعية أيضا وجهان".
    أحدهما يقبل وهو الراجح في المذهب كحالة الحياة وكما لو مات بعد تعيينه ومن قال بهذا تعذر تسليم المقر به لتلفه لا لمعنى يرجع إلى تفسيره بخلاف استثناء الجميع.
    والثاني لا يقبل لرفعه جميع ما أقر به كاستثنائه فإن قتلوا إلا واحدا أو غصبوا إلا واحدا أو قال غصبتك هؤلاء العبيد إلا واحدا فماتوا إلا واحدا قبل تعيينه في هذه الصور بالباقي وجها واحدا لعدم التهمة لوجوب القيمة بخلاف الإقرار.
    قوله: "وإذا قال له علي هذه الدار إلا هذا البيت أوله هذه الدار ولى هذا البيت منها صح استثناؤه منها".
    وإن كان معظمها بخلاف قوله إلا ثلثيها أو ثلاثة أرباعها ونحوه لأن الأول استثناء والثاني في معناه.
    وقوله: "وإن كان معظمها".
    وكذلك ذكر غير ووجهه لأن ليس العدد صريحا ولم يذكره بعضهم وقد تقدم ذلك.
    وقوله: "بخلاف قوله إلا ثلثيها".
    وهو معنى كلام غيره يعني فإنه استثناء الأكثر وهو باطل في الأشهر وكذا ذكره في الرعاية.
    ويعرف من ذلك أنه لو قال هذه الدار ولى نصفها أنه معنى استثناء النصف وفي صحته خلاف وذكر في الرعاية الكبرى هذه المسألة وقال صح في الأقيس وذكر في الصغرى أنها كقوله إلا ثلثيها.
    قوله: "لا يصح الاستثناء من غير الجنس".
    قال الخلال باب الرجل يقر للرجل بدنانير ثم يستثنى منها غيرها ذكر هذا بعد باب له علي مائة دينار ولي عليه دينار أنه مقر مدع.
    قال ابن منصور قلت لأحمد قال سفيان وإذا قال لك عندي مائة دينار إلا فرسا إلا ثوبا هذا محال يؤخذ بالمائة قال الإمام أحمد كما قال.
    وذكر الشيخ تقي الدين أن مراد الخلال بالباب قلة تشبيه الاستثناء من غير الجنس يدعى تقديره لكن لي عليه فرس أو قيمة فرس وذكر أيضا أن رواية ابن منصور ليس فيها تصريح بخلاف مذهب أبي حنيفة بل موافقة لفتيا سفيان انتهى كلامه.
    وقد ذكر في المغني أنه يكون مقرا بشيء مدعيا لشيء سواه فيقبل إقراره وتبطل دعواه كما لو صرح بذلك بغير لفظ الاستثناء.
    والمذهب أنه لا يصح استثناء غير أحد النقدين من الآخر لأن الاستثناء إما صرف للفظ عما يقتضيه لولاه أو إخراج بعض ما تناوله المستثنى منه أو منع أن يدخل في اللفظ ما لولاه لدخل وهذه التعريفات في كلام أصحابنا وغيرهم وأما ما كان من غير الجنس فلا يكون استثناء إلا تجوزا وهو في الحقيقة استدراك و "إلا" فيه بمعنى "لكن" قاله أهل العربية منهم ابن السراج وابن قتيبة وحكاه عن سيبويه ولذلك لم يأت الاستثناء من غير الجنس في القرآن وغيره إلا بعد الجحد لأن الاستدراك لا يأتي إلا بين متنافيين وقياسا على التخصيص فإنه لا بد من كونه من الجنس والاستثناء من جملة المخصصات عند المخالفين أو أكثرهم ولأنه لو صح لاطرد في جميع المواضع.
    وذكر الشيخ تقي الدين أنهم ساعدوا أنه لا يصح في البيع وبهذا قال زفر وبعض المالكية وبعض الشافعية.
    وقال مالك والشافعي يجوز الاستثناء من غير الجنس مطلقا لوروده ونحن نمنع ذلك ثم نحمله على المجاز دفعا للاشتراك وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد إن استثنى ما يثبت في الذمة صح وإن كان من غير الجنس وإن استثنى مالا يثبت في الذمة كالثوب والعبد ونحوه لم يصح الاستثناء وفسر أصحابنا ما يثبت في الذمة بالمكيل والموزون وقال قالوه فيما يتقارب من المكيل والموزون كالجوز والبيض.
    قوله: "وعنه يصح استثناء أحد النقدين من الآخر خاصة".
    هذه المسألة من الأصحاب من يحكى فيها وجهين وحكى ابن أبي موسى وغيره روايتين إحداهما يصح قطع به الخرقي وقدمه في الخلاصة لأنهما كالجنس الواحد لاجتماعها في أنهما قيم المتلفات وأرش الجنايات ويعبر بأحدهما عن الآخر ويعلم قيمته منه فأشبها النوع الواحد بخلاف غيرهما ومتى أمكن حمل الكلام على وجه صحيح لم يجز إلغاؤه واقتصر أكثر الأصحاب علي هذا حتى إن صاحب الخلاصة مع أنه لا يخل بفوائد الهداية على قوله اقتصر عليه.
    وقال أبو الخطاب متى ثبت هذا مذهبا لأحمد كان استثناء الثوب من الدراهم جائزا إذ لا فرق بينهما.
    قال في المغني وهو في قوة كلام غيره وقد ذكرنا الفرق.
    قال في المغني ويمكن الجمع بين الروايتين بحمل رواية الصحة على ما إذا كان أحدهما يعبر به عن الآخر أو يعلم قدره منه ورواية البطلان على ما إذا انتفى ذلك انتهى كلامه فصار هذا قولا آخر.
    وقال أيضا إنه إذا ذكر نوعا من جنس وذكر نوعا آخر من غير ذلك الجنس مثل عشرة آصع تمرا برنيا إلا ثلاثة تمرا معقليا أنه يحتمل جوازه على قول الخرقي لتقارب المقاصد من النوعين كالعين والورق وأن الصحيح خلافه لأن العلة الصحيحة في العين والورق غير ذلك انتهى كلامه.
    وظاهر كلامهم أنه لا يصح استثناء الفلوس من أحد النقدين وينبغي أن يخرج فيها قولان آخران أحدهما الجواز والثالث جوازها مع نفاقها خاصة لما تقدم من التعليل والثاني لا يصح ذكر القاضي أنه ظاهر كلام الإمام أحمد وأنه الصحيح وهو قول أبي بكر وقدمه أبو الخطاب وغيره وهو ظاهر ما نصره جماعة وصححه ابن عقيل وغيره لما تقدم.
    فظهر من مجموع المسألة أنه هل يصح الاستثناء من غير الجنس أم لا فيه خمسة أقوال غير مسألة استثناء الفلوس من أحد النقدين.
    قوله: "وإذا قال له علي مائة درهم إلا دينارا وصححناه رجع في تفسير قيمة الدينار إليه عند أبي الخطاب".
    وقال غيره يرجع إلى سعر الدينار بالبلد إن كان وإلا فإلى التفسير.
    ووجه الأول وعليه اقتصر في المستوعب والخلاصة وقدمه في الرعاية أن الدينار مجهول فرجع إليه في قيمته لأن أعلم بمراده كغيره من المجهول.
    فعلى هذا إن فسره بأكثر من النصف لم يقبل وإن فسره بدونه قبل وفي النصف وجهان هذا معنى ما ذكره أصحاب هذا الوجه.
    ووجه الثاني أن الدينار إذا كان له سعر فإنه معلوم والظاهر إرادته فيرجع إليه فإن لم يكن فإلى تفسيره.
    قال الشيخ تقي الدين بالأول قالت المالكية والشافعية قالوا يقال له اذكر قيمة العبد والثوب المستثنى ويكون مقرا بما يقر فإن استغرقت قيمته الألف لزمه الألف كاستثناء الألف من الألف وإلا صح.
    قالت الشافعية وينبغي أن تكون القيمة مناسبة للثوب لئلا يعد نادما.
    قالوا وهذا إذا استثنى مجهولا من معلوم فإن قيمة الثوب مجهولة والألف معلومة وعكسه له الألف إلا درهمان فيفسر الألف ويعود الحكم إما إلى الاستغراق فلا يقبل أو إلى عدم الاستغراق فيقبل وإن استثنى مجهولا من مجهول نحو له مائة إلا عشرة أو إلا ثوبا فعلى ما تقدم قال بعض المالكية ولا ينبغي أن ينازعهم أصحابنا في هذا لأنه مقتضى القواعد انتهى كلامه ونحن نوافقهم في المسألة الأخيرة ونخالفهم في الألف إلا درهما على الراجح.
    قوله: "وإذا قال له علي شيء أو كذا قيل له فسره ليصير معلوما فتلزم به".
    ويصح إقراره بغير خلاف قاله في المغني ويفارق الدعوى حيث لا تصح بالمجهول لكون الدعوى له فاحتيط لها والإقرار عليه فيلزمه ما عليه مع الجهالة دون ماله ولأن المدعي إذا لم يصحح دعواه فله داع إلى تحرير دعواه لكون الحق له بخلاف الإقرار ولأن المقر لا يؤمن رجوعه عن إقراره إذا شدد عليه فيفوت حق المقر له رأسا فقبلناه مع الجهالة وألزمناه تفسيره.
    فإن قال له عليه كذا وكذا رجع إلى المقر في تفسيره ذلك ذكره القاضي في الوصايا وجعله أصلا للوصية بكذا وكذا أنه يرجع إلى تفسير الورثة.
    قوله: "فإن أبى حبس حتى يفسر".
    قطع به جماعة لأنه امتنع من حق توجه عليه كحق معين امتنع من أدائه.
    وقال القاضي يجعل ناكلا ويؤمر المقر له بالبيان فإن بين شيئا فصدقه المقر ثبت وإن كذبه وامتنع من البيان قيل له إن بينت وإلا جعلناك ناكلا وقضينا عليك وهذا قول الشافعية إلا أنهم قالوا إن بينت وإلا أحلفنا المقر له على ما يدعيه وأوجبناه على المقر.
    قال في المغني ومع ذلك فمتى عينه المدعي وادعا فنكل المقر فهو على ما ذكروه.
    ● [ لكتاب الإقرار بقية ] ●

    كتاب الإقرار [ 4 ] Fasel10

    كتاب: المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
    المؤلف: عبد السلام بن عبد الله ابن تيمية الحراني
    منتدى ميراث الرسول - البوابة
    كتاب الإقرار [ 4 ] E110


      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 23, 2024 3:18 pm