منتدى همسات الحموات

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    أسباب رفع العقوبة عن العبد [ 13 ]

    avatar
    همسات
    Admin


    المساهمات : 1997
    تاريخ التسجيل : 18/02/2015

    أسباب رفع العقوبة عن العبد [ 13 ] Empty أسباب رفع العقوبة عن العبد [ 13 ]

    مُساهمة من طرف همسات الأحد نوفمبر 28, 2021 4:26 pm

    أسباب رفع العقوبة عن العبد [ 13 ] Eslam_10

    بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
    مكتبة الثقافة الإسلامية
    أسباب رفع العقوبة عن العبد
    أسباب رفع العقوبة عن العبد [ 13 ] 1410

    O متابعة المتن
    (52) سورة الأنعام ، وَقَالُوا لِنُوحِ : { قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (111) قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (112) إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (113) وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (114) إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (115) (1)[الشعراء] } . وَلَا نَعْرِفُ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ جَاءَهُ ذِمِّيٌّ يُسْلِمُ فَقَالَ لَهُ: لَا يَصِحُّ إسْلَامُك حَتَّى لَا يَكُونَ عَلَيْك ذَنْبٌ وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَعْمَالِ الْبِرِّ مِنْ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ .
    ( السَّبَبُ الرَّابِعُ الدَّافِعُ لِلْعِقَابِ ) : دُعَاءُ الْمُؤْمِنِينَ لِلْمُؤْمِنِ (2):
    مِثْلُ صَلَاتِهِمْ عَلَى جِنَازَتِهِ، فَعَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَا مِنْ مَيِّتٍ يُصَلِّى عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ إِلاَّ شُفِّعُوا فِيهِ » (3)

    __________
    (1) - الوسيط لسيد طنطاوي - (ج 1 / ص 3171)
    والأرذلون : جمع الأرذل . وهو الأقل من غيره فى المال والجاه والنسب .
    أى : قال قوم نوح له عندما دعاهم إلى إخلاص العبادة لله - تعالى - : يا نوح أنؤمن لك ، والحال أن الذين اتبعوك من سفلة الناس وفقرائهم ، وأصحاب الحرف الدنيئة فينا . . ؟
    وهذا المنطق المرذول قد حكاه القرآن فى كثير من آياته ، على ألسنة المترفين ، وهم يردون على أنبيائهم عندما يدعونهم إلى الدين الحق . .
    وهنا يرد عليهم نوح ردا حكيما قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ إِنْ حِسَابُهُمْ إِلاَّ على رَبِّي } .
    أى : قال لهم على سبيل الاستنكار لما واجهوه به : وأى علم لى بأعمال أتباعى ، إن الذى يعلم حقيقة نواياهم وأعمالهم هو الله - تعالى - أما أنا فوظيفتى قبول أعمال الناس على حسب ظواهرها .
    وهؤلاء الضعفاء - الأرذلون فى زعمكم - ليس حسابهم إلا على الله - تعالى - وحده ، فهو أعلم ببواطنهم وبأحوالهم منى ومنكم { لَوْ تَشْعُرُونَ } أى : لو كنتم من أهل الفهم والشعور بحقائق الأمور لا بزيفها ، لعلمتم سلامة ردى عليكم ولكنكم قوم تزنون الناس بميزان غير عادل ، لذا قلتم ما قلتم .
    ثم يحسم الأمر معهم فى هذه القضية فيقول : { وَمَآ أَنَاْ } بحال من الأحوال { بِطَارِدِ المؤمنين } الذين اتبعونى وصدقونى وآمنوا بدعوتى سواء أكانوا من الأرذلين - فى زعمكم - أم من غيرهم ، { إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } أى : ليست وظيفتى إلا الإنذار الواضح للناس بسوء المصير ، إذا ما استمروا على كفرهم ، سواء أكانوا من الأغنياء أم من الفقراء .
    فأنت ترى أن نوحا - عليه السلام - قد جمع فى رده عليهم ، بين المنطق الرصين الحكيم ، وبين الحزم والشجاعة والزجر الذى يخرس ألسنتهم .
    في ظلال القرآن - (ج 1 / ص 352)
    وهم يعنون بالأرذلين الفقراء . وهم السابقون إلى الرسل والرسالات , وإلى الإيمان والاستسلام . لا يصدهم عن الهدى كبرياء فارغة , ولا خوف على مصلحة أو وضع أو مكانة . ومن ثم فهم الملبون السابقون . فأما الملأ من الكبراء فتقعد بهم كبرياؤهم , وتقعد بهم مصالحهم , القائمة على الأوضاع المزيفة , المستمدة من الأوهام والأساطير , التي تلبس ثوب الدين . ثم هم في النهاية يأنفون أن يسويهم التوحيد الخالص بالجماهير من الناس , حيث تسقط القيم الزائفة كلها , وترتفع قيمة واحدة . قيمة الإيمان والعمل الصالح . قيمة واحدة ترفع قوما وتخفض آخرين . بميزان واحد هو ميزان العقيدة والسلوك القويم .
    ومن ثم يجيبهم نوح الجواب الذي يقرر القيم الثابتة ; ويحدد اختصاص الرسول , ويدع أمر الناس وحسابهم لله على ما يعملون .
    (قال:وما علمي بما كانوا يعملون ? إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون . وما أنا بطارد المؤمنين . إن أنا إلا نذير مبين) .
    والكبراء يقولون دائما عن الفقراء:إن عاداتهم وأخلاقهم لا ترضي العلية , ولا تطاق في أوساط الطبقة الراقية ذات الحس المرهف والذوق اللطيف ! فنوح يقول لهم:إنه لا يطلب إلى الناس شيئا سوى الإيمان . وقد آمنوا . فأما عملهم قبله فموكول إلى الله , وهو الذي يزنه ويقدره . ويجزيهم على الحسنات والسيئات . وتقدير الله هو الصحيح (لو تشعرون) بالقيم الحقة التي ترجح في ميزان الله . وما وظيفتي إلا الإنذار والإفصاح:(إن أنا إلا نذير مبين) .
    (2) - فتاوى الإسلام سؤال وجواب - (ج 1 / ص 1186) وفتاوى الإسلام سؤال وجواب - (ج 1 / ص 2446) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 8 / ص 983) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 10 / ص 686) وففروا إلى الله1 - (ج 1 / ص 428و429)
    (3) - صحيح مسلم برقم(2241 )
    وفي شرح النووي على مسلم - (ج 3 / ص 366)
    قَالَ الْقَاضِي : قِيلَ هَذِهِ الْأَحَادِيث خَرَجَتْ أَجْوِبَة لِسَائِلِينَ سَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ ، فَأَجَابَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمْ عَنْ سُؤَاله . هَذَا كَلَام الْقَاضِي ، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِقَبُولِ شَفَاعَة مِائَة فَأَخْبَرَ بِهِ ، ثُمَّ بِقَبُولِ شَفَاعَة أَرْبَعِينَ ، ثُمَّ ثَلَاثَة صُفُوف وَإِنْ قَلَّ عَدَدهمْ ، فَأَخْبَرَ بِهِ ، وَيَحْتَمِل أَيْضًا أَنْ يُقَال : هَذَا مَفْهُوم عَدَد ، وَلَا يَحْتَجّ بِهِ جَمَاهِير الْأُصُولِيِّينَ فَلَا يَلْزَم مِنْ الْإِخْبَار عَنْ قَبُول شَفَاعَة مِائَة مَنْع قَبُول مَا دُون ذَلِكَ ، وَكَذَا فِي الْأَرْبَعِينَ مَعَ ثَلَاثَة صُفُوف ، وَحِينَئِذٍ كُلّ الْأَحَادِيث مَعْمُول بِهَا وَيَحْصُل الشَّفَاعَة بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ثَلَاثَة صُفُوف وَأَرْبَعِينَ .
    وفي شرح رياض الصالحين لابن عثيمين - (ج 4 / ص 99)
    قال النووي رحمه الله باب استحباب تكثير المصلين على الميت ثم ذكر المؤلف رحمه الله ثلاثة أحاديث حديث عائشة وحديث عبد الله بن عباس وحديث مالك بن هبيرة رضي الله عنهم وكلها تدل على أنه كلما كثر الجمع على الميت كان ذلك أفضل وأرجى للشفاعة ففي حديث عائشة أنه من صلى عليه طائفة من الناس يبلغون مائة يشفعون له إلا شفعهم الله فيه ومعلوم أن المصلين على الجنازة يشفعون إلى الله عز وجل لهذا الميت فهم يسألون من الله له المغفرة والرحمة والدعاء للميت في الجنازة من أوجب ما يكون في الصلاة بل هو ركن من أركان الصلاة لا تصح صلاة الجنازة إلا به إلا المسبوق وحديث ابن عباس يدل على أنه من قام على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه أي قبل شفاعتهم فيه وهذه بشرى للمؤمن إذا كثر المصلون على جنازته فشفعوا له عند الله أن الله تعالى يشفعهم فيه .
    أما حديث مالك بن هبيرة ففيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال من صلى عليه ثلاثة صفوف فقد أوجب يعني وجبت له الجنة وهذه الأحاديث كلها تدل على أنه كلما كثر الجمع كان أفضل ولهذا نجد أن بعض الناس إذا صلى على جنازة في مسجد نبه أهل المساجد الأخرى ليحضروا إليه حتى يكثر الجمع فينبغي للإمام إذا رأى الناس الذين جاءوا ليشهدوا صلاة الجنازة قد فاتهم شيء من صلاة الفريضة ألا يتعجل بالصلاة على الميت حتى ينتهي الذين يقضون صلاتهم ليشاركوا الحاضرين في الصلاة على الميت فيكون ذلك أكثر للجمع وربما تكون دعوة واحد منهم هي المستجابة وكون بعض الناس بعدما يسلم يقوم ويصلي على الجنازة وخلفه صف أو أكثر فهذا وإن كان جائزا لكن الأفضل أن ينتظر حتى يتم الناس صلاتهم ويصلون على الجنازة وهذا لا يفوت شيئا كثيرا غاية ما هنالك عشر دقائق على الأكثر ..

    O متابعة المتن
    وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ مَاتَ ابْنٌ لَهُ بِقُدَيْدٍ أَوْ بِعُسْفَانَ فَقَالَ يَا كُرَيْبُ انْظُرْ مَا اجْتَمَعَ لَهُ مِنَ النَّاسِ. قَالَ فَخَرَجْتُ فَإِذَا نَاسٌ قَدِ اجْتَمَعُوا لَهُ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ تَقُولُ هُمْ أَرْبَعُونَ قَالَ نَعَمْ. قَالَ أَخْرِجُوهُ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلاً لاَ يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلاَّ شَفَّعَهُمُ اللَّهُ فِيهِ ». رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ(1)

    __________
    (1) - صحيح مسلم برقم(2242 )
    بيان مشكل الآثار ـ الطحاوى - (ج 1 / ص 141)
    اب بيان مشكل ما روي عن رسول الله عليه السلام فيمن صلت عليه من الموتى جماعة من المسلمين فشفعوا له أنهم يشفعون فيه إذا كان لهم عدد ذكر مقداره فيما روي عنه في ذلك
    حدثنا يونس أنبأ ابن وهب أخبرني ابن جريج أن أيوب بن أبي تميمة أخبره أن أبا قلابة أخبره أن عبد الله بن يزيد رضيع عائشة أخبره أن عائشة زوج النبي عليه السلام أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من رجل مسلم يموت فيصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون أن يكونوا مائة فيشفعوا له إلا شفعوا فيه
    حدثنا حسين بن نصير
    حدثنا علي بن معبد
    حدثنا عبيد الله يعني ابن عمرو عن أيوب عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة عن النبي عليه السلام قال لا يموت أحد من المسلمين فتصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون أن يكونوا مائة فيشفعوا له إلا شفعوا فيه
    حدثنا أحمد بن شعيب حدثنا عمرو بن زرارة ثنا إسماعيل وهو ابن إبراهيم عن أيوب عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد رضيع عائشة رضي الله عنها عن عائشة عن النبي عليه السلام مثله
    حدثنا محمد بن خزيمة حدثنا حجاج بن منهال ثنا حماد بن سلمة ثنا أيوب عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد الخطمي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله عليه السلام قال ما من مسلم يموت فيصلي عليه أمة من الناس يبلغون أن يكونوا مائة إلا شفعوا فيه قال أبو جعفر هكذا يقول حماد في إسناد هذا الحديث عن عبد الله بن يزيد الخطمي والناس يخالفونه في ذلك ويقولون عبد الله بن يزيد رضيع عائشة وهو أشبه بالصواب في ذلك والله أعلم وعبد الله بن يزيد الخطمي هو رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم غير حديث منها ما حدثنا ابن أبي داود حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي بردة قال كنت جالسا عند أمير قد سماه فجعل يتردد عليه برءوس الخوارج قال فجعلت كلما رأيت رأسا منها قلت إلى النار فقال عبد الله بن يزيد يا ابن أخي سمعت رسول الله عليه السلام يقول يكون عذاب هذه الأمة في دنياها قال أبو جعفر وذكره محمد بن سعد في كتاب الطبقات وقال عبد الله بن يزيد الخطمي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن نزل الكوفة واختط بها دارا وولاه عليها عبد الله بن الزبير ثم رجعنا إلى ما كنا فيه من عدد المصلين على الجنازة الشفعاء لصاحبها
    حدثنا ابن معبد حدثنا علي بن الحسن بن شقيق حدثنا أبو حمزة يعني السكري واسمه محمد بن ميمون عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي عليه السلام قال من صلى عليه مائة من المسلمين غفر له ووجدنا أبا أمية قد حدثنا قال حدثنا عبيد الله بن موسى حدثنا شيبان يعني أبا معاوية بن عبد الرحمن النحوي عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي عليه السلام قال من صلى عليه مائة من المسلمين غفر له وقد روى ابن عباس عن رسول الله عليه السلام في عدد الجماعة المشفعين في هذا المعنى ما قد حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي ثنا ابن وهب حدثني أبو صخر حميد بن زياد عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن كريب عن ابن عباس أنه مات ابن له بقديد أو بعسفان فقال لكريب انظر ما اجتمع له من الناس قال فخرجت فإذا ناس قد اجتمعوا قال أخرجوه فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه ووجدنا عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوافق ما رويناه في هذا الباب عن عائشة وأبي هريرة عن رسول الله عليه السلام ويخالف ما رويناه فيه عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما
    حدثنا أحمد بن شعيب أنبأ سويد بن نصر أنبأ عبد الله يعني ابن المبارك عن سلام بن أبي مطيع عن أيوب عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد رضيع عائشة عن عائشة عن النبي عليه السلام قال ما من ميت يصلي عليه جماعة من المسلمين يبلغون أن يكونوا مائة يشفعون إلا شفعوا فيه قال سلام فحدثت به شعيب بن الحبحاب فقال حدثني به أنس عن النبي عليه السلام فقال قائل من أين جاء هذا الاختلاف في هذه الروايات فكان جوابنا عن ذلك بتوفيق الله تعالى أنه يحتمل أن يكون الله جاد عباده المؤمنين بالغفران لمن صلى عليه مائة منهم بشفاعتهم له ثم جاد له بالغفران بشفاعة أربعين منهم فكان خبر ابن عباس بذلك هو آخر ما كان منه عز وجل مما جاد بسببه بالغفران للمصلى عليه من المؤمنين بشفاعتهم وكان خبر عائشة وأبي هريرة متقدمين لذلك فقال ولم حملت ذلك على ما ذكرت ولم تحمله على أن حديث عائشة وأبي هريرة هما المتأخران وحديث ابن عباس هو المتقدم فكان جوابنا له عن ذلك بتوفيق الله وعونه أن الله تعالى ليس من صفته أن يجود بغفران بمعنى ثم يرجع عن الغفران بذلك المعنى وقد يجوز أن يجود بالغفران بمعنى ثم يجود بالغفران بأقل من ذلك المعنى وبأيسره على خلقه الذين جاد بذلك عليهم فبان بما ذكرنا الوجه الذي جاء منه اختلاف العددين في الآثار التي رويناها والله نسأله التوفيق

    O متابعة المتن
    وَهَذَا دُعَاءٌ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ . فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُحْمَلَ الْمَغْفِرَةُ عَلَى الْمُؤْمِنِ التَّقِيِّ الَّذِي اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ وَكُفِّرَتْ عَنْهُ الصَّغَائِرُ وَحْدَهُ ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مَغْفُورٌ لَهُ عِنْدَ الْمُتَنَازِعِينَ . فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ مِنْ أَسْبَابِ الْمَغْفِرَةِ لِلْمَيِّتِ (1)

    __________
    (1) - مسند أحمد برقم(22694) عَنْ مُعَاذٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَنْ يَنْفَعَ حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ وَلَكِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ فَعَلَيْكُمْ بِالدُّعَاءِ عِبَادَ اللَّهِ » وهو حديث حسن لغيره.
    فيض القدير، شرح الجامع الصغير، الإصدار 2 - (ج 8 / ص 154)
    4264 - (الدعاء ينفع مما نزل) من المصائب والمكاره أي يسهل تحمل ما نزل من البلاء فيصبره أو يرضيه حتى أنه لا يكون متمنياً خلافه (ومما لم ينزل) منها بأن يصرف ذلك عنه أو يمده قبل النزول بتأييد إلهي من عنده حتى لا يعبأ به إذا نزل (فعليكم عباد اللّه) بحذف حرف النداء (بالدعاء) قال الطيبي: الفاء جزاء شرط محذوف يعني إذا رزق بالدعاء الصبر والتحمل بالقضاء النازل ويرد به القضاء غير النازل فالزموا عباد اللّه الدعاء وحافظوا عليه وخص عباد اللّه بالذكر تحريضاً على الدعاء وإشارة إلى أن الدعاء هو العبادة فالزموا واجتهدوا وألحوا فيه وداوموا عليه لأن به يحاز الثواب ويحصل ما هو الصواب وكفى به شرفاً أن تدعوه فيجيبك ويختار لك ما هو الأصلح في العاجل والآجل وخص عباد اللّه بالذكر زيادة في الحث وإيماء إلى أن الدعاء هو العبادة.
    ● فتاوى يسألونك ●
    (ج 6 / ص 300)
    حديث لا يرد القضاء إلا الدعاء
    يقول السائل : ما معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يرد القضاء إلا الدعاء ) ؟
    الجواب : ينبغي أن يعلم أولاً أن سؤال الله تعالى ودعائه من الأمور المرغب فيها شرعاً قال الإمام النووي :[ اعلم أن المذهب المختار الذي عليه الفقهاء والمحدثون وجماهير العلماء من الطوائف كلها من السلف والخلف أن الدعاء مستحب ، قال الله تعالى : ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) سورة غافر الآية 60 . وقال تعالى ادعوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ) سورة الأعراف الآية 55 . الأذكار ص340 .
    وجاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء ) رواه الترمذي وابن ماجة وهو حديث حسن كما قال الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي 3/138 .
    وعنه أيضاً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من سرّه أن يستجيب الله تعالى له عند الشدائد والكرب فليكثر الدعاء في الرخاء ) رواه الترمذي وقال الشيخ الألباني حديث حسن انظر صحيح سنن الترمذي 3/140.
    وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الدعاء هو العبادة ) ثم قرأ ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) سورة غافر الآية 60 . رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وقال الترمذي : حديث حسن صحيح وصححه الألباني في المصدر السابق .
    وعن جابر - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ما من أحد يدعو بدعاء إلا آتاه الله ما سأل أو كف عنه من سوء مثله ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ) رواه الترمذي وحسنه الشيخ الألباني المصدر السابق 3/140 .
    وعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - ما على الأرض من مسلم يدعو الله تعالى بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بمأثم أو بقطيعة رحم . فقال رجل من القوم إذاً نكثر ؟ قال : الله أكثر ) رواه الترمذي وقال حسن صحيح وكذا قال الألباني في المصدر السابق 1/181 .
    إذا تقرر هذا فنعود للحديث النبوي محل السؤال فأقول هذا الحديث ورد بلفظ آخر وهو لا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر ) رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي ورواه الترمذي بلفظ لا يرد القضاء إلا الدعاء ) وهو حديث حسن كما قال الألباني في صحيح سنن الترمذي 2/225 .
    وقد قرر العلماء :[ أن الدعاء سبب في حصول الخير وأن هناك أشياء مقدرة ومربوطة بأسباب فإذا تحقق السبب وقع المقدر وإذا لم يتحقق السبب لم يقع ، فإذا دعا المسلم ربه حصل له الخير وإذا لم يدع وقع به الشر كما جعل الله صلة الرحم سبباً لطول العمر وقطيعة الرحم سبباً لضده ] المنتقى من فتاوى الفوزان 2/103 .
    وقال العلامة ابن القيم :[ والدعاء من أنفع الأدوية وهو عدو البلاء يدافعه ويعالجه ويمنع نزوله ويرفعه أو يخففه إذا نزل وهو سلاح المؤمن كما روى الحاكم في صحيحه من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال :قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السموات والأرض وله مع البلاء ثلاث مقامات : أحدها أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه ، الثاني أن يكون أضعف من البلاء فيقوى عليه البلاء فيصاب به العبد ولكن قد يخففه وإن كان ضعيفاً ، الثالث أن يتقاوما ويمنع كل واحد منهما صاحبه وقد روى الحاكم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يغني حذر من قدر والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل وإن البلاء لينزل فيلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة ) وفيه أيضاً من حديث ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء . وفيه أيضاً من حديث ثوبان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ) ] . الجواب الكافي ص4 .
    وقال العلامة ابن القيم أيضاً :[ وها هنا سؤال مشهور وهو أن المدعو به إن كان قد قدر لم يكن بد من وقوعه دعا به العبد أو لم يدع وإن لم يكن قد قدر لم يقع سواء سأله العبد أو لم يسأله فظنت طائفة صحة هذا السؤال فتركت الدعاء وقالت لا فائدة فيه وهؤلاء مع فرط جهلهم وضلالهم متناقضون فإن اطرد مذهبهم لوجب تعطيل جميع الأسباب فيقال لأحدهم إن كان الشبع والري قد قدرا لك فلا بد من وقوعهما أكلت أو لم تأكل وإن لم يقدرا لم يقعا أكلت أو لم تأكل وإن كان الولد قدر لك فلا بد منه وطأت الزوجة والأمة أو لم تطأهما وإن لم يقدر لم يكن فلا حاجة إلى التزويج والتسري وهلم جرا ، فهل يقال هذا عاقل أو آدمي بل الحيوان البهيم مفطور على مباشرة الأسباب التي بها قوامه وحياته فالحيوانات أعقل وأفهم من هؤلاء الذين هم كالأنعام بل هم أضل سبيلاً وتكايس بعضهم وقال الاشتغال بالدعاء من باب التعبد المحض يثيب الله عليه الداعي من غير أن يكون له تأثير في المطلوب بوجه ما ولا فرق عند هذا الكيس بين الدعاء والإمساك عنه بالقلب واللسان في التأثير في حصول المطلوب وارتباط الدعاء عندهم به كارتباط السكوت ولا فرق وقالت طائفة أخرى أكيس من هؤلاء بل الدعاء علامة مجردة نصبها الله سبحانه أمارة على قضاء الحاجة فمتى وفق العبد للدعاء كان ذلك علامة له وأمارة على أن حاجته قد قضيت وهذا كما إذا رأيت غيماً أسوداً بارداً في زمن الشتاء فإن ذلك دليل وعلامة على أنه يمطر قالوا وهكذا حكم الطاعات مع الثواب والكفر والمعاصي مع العقاب هي أمارات محضة لوقوع الثواب والعقاب لأنها أسباب له وهكذا عندهم الكسر مع الإنكسار والحرق مع الإحراق والإزهاق مع القتل ليس شيء من ذلك سبباً ألبتة ولا ارتباط بينه وبين ما يترتب عليه إلا بمجرد الإقتران العادي لا التأثير السببي وخالفوا بذلك الحس والعقل والشرع والفطرة وسائر طوائف العقلاء بل أضحكوا عليهم العقلاء . والصواب أن ههنا قسماً ثالثاً غير ما ذكره السائل وهو أن هذا المقدور قدر بأسباب ومن أسبابه الدعاء فلم يقدر مجرداً عن سببه ولكن قدر بسببه فمتى أتى العبد بالسبب وقع المقدور ومتى لم يأت بالسبب انتقى المقدور وهذا كما قدر الشبع والري بالأكل والشرب . وكذلك قدر دخول الجنة بالأعمال ودخول النار بالأعمال وهذا القسم هو الحق . وحينئذٍ فالدعاء من أقوى الأسباب فإذا قدر وقوع المدعو به بالدعاء لم يصح أن يقال لا فائدة في الدعاء كما لا يقال لا فائدة في الأكل والشرب وجميع الحركات والأعمال وليس شيء من الأسباب أنفع من الدعاء ولا أبلغ في حصول المطلوب ولما كان الصحابة رضي الله عنهم أعلم الأمة بالله ورسوله وأفقههم في دينه كانوا أقوم بهذا السبب وشروطه وآدابه من غيرهم وكان عمر رضي الله عنه يستنصر به على عدوه وكان أعظم جنده وكان يقول للصحابة لستم تنصرون بكثرة وإنما تنصرون من السماء وكان يقول إني لا أحمل همَّ الإجابة ولكن همَّ الدعاء فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه ] الجواب الكافي ص 8-9 .
    وقال أبو حامد الغزالي :[ فإن قلت فما فائدة الدعاء والقضاء لا مرد له فاعلم أن من القضاء رد البلاء بالدعاء فالدعاء سبب لرد البلاء واستجلاب الرحمة كما أن الترس سبب لرد السهم والماء سبب لخروج النبات من الأرض فكما أن الترس يدفع السهم فيتدافعان فكذلك الدعاء والبلاء يتعالجان وليس من شرط الاعتراف بقضاء الله تعالى أن لا يحمل السلاح وقد قال تعالى ( خذوا حذركم ) وأن لا يسقي الارض بعد بث البذر فيقال إن سبق القضاء بالنبات نبت البذر وإن لم يسبق لم ينبت بل ربط الأسباب بالمسببات هو القضاء الأول الذي هو كملح البصر أو هو أقرب وترتيب تفصيل المسببات على تفاصيل الأسباب على التدريج والتقدير هو القدر والذي قدر الخير قدره بسبب والذي قدر الشر قدر لدفعه سبباً فلا تناقص بين هذه الأمور عند من انفتحت بصيرته ثم في الدعاء من الفائدة ما ذكرناه في الذكر فإنه يستدعي حضور القلب مع الله وهو منتهى العبادات ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -:( الدعاء مخ العبادة ) والغالب على الخلق أنه لا تنصرف قلوبهم إلى ذكر الله عز وجل إلا عند إلمام حاجة وإرهاق ملمة فإن الإنسان إذا مسه الشر فذو دعاء عريض فالحاجة تحوج إلى الدعاء والدعاء يرد القلب إلى الله عز وجل بالتضرع والاستكانة فيحصل به الذكر الذي هو أشرف العبادات ولذلك صار البلاء موكلاً بالأنبياء عليهم السلام ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل لأنه يرد القلب بالإفتقار والتضرع إلى الله عز وجل ويمنع من نسيانه وأما الغنى فسبب للبطر في غالب الأمور فإن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى ] إحياء علوم الدين 1/333.

    O متابعة المتن
    ( السَّبَبُ الْخَامِسُ ) : مَا يُعْمَلُ لِلْمَيِّتِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ (1):
    كَالصَّدَقَةِ وَنَحْوِهَا(2)، فَإِنَّ هَذَا يَنْتَفِعُ بِهِ بِنُصُوصِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ وَاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ (3)

    __________
    (1) - فتاوى الإسلام سؤال وجواب - (ج 1 / ص 1186) وفتاوى الإسلام سؤال وجواب - (ج 1 / ص 2446) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 8 / ص 983) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 10 / ص 686) وففروا إلى الله1 - (ج 1 / ص 429)
    (2) - في صحيح مسلم برقم(4310 )عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ».
    شرح النووي على مسلم - (ج 6 / ص 21)
    قَالَ الْعُلَمَاء : مَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ عَمَل الْمَيِّت يَنْقَطِع بِمَوْتِهِ ، وَيَنْقَطِع تَجَدُّد الْجَوَاب لَهُ ، إِلَّا فِي هَذِهِ الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة ؛ لِكَوْنِهِ كَانَ سَبَبهَا ؛ فَإِنَّ الْوَلَد مِنْ كَسْبه ، وَكَذَلِكَ الْعِلْم الَّذِي خَلَّفَهُ مِنْ تَعْلِيم أَوْ تَصْنِيف ، وَكَذَلِكَ الصَّدَقَة الْجَارِيَة ، وَهِيَ الْوَقْف .
    وَفِيهِ فَضِيلَة الزَّوَاج لِرَجَاءِ وَلَد صَالِح ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَان اِخْتِلَاف أَحْوَال النَّاس فِيهِ ، وَأَوْضَحْنَا ذَلِكَ فِي كِتَاب النِّكَاح . وَفِيهِ دَلِيل لِصِحَّةِ أَصْل الْوَقْف ، وَعَظِيم ثَوَابه ، وَبَيَان فَضِيلَة الْعِلْم ، وَالْحَثّ عَلَى الِاسْتِكْثَار مِنْهُ . وَالتَّرْغِيب فِي تَوْرِيثه بِالتَّعْلِيمِ وَالتَّصْنِيف وَالْإِيضَاح ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَار مِنْ الْعُلُوم الْأَنْفَع فَالْأَنْفَع . وَفِيهِ أَنَّ الدُّعَاء يَصِل ثَوَابه إِلَى الْمَيِّت ، وَكَذَلِكَ الصَّدَقَة ، وَهُمَا مُجْمَع عَلَيْهِمَا ، وَكَذَلِكَ قَضَاء الدَّيْن كَمَا سَبَقَ .
    وَأَمَّا الْحَجّ فَيَجْزِي عَنْ الْمَيِّت عِنْد الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقِيهِ ، وَهَذَا دَاخِل فِي قَضَاء الدَّيْن إِنْ كَانَ حَجًّا وَاجِبًا ، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا وَصَّى بِهِ وَهُوَ مِنْ بَاب الْوَصَايَا ، وَأَمَّا إِذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَام فَالصَّحِيح أَنَّ الْوَلِيّ يَصُوم عَنْهُ ، وَسَبَقَتْ الْمَسْأَلَة فِي كِتَاب الصِّيَام .
    وَأَمَّا قِرَاءَة الْقُرْآن وَجَعْل ثَوَابهَا لِلْمَيِّتِ وَالصَّلَاة عَنْهُ وَنَحْوهمَا فَمَذْهَب الشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور أَنَّهَا لَا تَلْحَق الْمَيِّت ، وَفِيهَا خِلَاف ، وَسَبَقَ إِيضَاحه فِي أَوَّل هَذَا الشَّرْح فِي شَرْح مُقَدِّمَة صَحِيح مُسْلِم .
    (3) - سنن النسائى برقم(3671 ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنَّهُ أَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ إِنَّ أُمِّى مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ أَفَيُجْزِئُ عَنْهَا أَنْ أَعْتِقَ عَنْهَا قَالَ « أَعْتِقْ عَنْ أُمِّكَ » وهو صحيح.
    ● وفي فتاوى الشبكة الإسلامية معدلة ●
    (ج 2 / ص 3851)
    رقم الفتوى 8132 هل الصلاة عن الميت مشروعة
    تاريخ الفتوى : 02 ذو الحجة 1424
    السؤال
    هل يجوز أن أصلي عن الميت؟ أم أنه يقتصر على الدعاء والصدقة والصيام له؟
    وهل ما يقام في بعض الدول العربية ويسمى الشادر- قراءة القرآن في الطرق العامة- يعتبر بدعة ولماذا؟
    جزاكم الله خيرا عنا وعن جميع المسلمين
    الفتوى
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
    فالأصل أن لا يصلي أحد عن أحد، قال القرطبي رحمه الله ( وأجمعوا أنه لا يصلي أحد عن أحد ) انتهى من تفسير القرطبي لقوله تعالى ( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ) (النجم:39)
    وذلك لأن الصلاة من العبادات البدنية المحضة فلا تدخلها النيابة.
    وإن كان المراد أن تصلي نافلة ثم تهب ثوابها للميت، فهذا أجازه جماعة من أهل العلم.
    قال في متن الإقناع من كتب الحنابلة: (وكل قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها أو بعضها كالنصف ونحوه، لمسلم حي أو ميت جاز، ونفعه، لحصول الثواب له... من تطوع وواجب، تدخله النيابة كحج ونحوه، أولا ( أي لا تدخله النيابة) كصلاة وكدعاء واستغفار وصدقة وأضحية وأداء دين وصوم وقراءة وغيرها).
    وقال في شرحه كشاف القناع: ( وقول المصنف: أو لا، كصلاة: هو معنى قول القاضي: إذا صلى فرضاً وأهدى ثوابه صحت الهدية وأجزأ ما عليه، قال في المبدع: وفيه بُعد) انتهى.
    والأشهر عند الحنابلة أنه لا يصح هبة ثواب الفرض، قال في شرح منتهى الإرادات ( ولو صلى فرضاً وأهدى ثوابه لميت لم يصح في الأشهر، وقال القاضي: يصح. وبعد) انتهى.
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالصدقة على الميت، وأمر أن يصام عنه الصوم، فالصدقة عن الموتى من الأعمال الصالحة، وكذلك ما جاءت به السنة في الصوم عنهم. وبهذا وغيره احتج من قال من العلماء: إنه يجوز إهداء ثواب العبادات المالية والبدنية إلى موتى المسلمين. كما هو مذهب أحمد وأبي حنيفة، وطائفة من أصحاب مالك والشافعي.
    فإذا أهدي لميت ثواب صيام أو صلاة أو قراءة جاز ذلك وأكثر أصحاب مالك والشافعي يقولون: إنما شرع ذلك في العبادات المالية.
    ومع هذا لم يكن من عادة السلف إذا صلوا تطوعاً وصاموا وحجوا أو قرأوا القرآن، يهدون ثواب ذلك لموتاهم المسلمين، ولا بخصوصهم، بل كان عادتهم كما تقدم- أي فعل العبادة لأنفسهم مع الدعاء والصدقة للميت- فلا ينبغي للناس أن يبدلوا طريق السلف، فإنه أفضل وأكمل) انتهى من الفتاوى الكبرى ج 3 ص 37
    ولهذا فالأفضل والأكمل أن يقتصر المسلم على ما وردت به السنة كالدعاء للميت والصدقة، والصيام عنه إذا كان عليه صوم واجب، وكذلك الحج عنه إذا كان عليه حج واجب، لأدلة كثيرة منها:
    قوله صلى الله عليه وسلم "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له، أو علم ينتفع به" رواه مسلم.
    وعند النسائي: أن سعداً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أمي ماتت ولم توص، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم".
    وعند النسائي أيضاً: "إن أمي ماتت وعليها نذر، أفيجزئ عنها أن أعتق عنها؟ قال: نعم".
    وفي صحيح البخاري ومسلم: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟ قال: نعم، فدين الله أحق أن يقضى".
    وعند الترمذي وأبي داود، وأحمد أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أمي ماتت ولم تحج، أفأحج عنها؟ قال: نعم، حجي عنها". قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
    أما إقامة السرادقات (الشادر) في الطرق العامة لقراءة القرآن على روح الميت، فهو بدعة، لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أمر محدث، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد" رواه البخاري ومسلم، وقوله في (أمرنا) أي: في ديننا، وقوله (رد) أي: مردود على صاحبه كائناً من كان.
    ولو كان ذلك مشروعاً لسبقنا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته، فالاجتماع بهذه الكيفية، وبهذه الطريقة مع ما يحدث من مخالفات أخرى، كشرب الدخان، والتباهي، والفخر، والإسراف، والتبذير الذي يحدث في هذه المناسبات إلى غير ذلك من المخالفات لا يشك عاقل - مع كل ذلك- في عدم مشروعيته والله أعلم.
    المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبد الله الفقيه

    O متابعة المتن
    وَالْحَجُّ (1)

    __________
    (1) - مسند أحمد برقم(23734)ٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّى بِجَارِيَةٍ فَمَاتَتْ أُمِّى وَبَقِيَتِ الْجَارِيَةُ. فَقَالَ « قَدْ وَجَبَ أَجْرُكِ وَرَجَعَتْ إِلَيْكِ فِى الْمِيرَاثِ ». قَالَتْ فَإِنَّهُ كَانَ عَلَى أُمِّى صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا قَالَ « نَعَمْ ». قَالَتْ فَإِنَّ أُمِّى لَمْ تَحُجَّ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا قَالَ « حُجِّى عَنْ أُمِّكِ » صحيح.
    ● وفي فتاوى الشبكة الإسلامية معدلة ●
    (ج 9 / ص 6776)
    رقم الفتوى 68012 الحج عن الميت بأجرة
    تاريخ الفتوى : 07 رمضان 1426
    السؤال
    أنا أبي متوفى منذ زمن بعيد ولم يحج وسمعت بالتلفزيون أنه يجوز الحج عن المتوفى ببعث قيمة من المال، فكيف يتم ذلك، وما هي القيمة المادية لذلك، أرجو منكم إفادتي في هذا الموضوع؟ وجزاكم الله ألف خير.
    الفتوى
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
    فمن مات ولم يحج فإنه يشرع الحج عنه بأن يحج عنه قريبه أو شخص أجنبي بشرط أن يكون من يحج عنه قد حج عن نفسه فإن طلب الأجرة على الحج عنه وجب ذلك إن كان للميت تركة وإلا استحب التبرع بذلك عنه، قال الإمام الشيرازي في المهذب: وتجوز النيابة في حج الفرض في موضعين:
    إحداهما: في حق الميت إذا مات وعليه حج، والدليل عليه حديث بريدة.
    والثاني: في حق من لا يقدر على الثبوت على الراحلة إلا بمشقة غير معتادة كالزمن والشيخ الكبير، والدليل عليها ما روى ابن عباس رضي الله عنه أن امرأة من خثعم أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يستمسك على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم، قالت: أينفعه ذلك؟ قال: نعم، كما لو كان على أبيك دين فقضيته نفعه. ولأنه أيس من الحج بنفسه فناب عنه غيره كالميت. انتهى.
    وحديث بريدة الذي أشار إليه المصنف رواه مسلم عن بريدة قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: يا رسول الله إن أمي ماتت ولم تحج، قال: حجي عن أمك.
    وعليه فلك توكيل شخص بأجرة تتفقان عليها ليقوم بأداء مناسك الحج نيابة عن والدك، وإذا كان النائب في السعودية مثلاً فلا يلزمه السفر إلى البلد الذي كان فيه والدكم بل له أن يحرم للحج من أي ميقات شاء، ولو لم يكن ميقات الشخص المنوب عنه، أما إحرامه من داخل المواقيت فلا يجوز على مذهب جماهير العلماء وهو الذي نختاره.
    والله أعلم.
    المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبد الله الفقيه
    ● الموسوعة الفقهية1-45 كاملة ●
    (ج 2 / ص 7406)
    النّيابة عن الغير في أداء دين اللّه
    8 - دَين اللّه الماليّ المحض كالزّكاة والصّدقات والكفّارات تجوز فيه النّيابة عن الغير سواء أكان من هو في ذمّته قادراً على ذلك بنفسه أم لا ، لأنّ الواجب فيها إخراج المال وهو يحصل بفعل النّائب ، وسواء أكان الأداء عن الحيّ أم عن الميّت ، إلاّ أنّ الأداء عن الحيّ لا يجوز إلاّ بإذنه باتّفاقٍ وذلك للافتقار في الأداء إلى النّيّة لأنّها عبادة فلا تسقط عن المكلّف بدون إذنه.
    أمّا بالنّسبة للميّت فلا يشترط الإذن إذ يجوز التّبرّع بأداء الدّين عن الميّت ،وهذا في الجملة.
    وأمّا العبادات البدنيّة المحضة كالصّلاة والصّوم فلا تجوز النّيابة فيها حال الحياة لقول اللّه تعالى : «وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى» وقول عبد اللّه بن عبّاسٍ رضي الله عنهما : لا يصلّي أحد عن أحدٍ ولا يصوم أحد عن أحدٍ.
    قال الكاسانيّ : أي في حقّ الخروج عن العهدة لا في حقّ الثّواب ، وهذا باتّفاقٍ ، وكذلك الحكم بعد الممات عند الحنفيّة والمالكيّة.
    وهذا الحكم إنّما هو بالنّسبة لقضاء العبادة نفسها عن الميّت.
    أمّا فدية الصّيام وكفّارة الإفطار فيجوز للورثة أن يتبرّعوا بها عن الميّت إذا لم يوص.
    أمّا إذا أوصى فقال الحنفيّة فتؤدّى من ثلث ماله.
    ولغيرهم من الفقهاء تفصيل ينظر في مصطلح : « وصيّة » .
    أمّا عند الشّافعيّة فلا يجوز القضاء عن الميّت عمّا ترتّب في ذمّته من صلاةٍ فاتته ومات دون قضائها.
    وأمّا الصّوم فما ترتّب في ذمّة الميّت منه ففي الجديد لا يصحّ الصّوم عنه لأنّه عبادة بدنيّة لا تدخلها النّيابة في حال الحياة فكذلك بعد الموت ، وإنّما يكفّر عنه بإخراج مدٍّ من طعامٍ عن كلّ يومٍ فاته ، وفي القديم يجوز أن يصوم وليّه عنه لخبر الصّحيحين : « من مات وعليه صيام صام عنه وليّه » ، وهذا هو الأظهر ، قال السّبكيّ ويتعيّن أن يكون هو المختار والمفتى به ، والقولان يجريان في الصّيام المنذور إذا لم يؤدّ.
    وأمّا الحنابلة فقد فصّلوا بين الواجب بأصل الشّرع من صلاةٍ وصيامٍ وبين ما أوجبه الإنسان على نفسه من نذر صلاةٍ وصيامٍ.
    فقالوا : من مات وفي ذمّته صلاة مفروضة لم تؤدّ ، أو صيام رمضان لم يؤدّ ، فلا تجوز النّيابة عن الميّت في ذلك ، لأنّ هذه العبادات لا تدخلها النّيابة حال الحياة فبعد الموت كذلك.
    أمّا ما أوجبه الإنسان على نفسه بالنّذر من صلاةٍ وصومٍ وتمكّن من الأداء ولم يفعل حتّى مات سنّ لوليّه فعل النّذر عنه لحديث ابن عبّاسٍ : « جاءت امرأة إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول اللّه إنّ أمّي ماتت وعليها صوم نذرٍ أفأصوم عنها ؟ قال : أرأيت لو كان على أمّك دين فقضيتيه أكان يؤدّي ذلك عنها ؟ قالت : نعم ، قال : فصومي عن أمّك » .
    لأنّ النّذر أخفّ حكماً من الواجب بأصل الشّرع.
    ويجوز لغير الوليّ فعل ما على الميّت من نذرٍ بإذنه وبدون إذنه.
    وقد اختلف الفقهاء بالنّسبة للحجّ لما فيه من جانبٍ ماليٍّ وجانبٍ بدنيٍّ ، فمن كان عاجزاً بنفسه عن أداء الحجّ وأمكنه الأداء بماله بإنابة غيره مناب نفسه لزمه الإنابة في الحجّ عنه، وهذا عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة وبعض فقهاء المالكيّة ، والمشهور عندهم عدم جواز النّيابة في الحجّ.
    وهذا بالنّسبة للحيّ في الجملة.
    أمّا من مات وكان مستطيعاً ولم يحجّ فعند الشّافعيّة والحنابلة يجب القضاء من رأس مال تركته ، لما روى بريدة قال : « أتت النّبيّ صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت : يا رسول اللّه إنّ أمّي ماتت ولم تحجّ ، فقال لها النّبيّ صلى الله عليه وسلم : حجّي عن أمّك » .
    ولأنّه حقّ تدخله النّيابة حال الحياة فلم يسقط بالموت كدين الآدميّ ، وسواء في ذلك حجّ الفريضة والنّذر ، فإن حجّ عنه الوارث بنفسه أو باستئجارٍ سقط الحجّ عن الميّت.
    وأضاف الشّافعيّة أنّه لو حجّ عن الميّت أجنبيّ جاز ولو بلا إذنٍ كما إنّ له أن يقضي دينه بلا إذنٍ.
    وعند الحنفيّة والمالكيّة يجوز تبرّع الوارث بالحجّ بنفسه عن الميّت أو بالإحجاج عنه رجلاً آخر ولكن مع الكراهة عند المالكيّة.

    O متابعة المتن
    . بَلْ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ قَالَ : « مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ » (1)

    __________
    (1) - صحيح البخارى برقم(1952 ) ومسلم برقم(2748 )
    شرح النووي على مسلم - (ج 4 / ص 144)
    اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِيمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْم وَاجِب مِنْ رَمَضَان ، أَوْ قَضَاء أَوْ نَذْر أَوْ غَيْره ، هَلْ يُقْضَى عَنْهُ ؟ وَلِلشَّافِعِيِّ فِي الْمَسْأَلَة قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ : أَشْهَرُهُمَا : لَا يُصَام عَنْهُ ، وَلَا يَصِحّ عَنْ مَيِّت صَوْم أَصْلًا .
    وَالثَّانِي : يُسْتَحَبّ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَصُوم عَنْهُ ، وَيَصِحّ صَوْمه عَنْهُ وَيَبْرَأُ بِهِ الْمَيِّتُ ، وَلَا يَحْتَاج إِلَى إِطْعَامٍ عَنْهُ ، وَهَذَا الْقَوْل هُوَ الصَّحِيح الْمُخْتَار الَّذِي نَعْتَقِدُهُ ، وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ مُحَقِّقُو أَصْحَابنَا الْجَامِعُونَ بَيْن الْفِقْه وَالْحَدِيث لِهَذِهِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الصَّرِيحَة ، وَأَمَّا الْحَدِيث الْوَارِد " مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَام أُطْعِمَ عَنْهُ " فَلَيْسَ بِثَابِتٍ ، وَلَوْ ثَبَتَ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيث بِأَنْ يُحْمَلَ عَلَى جَوَاز الْأَمْرَيْنِ ، فَإِنَّ مَنْ يَقُول بِالصِّيَامِ يَجُوز عِنْده الْإِطْعَام ، فَثَبَتَ أَنَّ الصَّوَابَ الْمُتَعَيِّنَ تَجْوِيزُ الصِّيَامِ ، وَتَجْوِيز الْإِطْعَام ، وَالْوَلِيّ مُخَيَّرٌ بَيْنهمَا ، وَالْمُرَاد بِالْوَلِيِّ الْقَرِيب ، سَوَاء كَانَ عَصَبَةً أَوْ وَارِثًا أَوْ غَيْرَهُمَا ، وَقِيلَ : الْمُرَاد الْوَارِث ، وَقِيلَ : الْعَصَبَة ، وَالصَّحِيح الْأَوَّل ، وَلَوْ صَامَ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ إِنْ كَانَ بِإِذْنِ الْوَلِيّ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا فِي الْأَصَحّ ، وَلَا يَجِب عَلَى الْوَلِيّ الصَّوْم عَنْهُ ، لَكِنْ يُسْتَحَبّ .
    هَذَا تَلْخِيص مَذْهَبِنَا فِي الْمَسْأَلَة ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ مِنْ السَّلَف : طَاوُسٌ وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَالزُّهْرِيّ وَقَتَادَة وَأَبُو ثَوْر ، وَبِهِ قَالَ اللَّيْث وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَأَبُو عُبَيْد فِي صَوْم النَّذْر دُون رَمَضَان وَغَيْره ، وَذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى أَنَّهُ لَا يُصَام عَنْ مَيِّت لَا نَذْر وَلَا غَيْره ، حَكَاهُ اِبْن الْمُنْذِر عَنْ اِبْن عُمَر وَابْن عَبَّاس وَعَائِشَة ، وَرِوَايَة عَنْ الْحَسَن وَالزُّهْرِيّ ، وَبِهِ قَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاض وَغَيْره : هُوَ قَوْل جُمْهُور الْعُلَمَاء ، وَتَأَوَّلُوا الْحَدِيث عَلَى أَنَّهُ يُطْعِمُ عَنْهُ وَلِيُّهُ ، وَهَذَا تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ ، بَلْ بَاطِلٌ ، وَأَيُّ ضَرُورَةٍ إِلَيْهِ وَأَيُّ مَانِع يَمْنَع مِنْ الْعَمَل بِظَاهِرِهِ مَعَ تَظَاهُرِ الْأَحَادِيثِ ، مَعَ عَدَم الْمُعَارِض لَهَا ، قَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابنَا : وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَنْهُ صَلَاةٌ فَائِتَة ، وَعَلَى أَنَّهُ لَا يُصَام عَنْ أَحَد فِي حَيَاته ، وَإِنَّمَا الْخِلَاف فِي الْمَيِّت . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
    وَأَمَّا قَوْل اِبْن عَبَّاس : ( إِنَّ السَّائِل رَجُل ) ، وَفِي رِوَايَة : ( اِمْرَأَة ) ، وَفِي رِوَايَة : ( صَوْم شَهْر ) ، وَفِي رِوَايَة ( صَوْم شَهْرَيْنِ ) فَلَا تَعَارُض بَيْنهمَا ، فَسَأَلَ تَارَة رَجُل ، وَتَارَة اِمْرَأَة ، وَتَارَة عَنْ شَهْر ، وَتَارَة عَنْ شَهْرَيْنِ.

    أسباب رفع العقوبة عن العبد [ 13 ] Fasel10

    كتاب : أسباب رفع العقوبة عن العبد
    المؤلف : شيخ الإسلام ابن تيمية
    منتدى ميراث الرسول - البوابة
    أسباب رفع العقوبة عن العبد [ 13 ] E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 2:27 am