بّسم الله الرّحمن الرّحيم
موسوعة تفسير الأحلام
مُنتخب الكلام في تفسير الأحلام
تأويل رؤيا الكعبة والمساجد والقبة
والقلعة والكنيسة والصومعة
الكعبة :
ربما دلت على الصلاة لأنّها قبلة المصلين، وتدل على المسجد والجامع لأنّها بيت الله، وتدل على من يقتدي به ويهتدي بهديه ورجع إلى أمره ولا يخالف إلى غيره، كالإسلام والقرآن والسنن والمصحف والسلطان والحاكم والعالم والوالد والسيد والزوج والوالدة والزوجة، وقد تدل على الجنة، لأنّها بيت الله. والجنة داره بها ويوصل إليها. وقد تدل على ما تدل عليه الجوامع والمساجد من المواسم والجماعات والأسواق والرحاب.
فمن رأى الكعبة صارت داره سعى إليه الناس وازدحما على بابه لسلطان يناله أو علم يعلمه أو امرأة شريفة عالية سلطانية أو ناسكة تتزوجين. وإن كان عبداً فإنّ سيده يعتقه لأنّ الله تعالى أعتق بيته من أيدي الجبابرة.
وأما إن كان حولها أو يعمل عملاً من مناسكها فهو يخدم سلطاناً أو عالماً أو عابداً أو والده أو والدته أو زوجة أو سيداً بنصح وبر وكد وتعب. وإن رأى كأنّه دخلها تزوج إن كان عزباً، وأسلم إن كان كافراً، وعاد إلى الصلاة والصلاح إن كان غافلاً، وإلى طاعة والديه إن كان عاقاً. وإلا دخل دار سلطان أو حاكم أو فقيه لأمر من الأمور الذي يستدل عليه بزيادة منامه وأحواله في يقظته، إلا أن يكون خائفاً في اليقظة، فإنّه يأمن ممن يريده. وإن كان مريضاً فذلك موته وفوزه، سيما إن كان في المنام قد حمل إليها في محمل صامتاً غير متكلم أو ملبياً متجرداً من الثياب، فإنّه يخرج من الدنيا ويستجيب لداعي الله تعالى ويفضي إن شاء الله إلى الجنة.
وأما إن رآها في بلاد أو محلة فإن كانت الرؤيا خاصة لرائيها ولم ير جماعة من الناس معه عند رؤيتها، فانظر إلى حالته، فإن كان منتظراً الزوجة قد عقد نكاحها وطال عليه انتظارها فقد دنا أمرها وقرب إليه مجيئها سيما إن رآها في محلتها أو في محلته، وإن دخلها وهي عنده أهديت إليه، وإن دخلها دخل عليها في دارها عاجلاً سرِيعاً، لقرب الكعبة منه من بعد بعدها ومشقة مسافتها، وإن رآها في ذلك من كان غافلاً في دينه أو تاركاً للصلاة فإنّها له نذير وتحذير من تركه لما عليه أن يعمله من التوجيه إليها في مكانه، وكذلك إن كان ممن يلزمه الحج وقد غفل عنه فقد ذاكرته في نفسها واقتضته في المجيء إليها، وإن لم يكن شيء من ذلك وكانت الرؤيا لعامة الناس اجتماعهم حولها في المنام وضجيجهم عندها في الأحلام، فإما سلطان عادل يلي يقدم عليهم، أو حاكم أو رجل عالم أو إمام مذكور، يقدم من حج الناس أو سفر بعيد، أو يخرج من داره من بعد تزاويه لحادث يحدث له أو فرض يلزمه أو ميت يموت له، فيتبعه الناس ويطوفون حوله بالدعاء له والتبرك به ونحو ذلك.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
المسجد الحرام :
وأما المسجد الحرام فيدل على الحج لمن تجرد فيه أو أذن، وإن لم يكن ذلك في أيام الحج بجوهره في ذلك ودليله، لأنّ الكعبة التي إليها الحج فيه. وقد تدل على دار السلطان المحرمة ممن أرادها التي يأمن من دخلها، وعلى دار العالم وعلى جامع المدينة وعلى السوق العظيم الشأن الكبير الحرام، كسوق الصرف والصاغة لكثرة ما يجب فيها من التحري وما يدخل على أهلها من الحرام والنقص والإثم، وكذلك كل الحرام بما الإنسان فيه مطلوب بالمحفظ من إتيان المحرمات ومن التعدي على الحيوانات ومن إماطة الأذى.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
المساجد :
المسجد يدل على الآخرة لأنّها تطلب فيه، كما تدل المزبلة على الدنيا، وتدل على الكعبة لأنّها بيت الله، وتدل على الأماكن الجامعة للريح والمنفعة والثواب والمعاونة كدار الحاكم وحلقة الذكر والموسم والرباط وميدان الحرب والسوق لأنّه سوق الآخرة. ثم يدل كل مسجد على نحوه في كبره واشتهاره وجوهره.
فمن بنى مسجداً في المنام فإن كان أهلاً للقضاء ناله، وكذلك إن كان موضعاً للفتوى وقد يدل في العالم على مصنف نافع تصنيفه، وفي الوراق على مصحف يكتبه، وفي الأعزب على نكاح وتزويج، ولطلاب المال والدنيا على بناء يبنيه تجري عليه غلته وتدوم عليه فائدته، كالحمام والفندق والحانوت والفرن والسفينة وأمثاله ذلك، لما في المسجد من الثواب الجاري مع كثرة الأرباح فيه في صلاة الجماعة، ومجيء الناس إليه من كل ناحية، ودخولها فيه بغير إذن.
ومن كان في يقظته مؤثراً للدنيا وأموالها، أو كان مؤثراً لآخرته على عاجلته، عادت الأمثال الرابحة إلى الأرباح والفوائد في الدنيا له، أو إلى الآخرة والثواب في الآجلة التي هي مطلبه في يقظته.
وأما من هدم مسجداً فإنّه يجري في ضد من بناه، وقد يستدل على ابتذال حالته بالذي يبنيه في مكانه أو يحدثه في موضعه من بعد هدمه، فإن بنى حانوتاً آثرِ الدنيا على الآخرة، وإن بنى حماماً فسد دينه بسبب امرأة، وإن حفر في مكانه حفيراً أثم من مكر مكره، أو من أجل جماعة فرقها عن العلم والخير والعمل، أو من أجل حاكم عزله، أو رجل صالح قتله، أو مكان فيه من عطلة أو نكاح معقود أفسده وأبطله.
وإن رأى نفسه مجرداً من الثياب في مسجد تجرد فيما يليق به من دلائل المسجد، فإن كان ذلك في أيام الحج فإنّه يحج إن شاء الله، سيما إن كان يؤذن فيه، وإن كان مذنباً خرج مما هو فيه إلى التوبة والطاعة، وإن كان يصلي فيه على غير حالة إلى غير القبلة بادي السوأة فإنّه يتجرد إلى طلب الدنيا في سوق من الأسواق وموسم من المواسم فيحرم فيه ما أمله ويخسر فيه كل ما قد اشتراه وباعه، لفساد صلاته وخسارة تعبه. وقد يدل ذلك على فساد ما يدخل عليه في غفلته من الحرام والربا إن لاق ذلك به.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
جامع المدينة :
وأما جامع المدينة فدال على أهلها، وأعاليه رؤساؤها، وأسافله عامتها، وأساطينه أهل الذكر والقيام بالنفع في السلطان والعلم والعبادة والنسك، ومحرابه إمام الناس، ومنبره سلطانهم أو خطيبهم، وقناديليه أهل العلم والخير والجهاد والحراسة في الرباط، وأما حصره فأهل الخير والصلاح وكل من يجتمع إليه ويصلي فيه، وأما مأذنته فقاضي المدينة أو عالمها الذي يدعي الناس إليه، ويرضى بقوله ويقتضى بهديه ويصار إلى أوامره ويستجاب لدعوته ويؤمن على دعائه، وأما أبوابه فعمال وأمناء وأصحاب شرط، وكل من يدفع عن الناس ويحفظهم ويحفظ عليهم. فما أصاب شيئاً من هذه الأشياء، أو رأى فيه من صلاح أو فساد عاد تأويله على من يدل عليه خاصة أو عامة.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
القبة :
القبة قوة، منِ رأى أنّه بنى قبة على السحاب، فإنّه يصيب سلطاناً وقوة بحلمه.
ومن رأى أنّ له بنياناً بين السماء والأرض من القباب الخضر، فإنّ ذلك حسن حاله وموته على الشهادة. ويدل البناء على بناء الرجل بامرأته، وقيل من رأى كأنّه يبني بناء، فإنّه يجمع أقرباءه وأصدقاءه على سرور. ومن رأى أنّه طين قبر النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يحج بمال. واللبن إذا كان مجموعاً ولا يستعمل في بناء، فهو دراهم ودنانير، ومن رأى أنّه يجدد بنياناً عتيقاً لعالم، فإنّ تجديد سيرة ذلك العالم. إن كان البناء لفرعوِن أو ظالم، فإنّه تجدد سيرته. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى كأنّه يبني بنياناً فإنّه يعمل عملاً. ومن رأى أنّه ابتدأ في بناء فحفره من أساسه وبناه من قراره حتى شيده، فإنّه طلب علم أو ولاية أو حرفة، وسينال حاجته فيما يروم. وقيل من رأى أنّه يبني بنياناً في بلدة أو قرية، فإنّه يتزوج هناك امرأة. فإن بناه من خزف فتزيين ورياء، وإن بناه من طين، فإنّه حلال وكسب. وإن كان منقوشاً، فهو ولاية أو علم مع لهو وطرب. وإن بناه من جص وآجر عليه صورة فإنّه يخوض في الأباطيل.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
القلعة :
القلاع من هم إلى فرج، والقلعة ملك من الملوك يبلغ الملوك من خير إلى شر، فمن رأى كأنّه دخل قلعة رزق رزقاً ونسكاً في دينه، ومن رأى قلعة من بعيد فإنه يسافر من موضع إلى موضع ويرتفع أمره.
ومن رأى أنّه بنى حصناً: أحصن فرجه من الحرام وماله ونفسه من البلاء والذل.
فإن رأى أنّه خرب حصنه أو داره أو قصره فهو فساد دينه ودنياه أو موت امرأته. ومن رأى أنّه في قلعة أو مدينة أو حصن فإنّه يرِزق صلاحاً وذكرِاً ونسكاً في دينه، فإن رأى قاعد على شرف حسن فإنه يستعد أخاً أو رئيساً أو والداً ينجو به.
وقيل: الحصن رجل حصين لا يقدر عليه أحد. فمن رآه من بعيد فإنّه علو ذكره تحصين فرجه، ومن رأى أنّه تعلق بحصن من داخله أو خارجه فكذلك يكون حاله في دينه. وقيل من رأى أنّه تحصن في قلعة نصر.
وأما البرج: فمن رأى أنّه على برج أو فيه فإنّه يموت ولا خير فيه، لقوله تعالى: ( أيْنَمَا تَكُونوا يُدْرِكُكُمْ المَوْتُ وَلوْ كُنْتمْ في بُرُوج مُشيّدَةِ ).
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
الكنيسة:
دالة على المقبرة وعلى دار الزانية وعلى حانوت الخمر ودار الكفر والبدع، وعلى دار المعازف والزمر والغناء، وعلى دار النوح والسواد والعويل، وعلىِ جهنم دار من عصى ربه، وعلى السجن،
فمن رأى نفسه في كنيسة فإن كان فيها ذاكراً لّه تعالى أو باكياً أو مصلياً إلى الكعبة، فإنّه يدخل جبانة لزيارة الموتى أو لصلاة على جنازة. وإن كان بكاؤه بالعويل أو كان حاملاً فيها ما يدل على الهموم، فإنه يسجن في السجن.
وإن رأى فيها ميتاً فهو في النار محبوس مع أهل العصيان. وإن دخلها حياً مؤذنَاً أو تالياً للقران، فإن كان في جهاد غلب هو ومن معه على بلد العدو، وإن كان في حاضرة دخل على قومه في عصيان أو بدع وإلحاد فوعظهم وذكرهم وحجهم وقام بحجة الله فيهم. وإن كان من يرى معهم ويصلي بصلاتهم ويعمل مثل أعمالهم، فإن كان رجلاً خالط قوماً على كفر أو بدعة أو زناً أو خمر أو على معصية كبيرة، كالغناء والزمر وضرب البربط والطبل سيما إن كان قد سجد معهم للصليب لأنّه من خشب. وإن كان امرأة حضرت في عرس فيه معازف وطبول فخالطتهم، أو في جنازة فيها شق وسواد ونوح وعويل فشاركتهم.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
الصومعة :
تدل الصومعة على السلطان وعلى الرئيس العالي الذكر بالعلم والعبادة، وكذلك المنازل بمكانها ومنافعها وجوهرها ومعروفها ومجهولها، يستدل على تأويلها وحالة المنسوب إليها، فما أصابها أو نزل بها من هدم أو سقوط أو غير ذلك عاد تأويله على من دلت عليه. وما كان منها في الهواء أو الجبانة أو في البرية فدالة على قبور الأشراف ونفوس الشهداء على قدر ألوانها وجوهر بنائها، وما كان منها أسود اللون، أو مملوءاً بالخنازير فهي كنائس. والبيعة مجراها في التأويل.
ربما دلت على الصلاة لأنّها قبلة المصلين، وتدل على المسجد والجامع لأنّها بيت الله، وتدل على من يقتدي به ويهتدي بهديه ورجع إلى أمره ولا يخالف إلى غيره، كالإسلام والقرآن والسنن والمصحف والسلطان والحاكم والعالم والوالد والسيد والزوج والوالدة والزوجة، وقد تدل على الجنة، لأنّها بيت الله. والجنة داره بها ويوصل إليها. وقد تدل على ما تدل عليه الجوامع والمساجد من المواسم والجماعات والأسواق والرحاب.
فمن رأى الكعبة صارت داره سعى إليه الناس وازدحما على بابه لسلطان يناله أو علم يعلمه أو امرأة شريفة عالية سلطانية أو ناسكة تتزوجين. وإن كان عبداً فإنّ سيده يعتقه لأنّ الله تعالى أعتق بيته من أيدي الجبابرة.
وأما إن كان حولها أو يعمل عملاً من مناسكها فهو يخدم سلطاناً أو عالماً أو عابداً أو والده أو والدته أو زوجة أو سيداً بنصح وبر وكد وتعب. وإن رأى كأنّه دخلها تزوج إن كان عزباً، وأسلم إن كان كافراً، وعاد إلى الصلاة والصلاح إن كان غافلاً، وإلى طاعة والديه إن كان عاقاً. وإلا دخل دار سلطان أو حاكم أو فقيه لأمر من الأمور الذي يستدل عليه بزيادة منامه وأحواله في يقظته، إلا أن يكون خائفاً في اليقظة، فإنّه يأمن ممن يريده. وإن كان مريضاً فذلك موته وفوزه، سيما إن كان في المنام قد حمل إليها في محمل صامتاً غير متكلم أو ملبياً متجرداً من الثياب، فإنّه يخرج من الدنيا ويستجيب لداعي الله تعالى ويفضي إن شاء الله إلى الجنة.
وأما إن رآها في بلاد أو محلة فإن كانت الرؤيا خاصة لرائيها ولم ير جماعة من الناس معه عند رؤيتها، فانظر إلى حالته، فإن كان منتظراً الزوجة قد عقد نكاحها وطال عليه انتظارها فقد دنا أمرها وقرب إليه مجيئها سيما إن رآها في محلتها أو في محلته، وإن دخلها وهي عنده أهديت إليه، وإن دخلها دخل عليها في دارها عاجلاً سرِيعاً، لقرب الكعبة منه من بعد بعدها ومشقة مسافتها، وإن رآها في ذلك من كان غافلاً في دينه أو تاركاً للصلاة فإنّها له نذير وتحذير من تركه لما عليه أن يعمله من التوجيه إليها في مكانه، وكذلك إن كان ممن يلزمه الحج وقد غفل عنه فقد ذاكرته في نفسها واقتضته في المجيء إليها، وإن لم يكن شيء من ذلك وكانت الرؤيا لعامة الناس اجتماعهم حولها في المنام وضجيجهم عندها في الأحلام، فإما سلطان عادل يلي يقدم عليهم، أو حاكم أو رجل عالم أو إمام مذكور، يقدم من حج الناس أو سفر بعيد، أو يخرج من داره من بعد تزاويه لحادث يحدث له أو فرض يلزمه أو ميت يموت له، فيتبعه الناس ويطوفون حوله بالدعاء له والتبرك به ونحو ذلك.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
المسجد الحرام :
وأما المسجد الحرام فيدل على الحج لمن تجرد فيه أو أذن، وإن لم يكن ذلك في أيام الحج بجوهره في ذلك ودليله، لأنّ الكعبة التي إليها الحج فيه. وقد تدل على دار السلطان المحرمة ممن أرادها التي يأمن من دخلها، وعلى دار العالم وعلى جامع المدينة وعلى السوق العظيم الشأن الكبير الحرام، كسوق الصرف والصاغة لكثرة ما يجب فيها من التحري وما يدخل على أهلها من الحرام والنقص والإثم، وكذلك كل الحرام بما الإنسان فيه مطلوب بالمحفظ من إتيان المحرمات ومن التعدي على الحيوانات ومن إماطة الأذى.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
المساجد :
المسجد يدل على الآخرة لأنّها تطلب فيه، كما تدل المزبلة على الدنيا، وتدل على الكعبة لأنّها بيت الله، وتدل على الأماكن الجامعة للريح والمنفعة والثواب والمعاونة كدار الحاكم وحلقة الذكر والموسم والرباط وميدان الحرب والسوق لأنّه سوق الآخرة. ثم يدل كل مسجد على نحوه في كبره واشتهاره وجوهره.
فمن بنى مسجداً في المنام فإن كان أهلاً للقضاء ناله، وكذلك إن كان موضعاً للفتوى وقد يدل في العالم على مصنف نافع تصنيفه، وفي الوراق على مصحف يكتبه، وفي الأعزب على نكاح وتزويج، ولطلاب المال والدنيا على بناء يبنيه تجري عليه غلته وتدوم عليه فائدته، كالحمام والفندق والحانوت والفرن والسفينة وأمثاله ذلك، لما في المسجد من الثواب الجاري مع كثرة الأرباح فيه في صلاة الجماعة، ومجيء الناس إليه من كل ناحية، ودخولها فيه بغير إذن.
ومن كان في يقظته مؤثراً للدنيا وأموالها، أو كان مؤثراً لآخرته على عاجلته، عادت الأمثال الرابحة إلى الأرباح والفوائد في الدنيا له، أو إلى الآخرة والثواب في الآجلة التي هي مطلبه في يقظته.
وأما من هدم مسجداً فإنّه يجري في ضد من بناه، وقد يستدل على ابتذال حالته بالذي يبنيه في مكانه أو يحدثه في موضعه من بعد هدمه، فإن بنى حانوتاً آثرِ الدنيا على الآخرة، وإن بنى حماماً فسد دينه بسبب امرأة، وإن حفر في مكانه حفيراً أثم من مكر مكره، أو من أجل جماعة فرقها عن العلم والخير والعمل، أو من أجل حاكم عزله، أو رجل صالح قتله، أو مكان فيه من عطلة أو نكاح معقود أفسده وأبطله.
وإن رأى نفسه مجرداً من الثياب في مسجد تجرد فيما يليق به من دلائل المسجد، فإن كان ذلك في أيام الحج فإنّه يحج إن شاء الله، سيما إن كان يؤذن فيه، وإن كان مذنباً خرج مما هو فيه إلى التوبة والطاعة، وإن كان يصلي فيه على غير حالة إلى غير القبلة بادي السوأة فإنّه يتجرد إلى طلب الدنيا في سوق من الأسواق وموسم من المواسم فيحرم فيه ما أمله ويخسر فيه كل ما قد اشتراه وباعه، لفساد صلاته وخسارة تعبه. وقد يدل ذلك على فساد ما يدخل عليه في غفلته من الحرام والربا إن لاق ذلك به.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
جامع المدينة :
وأما جامع المدينة فدال على أهلها، وأعاليه رؤساؤها، وأسافله عامتها، وأساطينه أهل الذكر والقيام بالنفع في السلطان والعلم والعبادة والنسك، ومحرابه إمام الناس، ومنبره سلطانهم أو خطيبهم، وقناديليه أهل العلم والخير والجهاد والحراسة في الرباط، وأما حصره فأهل الخير والصلاح وكل من يجتمع إليه ويصلي فيه، وأما مأذنته فقاضي المدينة أو عالمها الذي يدعي الناس إليه، ويرضى بقوله ويقتضى بهديه ويصار إلى أوامره ويستجاب لدعوته ويؤمن على دعائه، وأما أبوابه فعمال وأمناء وأصحاب شرط، وكل من يدفع عن الناس ويحفظهم ويحفظ عليهم. فما أصاب شيئاً من هذه الأشياء، أو رأى فيه من صلاح أو فساد عاد تأويله على من يدل عليه خاصة أو عامة.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
القبة :
القبة قوة، منِ رأى أنّه بنى قبة على السحاب، فإنّه يصيب سلطاناً وقوة بحلمه.
ومن رأى أنّ له بنياناً بين السماء والأرض من القباب الخضر، فإنّ ذلك حسن حاله وموته على الشهادة. ويدل البناء على بناء الرجل بامرأته، وقيل من رأى كأنّه يبني بناء، فإنّه يجمع أقرباءه وأصدقاءه على سرور. ومن رأى أنّه طين قبر النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يحج بمال. واللبن إذا كان مجموعاً ولا يستعمل في بناء، فهو دراهم ودنانير، ومن رأى أنّه يجدد بنياناً عتيقاً لعالم، فإنّ تجديد سيرة ذلك العالم. إن كان البناء لفرعوِن أو ظالم، فإنّه تجدد سيرته. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى كأنّه يبني بنياناً فإنّه يعمل عملاً. ومن رأى أنّه ابتدأ في بناء فحفره من أساسه وبناه من قراره حتى شيده، فإنّه طلب علم أو ولاية أو حرفة، وسينال حاجته فيما يروم. وقيل من رأى أنّه يبني بنياناً في بلدة أو قرية، فإنّه يتزوج هناك امرأة. فإن بناه من خزف فتزيين ورياء، وإن بناه من طين، فإنّه حلال وكسب. وإن كان منقوشاً، فهو ولاية أو علم مع لهو وطرب. وإن بناه من جص وآجر عليه صورة فإنّه يخوض في الأباطيل.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
القلعة :
القلاع من هم إلى فرج، والقلعة ملك من الملوك يبلغ الملوك من خير إلى شر، فمن رأى كأنّه دخل قلعة رزق رزقاً ونسكاً في دينه، ومن رأى قلعة من بعيد فإنه يسافر من موضع إلى موضع ويرتفع أمره.
ومن رأى أنّه بنى حصناً: أحصن فرجه من الحرام وماله ونفسه من البلاء والذل.
فإن رأى أنّه خرب حصنه أو داره أو قصره فهو فساد دينه ودنياه أو موت امرأته. ومن رأى أنّه في قلعة أو مدينة أو حصن فإنّه يرِزق صلاحاً وذكرِاً ونسكاً في دينه، فإن رأى قاعد على شرف حسن فإنه يستعد أخاً أو رئيساً أو والداً ينجو به.
وقيل: الحصن رجل حصين لا يقدر عليه أحد. فمن رآه من بعيد فإنّه علو ذكره تحصين فرجه، ومن رأى أنّه تعلق بحصن من داخله أو خارجه فكذلك يكون حاله في دينه. وقيل من رأى أنّه تحصن في قلعة نصر.
وأما البرج: فمن رأى أنّه على برج أو فيه فإنّه يموت ولا خير فيه، لقوله تعالى: ( أيْنَمَا تَكُونوا يُدْرِكُكُمْ المَوْتُ وَلوْ كُنْتمْ في بُرُوج مُشيّدَةِ ).
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
الكنيسة:
دالة على المقبرة وعلى دار الزانية وعلى حانوت الخمر ودار الكفر والبدع، وعلى دار المعازف والزمر والغناء، وعلى دار النوح والسواد والعويل، وعلىِ جهنم دار من عصى ربه، وعلى السجن،
فمن رأى نفسه في كنيسة فإن كان فيها ذاكراً لّه تعالى أو باكياً أو مصلياً إلى الكعبة، فإنّه يدخل جبانة لزيارة الموتى أو لصلاة على جنازة. وإن كان بكاؤه بالعويل أو كان حاملاً فيها ما يدل على الهموم، فإنه يسجن في السجن.
وإن رأى فيها ميتاً فهو في النار محبوس مع أهل العصيان. وإن دخلها حياً مؤذنَاً أو تالياً للقران، فإن كان في جهاد غلب هو ومن معه على بلد العدو، وإن كان في حاضرة دخل على قومه في عصيان أو بدع وإلحاد فوعظهم وذكرهم وحجهم وقام بحجة الله فيهم. وإن كان من يرى معهم ويصلي بصلاتهم ويعمل مثل أعمالهم، فإن كان رجلاً خالط قوماً على كفر أو بدعة أو زناً أو خمر أو على معصية كبيرة، كالغناء والزمر وضرب البربط والطبل سيما إن كان قد سجد معهم للصليب لأنّه من خشب. وإن كان امرأة حضرت في عرس فيه معازف وطبول فخالطتهم، أو في جنازة فيها شق وسواد ونوح وعويل فشاركتهم.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
الصومعة :
تدل الصومعة على السلطان وعلى الرئيس العالي الذكر بالعلم والعبادة، وكذلك المنازل بمكانها ومنافعها وجوهرها ومعروفها ومجهولها، يستدل على تأويلها وحالة المنسوب إليها، فما أصابها أو نزل بها من هدم أو سقوط أو غير ذلك عاد تأويله على من دلت عليه. وما كان منها في الهواء أو الجبانة أو في البرية فدالة على قبور الأشراف ونفوس الشهداء على قدر ألوانها وجوهر بنائها، وما كان منها أسود اللون، أو مملوءاً بالخنازير فهي كنائس. والبيعة مجراها في التأويل.