بّسم الله الرّحمن الرّحيم
موسوعة تفسير الأحلام
مُنتخب الكلام في تفسير الأحلام
تأويل رؤيا الريح والمطر والبرق والرعد
والسحاب والخسف والزلازل وقوس قزح
الريح :
تدل على السلطان في ذاته لقوتها وسلطانها على ما دونها من المخلوقات مع نفعها وضرها.
وربما دل على ملك السلطان وجنده وأوامره وحوادثه وخدمه وأعوانه، وقد كانت خادماً لسليمان عليه السلام.
وربما دلت على العذاب والجوائح والآفات لحدوثها عند هيجانها، وكثرة ما يسقط من الشجر، ويغرق من السفن بها، لاسيما إن كانت دبوراً، ولأنّها الريح التي هلكت عاد بها، ولأنّها ريح لا تلقح.
وربما دلت الريح على الخصب والرزق والنصر والظفر والبشارات، لأنّ الله عزّ وجلّ يرسلها نشراً بين يدي رحمته، وينجي بها السفن الجاريات بأمره، فكيف بها إن كانت من رياح اللقاح، لما يعود منها من صلاح النبات والثمر، وهي الصبا وقد قال صلى الله عليه وسلم: " نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور ". والعرب تسمي الصبا القبول لأنّها تقابل الدبور، ولو لم يستدل بالقبول والدبور إلا باسمها لكفى.
وربما دلت الريح على الأسقام والعلل والهائجة في الناس، كالزكام والصداع، ومنه قول الناس عند ذلك هذه ريح هائجة، لأنّها علل يخلقها الله عزّ وجلّ عند ريح تهب وهواء يتبدل أو فصل ينتقل.
فمن رأى ريحاً تقله وتحمله بلا روع ولا خوف ولا ظلمة ولا ضبابة، فإنّه يملك الناس إن كان يليق به ذلك، أو يرأس عليهم ويسخرون لخدمته بوجوه من العز، أو يسافر في البحر سليماً إن كان من أهل ذلك أو ممن يؤمله، أو تنفق صناعته إن كانت كاسدة. أو تحته ريح تنقله وترفعه، ورزق إن كان فقيراً، وإن كان رفعها إياه وذهابها به مكوراً مسحوباً وهو خائف مروع قلق. أو كانت لها ظلمة وغبرة وزعازج وحس، فإن كان في سفينة عطبت به، وإن كان في علة زادت به، وإلا نالته زلازل وحوادث، أو خرجت فيه أو أمر السلطان أو الحاكم ينتهي فيها إلى نحو ما وصل إليه في المنام. فإنّ لم يكن شيء من ذلك أصابته فتنة غبراء ذات رياح مطبقة وزلازل مقلقة.
فإن رأى الريح في تلك الحال تقلع الشجر وتهدم الجدر، أو تطير بالناس أو بالدواب أو بالطعام، فإنّه بلاء عام في الناس، إما طاعون أو سيف أو فتنة أو غارة أو سبي أو مغرم وجور ونحو ذلك.
فإن كانت الريح العامة ساكتة أو كانت من رياح اللقاح، فإن كان الناس في جور أو شدة أو وباء أو حصار من عدو، بدلت أحوالهم وانتقلت أمورهم وفرجت همومهم.
وريح السموم أمراض حارة.
والريح مع الصفرة مرض،
والريحِ مع الرعد سلطان جائر مع قوة.
ومن حملته الريح من مكان إلى مكان أصاب سلطاناً أو سافر سفراً لا يعود منه، لقوله تعالى: ( أو تَهْوي بهِ الريخ في مَكَانٍ سحيق ).
وسقوط الريح على مدينة أو عسكر، فإن كانوا في حرب هلكوا والريح اللينة الصافية خير وبركة،
والريح العاصف جور السلطان، والريح مع الغبار دليل الحرب.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
المطر :
يدل على رحمة الله تعالى ودينه وفرجه وعونه، وعلى العلم والقرآن والحكمة، لأنّ الماء حياة الخلق وصلاح الأرض، ومع فقده هلاك الأنام والأنعام وفساد الأمر في البر والبحر، فكيف إن كان ماؤه لبناً أو عسلاً أو سمناً. ويدل على الخصب والرخاء ورخص الأسعار والغنى. لأنّه سبب ذلك كله، وعنده يظهر فكيف إن كان قمحاً أو شعيراً أو زيتاً أو تمراً أو زبيباً أو تراباً لا غبار فيه، ونحو ذلك مما يدل على الأموال والأرزاق،
وربما دل على الحوائج النازلة من السماء كالجراد أو البرد أو الريح، سيما إن كان فيه نار أو كان ماؤه حاراً، لأنّ الله سبحانه عبر في كتابه عما أنزله على الأمم من عذابه بالمطر، كقوله تعالى: ( وَأمطَرْنَا عليْهم مَطَراً فَسَاءَ مَطَرُ المُنْذِرين ).
وربما دل على الفتن والدماء تسفك، سيما إن كان ماؤه دماً. وربما دل على العلل والأسقام الجدري والبرسام، إن كان في غير وقته وفي حين ضرره لبرده وحسن نقطه، وكل ما أضر بالأرض ونباتها منه فهو ضار للأجسام الذين أيضاً خلقوا منها ونبتوا فيها فكيف إن كان المطر خاصة في دار أو قرية أو محلة مجهولة،
وربما دل على ما نزل السلطان من البلاء والعذاب كالمغارم والأوامر، سيما إن كان المطر بالحيات وغير ذلك. من أدلة العذاب، وربما دلت على الأدواء والعقلة والمنع والعطلة للمسافرين والصناع وكل من يعمل عملاً تحت الهواء المكشوف لقوله تعالى: ( إنْ كَانَ بِكُمْ أذَى من مَطَرٍ ).
فمن رأى مطراً عاماً في البلاد، فإن كان الناس في شدة خصبوا ورخص سعرهم إما بمطر كما رأى، أو لرفقه، أو سفن تقدم بالطعام. وإن كانوا في جور وعذاب وأسقام، فرج ذلك عنهم إن كان المطر في ذلك الحين نافعاً، وإن كان ضاراً أو كان فيه حجر أو نار تضاعف ما هم فيه، وتواتر عليهم على قدر قوة المطر وضعفه. فإن كان رشاً، فالأمر خفيف فيما يدل عليه.
ومن رأى نفسه في المطر أو محصوراً منه تحت سقف أو جدار، فأمر ضرر يدخل عليه بالكلام والأذى. وإما أن يضرب على قدر ما أصابه من المطر، وإما أن يصيبه نافض إن كان مريضاً، أو كان ذلك أوانه، أو كان المكان مكانه. وأما الممنوع تحت الجدار، فإما عطلة عن عمله أو عن سفره أو من أجل مرضه أو سبب فقره، أو يحبس في السجن على قدر ما يستدل على كل وجه منها بالمكان الذي رأى نفسه فيه، وبزيادة الرؤيا، وما في اليقظة، إلا أن يكون قد اغتسل في المطر من جنابة، أو تطهر منه للصلاة، أو غسل بمائه وجهه، فيصح له بصره، أو غسل به نجاسة كانت في جسمه أو ثوبه، فإن كان كافراً أسلم، وإن كان بدعياً أو مذنباً تاب، وإن كان فقيراً أغناه الله، وإن كان يرجو حاجة عند السلطان أو عند من يشبهه نجحت لديه، وسمح له بما قد احتاج إليه.
وكل مطريستحب نوعه فهومحمود، وكل مطريكره نوعه فهومكروه.
وقال ابن سيرين: ليس في كتاب الله تعالى فرج في المطر إذا جاء اسم المطر فهو غم مثل قوله تعالى: ( وأمْطَرْنَا عَلَيْهمْ مَطَراً ). وقوله: ( وَأمْطرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارة ). وإذا لم يسم مطراَ فهو فرج الناس عامة، لقوله تعالى: ( ونَزّلنا مِنَ السّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً )،
وقال بعضهم: المطر يدل على قافلة الإبل، كما أنّ قافلة الإبل تدل على المطر. والمطر العام غياث، فإن رأى أنّ السماء أمطرت سيوفاً فإنّ الناس يبتلون بجدال وخصومة، فإن أمطرت بطيخاً فإنّهم يمرضون، وإن أمطرت من غير سحاب فلا ينكر ذلك، لأنّ المطر ينزل من السماء. وقيل إنّه فرج من حيث لا يرجى، ورزق من حيث لا يحتسب. ولفظ الغيث والماء النازل وما شاكل ذلك، أصلح في التأويل من لفظ المطر.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
السحاب :
يدل على الإسلام الذي به حياة الناس ونجاتهم، وهو سبب رحمة الله تعالى لحملها الماء الذي به حياة الخلق، وربما دلت على العلم والفقه والحكمة والبيان، لما فيها من لطيف الحكمة بجريانها حاملة وقراً في الهواء، ولما ينعصر منها من الماء.
وربما دلت على العساكر والرفاق، لحملها الماء الدال على الخلق الذي خلقوا من الماء.
وربما دلت على الإبل القادمة بما ينبت بالماء كالطعام والكتّان، لما قيل إنّها تدل على السحاب، لقوله تعالى: ( أفَلاَ يَنْظرُونَ إلى الإبِلْ كَيْفَ خُلِقَتْ ).
وربما دلت على السفن الجارية في الماء في غير أرض ولا سماء، حاملة جارية بالرياح وقد تدل على الحامل من النساء، لأنّ كلتيهما تحمل الماء وتجنه في بطونها، إلا أن يأذن لها ربها بإخراجه وقذفه،
وربما دلت على المطر نفسه، لأنّه منها وبسببها،
وربما دلت على عوارض السلطان وعذابه وأوامره، وإذا كانت سوداء أو كان معها ما يدل على العذاب، لما يكون فيها من الصواعق والحجارة، مع ما نزل بأهل الظلمة حين حسبوها عارضاً تمطرهم فأتتهم بالعذاب، وبمثل ذلك أيضاً يرتفع على أهلِ النار،
فمن رأى سحاباً في بيته أو نزلت عليه في حجره أسلم إن كان كافراً، ونال علماً وحكماً إن كان مؤمناً، أو حملت زوجته إن كان في ذلك راغباً، أو قدمت إبله وسفينته إن كان له شيء من ذلك.
فإن رأى نفسه راكباً فوق السحاب أو رآها جارية، تزوج امرأة صالحة إن كان عزباً، أو سافر أو حج إن كان يؤمل ذلك، وإلا شهر بالعلم والحكمه إن كان لذلك طالباً، وإلا ساق بعسكر أو سرية، أو قدم في رفقة إِن كان لذلك أهلاً، وإلاّ رفعه السلطان على دابة شريفة إن كان ممن يلوذ به وكان راجلاً، وإلاّ بعثه على نجيبٍ رسولاً.
وإن رأى سحباً متوالياً قادمة جانية، والناس لذلك ينتظرون مياهها، وكانت من سحب السماء ليس فيها شيء من دلائل العذاب، قدم تلك الناحية ما يتوقعه الناس، وما ينتظرونه من خير يقدم، أو رفقة تأتي، أو عساكر ترد، أو قوافل تدخل.
وإن رآها سقطت بالأرض أو نزلت على البيوت أو في الفدادين أو على الشجر والنبات، فهي سيول وأمطار أو جراد أو قطا أو عصفور. وإن كان فيها مع ذلك ما يدل على الهم والمكروه، كالسموم والريح الشديدة والنار والحجر والحيات والعقارب، فإنّها غارة تغير عليهم وتطرقهم في مكانهم، أو رفقة قافلة تدخل بنعي أكثرهم ممن مات في سفوهم، أو مغرم وخراج يفرضه السلطان عليهم، أو جراداً ودباً يضر بنباتهم ومعايشهم، أو مذاهب وبدع تنتشر بين أظهرهم ويعلن بها على رؤوسهم،
وقال بعضهم إنّ السحاب ملك رحيم أو سلطان شفيق، فمن خالط السحاب فإنّه يخالط رجال من هؤلاء، ومن أكل السحاب فإنّه ينتفع من رجل بمال حلال أو حكمة. وإن جمعه نال حكمة من رجل مثله، فإن ملكه نال حكمة وملكاً،
فإن رأى أنّ سلاحه من عذاب، فإنّه رجل محتاج.
فإن رأى أنّه يبني داراً على السحاب، فإنّه ينال دنيا شريفة حلالاً مع حكمة ورفعة. فإن بنى قصراً على السحاب، فإنّه يتجنب من الذنوب بحكمة يستفيدها، وينال من خيرات يعلمها.
فإن رأى في يده سحاباً يمطر منه المطر، فإنّه ينال بحكمة ويجري على يده الحكمة. فإن رأى أنّه تحول سحاباً يمطر على الناس، نال مالاً ونال الناس منه.
والسحاب إذا لم يكن فيه مطر، فإن كان ممن ينسب إلى الولاية، فإنّه و الله لا ينصف ولا يعدل، وإذا نسب إلى التجارة، فإنّه لا يفي بما يتبع ولا بما يضمن. وإن نسب إلى عالم، فإنّه يبخل بعمله. وإن كان صانعاً، فإنّه متقن الصناعة حكيم والناس محتاجون إليه.
والسحاب سلاطين لهم يد على الناس، ولا يكون للناس عليهم يد. وإن ارتفعت سحابة فيها رعد وبرق، فإنّه ظهور سلطان مهيب يهدد بالحق.
ومن رأى سحاباً نزل من السماء وأمطر مطراً عاماً، فإنّ الإمام ينفذ إلى ذلك الموضع إماماً عادلاً فيهم، سواء كان السحاب أبيض أو أسود،
وأما السحاب الأحمر في غير حينه، فهو كرب أو فتنة أو مرض.
وقال بعضهم من رأى سحاباً ارتفع من الأرض إلى السماء وقد أظل بلداً، فإنه يدل على الخير والبركة، وإن كان الرائي يريد سفراً تم له ذلك ورجع سالماً، وإن كان غير مستور بلغ مناه فيما يلتمس من الشر،
وقال بعضهم أنّ السحاب الذي يرتفع من الأرض إلى السماء، يدل على السفر، ويدل فيمن كان راجعاً على رجعته من سفره.
والسحاب المظلم يدل على غم، والسحاب الأسود يدل على برد شديد أو حزن.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
الرعد والبرق :
الرعد ربما دل على وعيد السلطان وتهدده وإرعاده، ومنه يقال هو يرعد ويبرق.
وربما دل على المواعيد الحسنة، والأوامر الجزلة، لأنّه أوامر ملك السحاب بالنهوض والجود إلى من أرسلت إليه.
وتدل الرعود أيضاً على طبول الزحف والبعث، والسحاب على العساكر، والبرق على النصال والبنود المنشورة الملونة والأعلام، والمطر على الدماء المراقة، والصواعق على الموت.
فمن رأى رعداً في السماء، فإنّها أوامر تشيع من السلطان
فإن رأى ذلك من صلاحه بالمطر وكان الناس منه في حاجة، دل على ذلك الأمطار أو على مواعيد السلطان الحسان، وقد يدل على الوجهين ويبشر بالأمرين، وإن كان صاحب الرؤيا ممن يضره المطر كالمسافر والقصار والغسال والبناء والحصاد، ومن يجري مجراهم، فإما مطر يضر به ويفعله ويفسد ما قد عمله، وقد أوذنوا به قبل حلوله، ليتحذروا بأخذ الأهبة ويستعدوا للمطر، وإما أوامر السلطان، أو جناية عليه في ذلك مضرة. فكيف إن كان المطر في ذلك الوقت ضاراً كمطر الصيف.
وإن رأى مع البروق رعوداً، تأكدت دلالة الوعد فيما يدل عليه. وإذا كانت الشمس بارزة عند ذلك ولم يكن هناك مطر، فطبول وبنود تخرج من عند السلطان لفتح أتى إليه، وبشارة قدمت عليه، أو لإمارة عقدها لبعض ولاته، أو لبعث يخرجه أو يتلقاه من بعض قواده.
وإن كان مع ذلك مطر وظلمة وصواعق، فإما جوائح من السماء كالبرد والريح والجراد والدبا، وإما وباء وموت، وإما فتنة أو حرب إن كان البلد بلد حرب، أو كان الناس يتوقعون ذلك من عدو.
وقال بعضهم: الرعد بلا مطر خوف، فإن رأى الرعد فإنّه يقضي ديناً، وإن كان مريضاً برىء، وإن كان محبوساً أطلق.
وأما الرعد والبرق والمطر فخوف للمسافر وطمع للمقيم.
وقيل الرعد صاحب شرطة ملك عظيم.
وقال بعضهم: الرعد بغير برق، يدل على اغتيال ومكر وباطل وكذب، وذلك لأنّه إنّما يتوقع الرعد بعد البرق.
وقيل صوت الرعد يدل على الخصومة والجدال.
البرق: يدل على الخوف من السلطان وعلى تهدده ووعيده، وعلى سل النصال وضرب السياط، وربما دل من السلطان على ضد ذلك، على الوعد الحسن وعلى الضحك والسرور والإقبال والطمع من الرغبة والرجاء، لما يكون عنده من الصواعة، والعذاب والحجر، ومن الرحمة والمطر، لأنّه مما وصف أهل الأخبار، سوط ملك السحاب الموكل بها، والرعد صوته عليها مع قوله تعالى: ( يُرِيكُمْ البَرْقَ خَوْفاً وطَمَعاً ). قيل خوفاً للمسافر وطمعاً للمقيم الزارع، لما يكون معه من المطر. وكلما دل عليه البرق فسريع عاجل، لسرعة ذهابه وقلة لبثه.
فمن رأىِ برقاً دون الناس، أو رأى أنواره تضربه أو تخطف بصره أو تدخل بيته، فإن كان مسافراً أصابه عطلة إما بمطر أو بأمر سلطان، وإن كان زارعاً قد أجدبت أرضه وعطش زرعه، بشّر بالغيث والرحمة، وإن كان مولاه أو والده أو سلطانه ساخطاً عليه، وضحك في وجهه.
والشعراء تشبه الضحك بالبرق، والبكاء بالمطر، لأنّ الضحك عند العرب ابداء المخفيات وظهور المستورات، لذلك يسمون الطلع إذا انفتق عند جفنه ضحكاً، وإن كان معه مطر دل على قبيح ما يبدو إليه مما يبكي عليه، فإما أن يكون البرق. كلاماً يبكيه، أو سوطاً يدميه، ويكون المطر دمه أو سيفاً يأخذ روحه. وإن كان مريضاً، برق بصره ودمعت عيناه وبكى أهله وقل لبثه وتعجل موته سريعاً،
ومن رأى أنّه تناول البرق أو أصابه أو سحابه، فإنَّ إنساناً يحثه على أمر بر وخير. والبرق يدل على خوف مع منفعة.
وقيل البرق يدل على منفعة من مكان بعيد.
ومن رأى البرق أحرق ثيابه ماتت زوجته إن كانت مريضة.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
الصواعق :
تدل على الحوائج والبلايا التي يصيب بها ربنا من يشاء ويصرفها عمن يشاء. كالجراد والبرد والرياح والصواعق والأسقام والبرسام والجدري والوباء والحمى، لارتياع الخلق لها، واهتزازهم عندها واصفرارهم من حسها، مع إفسادها وإتلافها لما صادفها.
وقد تدل على صحة عظيمة وأمرة كبيرة، تأتي من قبل الملك، فيها هلاك أو مغرم أو دمار.
وقد تدل على قدوم سلطان جائر، وعلى نزوله في الأرض التي وقعت فيها.
وقد تدل على ما سوى ذلك من الحوادث المشهورة والطوارق المذكورة، التي يسعى الناس إلى مكانها، وإلى اختبار حالها، كالموت الشنيع والحريق والهدم واللصوص.
فمن رأى صاعقة وقعت في داره، فإن كان مريضاً مات، وإن كان منها غائب قدم نعيه، وإن كان بها ريبة وفساد نزلْها عامل، وتسور عليها صاحب شرطة، وإن كان صاحبها يطوف بالسلطان نفذ فيه أمره، وإلا طرقه لص، أو وقع به حريق، أو هدم، على قدر زيادة الرؤيا، وما يوفق الله تعالى إليه عابرها.
وإن رأى الصواعق تساقط في الدور، فربما يكون في الناس نعاة يقدمون عن الغياب أو الحجاج أو المجاهدين، أو مغرم يرمى لى الناس. وإن تساقطت في الفدادين والبساتين، فجوامع أصحاب عشور وجباة، ويغشى ذلك المكان الجور والفساد.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
السيل :
يدل دخوله إلى المدينة على الوباء، إذا كان الناس في بعض ذلك، أو كان لونه لون الدم أو كدراً.
وقد يدل على دخوله عسكر بأمان أو رفقة، إذا لم يكن له غائلة ولا كان الناس منه في مخافة،
فإن هدم بعض دورهم ومر بأموالهم ومواشيهم، فإنّه عدو يغير عليهم أو سلطان يجور عليهم، على قدر زيادة الرؤيا وأدلة اليقظة.
وقال بعضهم السيل هجوم العدو كما أنّ هجوم العدو سيل. فإن صعد السيل الحوانيت، فإنّه طوفان أو جنود من سلطان جائر هاجم، والسيل عدو مسلط،
فإن رأى أنِّ الميازيب تسيل من غير مطر، فذلك دم يهرق في تلك البلدة أو المحلة.
فإن رأى أنّه سالت من مطر وانصب ماؤها، فإنّها هموم تنجلي عن أهل ذلك الموضع، وخصب دولة بقدر الميازيب، فإن لم تنصب الميازيب، فهو دون ذلك. وإن انصب الميزاب على إنسان، وقع عليه العذاب. فإن طرق السيل إلى النهر، فإنّه عدو له من قبل الملك، ويستعين برجل فينجو من شره.
ومن رأى أنّه سكر السيل عن داره، فإنّه يعالج عدواً ويمنعه عن ضرر يقع بأهله أو فنائه.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت المباغث تسيل من غير مطر، ورأيت الناس يأخذون منه، فقال ابن سيرين: لا تأخذ منه. فقال الرجال: إني لم أفعل ولم آخذ منه شيئاً، فقال: قد أحسنت، فلم يلبث إلاّ يسيراً حتى كانت فتنة ابن المهلب.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
وتدل الميازيب :
على الأفواه وعلى الأقارب وعلى العيون بجريانها من أعالي الدور، وربما دلت على الأرزاق.
فمن رأى ميازيب الناس تجري من مطر، وكان الناس في كرب وهم، درت أرزاقهم وتجلت همومهم، لأنّها مفارج إذا جرت، وأما جريانها من غير مطر ففتنة ومال حرام، وأما حركة أفواه الرجال وألسنتهم فهي الفتنة النازلة بما لا يعنيهم، وأما جريانها فهي دماء سائلة ورقاب مضروبة، وإن كان جريانها بالدم فهو أوكد لذلك.
وأما جريان الميازيب في البيوت أو تحت الأسرة لمن كان حريصاً على الولد والحمل فلا يأمن منه، لذهاب مائه من فرجه في غير وعائه. وقد يدل ذلك على العيون الهطالة في ذلك المكان على ما يدل عليه بقية الرؤيا.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
الوحل في الحمأة والطين : لا خير في جميع ذلك.
فإن رأى ذلك مريض دام مرضه، إلا أن يرى أنّه خرج منه، فإنّه خروجه من المرض وعافيته، وغير المريض إذا مشى فيه أو وحل فيه، دخل في فتنة وبلاء وغم، أو سجن، ويد سلطان، فإن خلص منه في منامه أو سلم ثوبه وجسمه منه في تلك الوحلة، سلم مما حل فيه من الإثم في الدين والعطب في الدنيا، وإلا ناله على قدر ما أصابه. وكلما تعلك طينه أو تعمق قعره، كان ذلك أصعب وأشد في دليله. وكلما فسدت رائحته واسود لونه، كان ذلك أدل على حرامه وكثرة آثامه وسوء نياته. وكذلك عجن الطين وضربه لبناً، لا خير فيه، لأنّه دال على الغمة والخصومة، حتى يجف لبنه أو يصير تراباً، فيعود مالاً يناله من بعد كد وهم وخصومة وبلاء.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
وأما قوس قزح :
فالأخضر دليل الأمن من قحط الزمان وجور السلطان، والأصفر دليل الأمراض، والأحمر دليل سفك الدماء،
وقال بعضهم: إنّ رؤية قوس قزح تدل على تزوج صاحب الرؤيا، وقال بعضهم: إن رآه يمنة دلت على خير، وإن رآه يسرة دلت على شر.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
الثلج والجليد والبرد :
كل هذه الأشياء قد تدلت على الحوادث والأسقام والجدري والبرسام، وعلى العذاب والأغرام النازلة بذلك المكان الذي يرى ذلك فيه، وبالبلد الذي نزل به، وكذلك الحجارة والنار، لأنّها تفسد الزرع والشجر والثمر، وتعقل السفن، وتضر الفقير وتهلكه في القر والبرد، وتسقم في بعض الأحيان، وربما دلت على الحرب والجراد وأنواع الجوائح،
وربما دلت على الخصب والغنى وكثرة الطعام في الأنادر، وجريان السيول بين الشجر.
فمن رأى ثلجاً نزل من السماء وعم في الأرض،
فإن كان ذلك في أماكن الزرع وأوقات نفعه، دل ذلك على كثرة النور وبركات الأرض وكثرة الخصب، حتى يملأ تلك الأماكن بالإطعام والإنبات، كامتلائها بالثلج،
وأما إن كان ذلك بها في أوقات لا نفع فيه للأرض ونباتها، فإنّ ذلك دليل على جور السلطان وسعي أصحاب الثغور. وكذلك إن كان الثلج في وقت نفعه أو غيره، غالباً على المساكن والشجر والناس، فإنّه جور يحل بهم وبلاء ينزل بجماعتهم، أو جائحة على أموالهم، على قدر زيادة الرؤيا وشواهدها.
وكذلك إن رأى في الحضارة، وفي غير مكان الثلج كالدور والمحلات، فإنّ ذلك عذاب وبلاء وأسقام، أو موتان أو غرام يرمي عليهم وينزل عليهم، وربما دل على الحصار والقلة عن الأسفار وعن طلب المعاش.
وكذلك الجليد: لأنّه لا خير فيه، وقد يكون ذلك جلداً من الشيطان، أو ملك أو غيره
وأما البرد: فإن كان في أماكن الزرع والنبات ولم يفسد شيئاً ولا ضر أحداً، فإنّه خصب وخير،
وقد يدل على المن والجراد الذي لا يضر، وعلى القطا والعصفور، فكيف إن كان الناس عند ذلك يلقطونه في الأوعية، ويجمعونه في الأسقية. وكذلك الثلج أو الجليد، فإنّها فوائد وغلات وثمار وغنائم ودراهم بيض، وإن أضر البرد بالزرع أو بالناس أو كان على الدور والمحلات، فإنّه جوائح وإغرام ترمى على الناس، أو جدري وحبوب وقروح تجمع وتذوب،
وأما من حمل البرد في منخل أو ثوب، أو فيما لا يحمل الماء فيه، فإن كان غنياً ذاب كسبه، وإن كان له بضاعة في البحر خيف عليها، وإن كان فقيراً فجميع ما يكسبه ويفيده لا بقاء له عنده، ولا يدخر لدهره شيئاً منه،
وقال بعضهم: الثلج الغالب تعذيب السلطان لرعيته، وقبح كلامه لهم،
ومن رأى الثلج يقع عليه، سافر سفراً بعيداً فيه معزة. والثلج هم إلا أن يكون من الثلج قليلاً غير غالب في جنبه وموضعه الذي يثلج فيه الموضع، وفي الذي لا ينكر الثلج فيه، فإن كان كذلك، فإنَّ الثلج خصب لأهل ذلك الموضع، وإن كان كثيراً غالباً لا يمكن كسحه، فإنّه حيئنذٍ عذاب يقع في ذلك المكان.
ومن أصابه برد الثلج في الشتاء والصيف، فإنّه يصيبه فقر، ومن اشترى وقر ثلج في الصيف، فإنّه يصيب ما لا يستريح إليه، ويستريح من غم بكلام حسن، أو بدعاء لمكان الثلج،
فإن ذاب الثلج سريعاً، فإنّه تعب وهم يذهب سريعاً،
فإن رأى أنّ الأرض مزروعة يابسة وثلوجاً، فإنّه بمنزلة المطر، وهو رحمة وخصب. ومن ثلج وعليه وقاية من الثلج، فإنّه لا يصعب عليه، لما قد تدثر وتوقى به، وهو رجل حازم ولا يروعه ذلك، وقيل من وقع عليه الثلِج،
فإن عدوه ينال منه. ومن أصاب من البرد شيئاً معدوداً، فإنه يصيب مالاً ولؤلؤاً.
وقيل: البرد إذا نزل من السماء، تعذيب من السلطان للناس، وأخذ أموالهم.
والنوم على الثلج يدل على التقيد،
ومن رأى كأنّ الثلج علاه، فإنّه تعلوه هموم، فإن ذاب الثلج زال الهم.
وأما أصل القر، ففقر. والجليد هم وعذاب، إلا أن يرى الإنسان أنّه جعل ماء وعاء فجمد به، فإنَّ ذلك يدل على إصابة مال باق. والمجمدة بيت مال الملك وغيره.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
وأما الخسف والزلزلة :
من رأى أرضاً تزلزت وخسف طائفة منها، وسلمت طائفة، فإنَّ السلطان ينزل تلك الأرض ويعذب أهلها، وقيل إنّه مرض شديد،
فإن رأى جبلاً من الجبال تزلزل أو رجف أو زال ثم استقر قراره، فإنّ سلطان ذلك الموضع أو عظماءه تصيبهم شدة شديدة، ويذهب ذلك عنهم بقدر ما أصابهم،
والزلزلة إذا نزلت، فإنَّ الملك يظلم رعيته أو يقع به فتنة أو أمراض، ومن سمع هذه السحاب، فإنّه يقع بأهل تلك الناحية فتنة وعداوة وخسران،
وقال بعضهم: الخسوف والزلازل، دليل رديء لجميع الناس وهلاكهم وهلاك أمتعتهم،
وإذا رأى الإنسان كأنّ الأرض متحركة، فإنّها دليل على حركة صاحب الرؤيا وعيشه.
وأما من رأى أنّه أصابه برد، فإنّه فقر. وإن اصطلى بنار أو مجمرة أو بدخان، فإنّه يفتقر للسعي في عمل السلطان، ويكون فيه مخاطرة وهول. وإن كان ما يصطلى به ناراً تشتعل، فإنّه يعمل عمل السلطان.
فإن كان جمراً، فإنّه يلتمس مال يتيم. وإن اصطلى بدخان، فإنّه يلقي نفسه في هول،
وقال بعضهم: إنّ البرد فعل بارد، ويدل في المسافر على أنّ سفره لا يتم، وأموره باردة. والضباب أمر ملتبس وفتنة، ويوم الغيم هي هم وغم ومحنة.
تدل على السلطان في ذاته لقوتها وسلطانها على ما دونها من المخلوقات مع نفعها وضرها.
وربما دل على ملك السلطان وجنده وأوامره وحوادثه وخدمه وأعوانه، وقد كانت خادماً لسليمان عليه السلام.
وربما دلت على العذاب والجوائح والآفات لحدوثها عند هيجانها، وكثرة ما يسقط من الشجر، ويغرق من السفن بها، لاسيما إن كانت دبوراً، ولأنّها الريح التي هلكت عاد بها، ولأنّها ريح لا تلقح.
وربما دلت الريح على الخصب والرزق والنصر والظفر والبشارات، لأنّ الله عزّ وجلّ يرسلها نشراً بين يدي رحمته، وينجي بها السفن الجاريات بأمره، فكيف بها إن كانت من رياح اللقاح، لما يعود منها من صلاح النبات والثمر، وهي الصبا وقد قال صلى الله عليه وسلم: " نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور ". والعرب تسمي الصبا القبول لأنّها تقابل الدبور، ولو لم يستدل بالقبول والدبور إلا باسمها لكفى.
وربما دلت الريح على الأسقام والعلل والهائجة في الناس، كالزكام والصداع، ومنه قول الناس عند ذلك هذه ريح هائجة، لأنّها علل يخلقها الله عزّ وجلّ عند ريح تهب وهواء يتبدل أو فصل ينتقل.
فمن رأى ريحاً تقله وتحمله بلا روع ولا خوف ولا ظلمة ولا ضبابة، فإنّه يملك الناس إن كان يليق به ذلك، أو يرأس عليهم ويسخرون لخدمته بوجوه من العز، أو يسافر في البحر سليماً إن كان من أهل ذلك أو ممن يؤمله، أو تنفق صناعته إن كانت كاسدة. أو تحته ريح تنقله وترفعه، ورزق إن كان فقيراً، وإن كان رفعها إياه وذهابها به مكوراً مسحوباً وهو خائف مروع قلق. أو كانت لها ظلمة وغبرة وزعازج وحس، فإن كان في سفينة عطبت به، وإن كان في علة زادت به، وإلا نالته زلازل وحوادث، أو خرجت فيه أو أمر السلطان أو الحاكم ينتهي فيها إلى نحو ما وصل إليه في المنام. فإنّ لم يكن شيء من ذلك أصابته فتنة غبراء ذات رياح مطبقة وزلازل مقلقة.
فإن رأى الريح في تلك الحال تقلع الشجر وتهدم الجدر، أو تطير بالناس أو بالدواب أو بالطعام، فإنّه بلاء عام في الناس، إما طاعون أو سيف أو فتنة أو غارة أو سبي أو مغرم وجور ونحو ذلك.
فإن كانت الريح العامة ساكتة أو كانت من رياح اللقاح، فإن كان الناس في جور أو شدة أو وباء أو حصار من عدو، بدلت أحوالهم وانتقلت أمورهم وفرجت همومهم.
وريح السموم أمراض حارة.
والريح مع الصفرة مرض،
والريحِ مع الرعد سلطان جائر مع قوة.
ومن حملته الريح من مكان إلى مكان أصاب سلطاناً أو سافر سفراً لا يعود منه، لقوله تعالى: ( أو تَهْوي بهِ الريخ في مَكَانٍ سحيق ).
وسقوط الريح على مدينة أو عسكر، فإن كانوا في حرب هلكوا والريح اللينة الصافية خير وبركة،
والريح العاصف جور السلطان، والريح مع الغبار دليل الحرب.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
المطر :
يدل على رحمة الله تعالى ودينه وفرجه وعونه، وعلى العلم والقرآن والحكمة، لأنّ الماء حياة الخلق وصلاح الأرض، ومع فقده هلاك الأنام والأنعام وفساد الأمر في البر والبحر، فكيف إن كان ماؤه لبناً أو عسلاً أو سمناً. ويدل على الخصب والرخاء ورخص الأسعار والغنى. لأنّه سبب ذلك كله، وعنده يظهر فكيف إن كان قمحاً أو شعيراً أو زيتاً أو تمراً أو زبيباً أو تراباً لا غبار فيه، ونحو ذلك مما يدل على الأموال والأرزاق،
وربما دل على الحوائج النازلة من السماء كالجراد أو البرد أو الريح، سيما إن كان فيه نار أو كان ماؤه حاراً، لأنّ الله سبحانه عبر في كتابه عما أنزله على الأمم من عذابه بالمطر، كقوله تعالى: ( وَأمطَرْنَا عليْهم مَطَراً فَسَاءَ مَطَرُ المُنْذِرين ).
وربما دل على الفتن والدماء تسفك، سيما إن كان ماؤه دماً. وربما دل على العلل والأسقام الجدري والبرسام، إن كان في غير وقته وفي حين ضرره لبرده وحسن نقطه، وكل ما أضر بالأرض ونباتها منه فهو ضار للأجسام الذين أيضاً خلقوا منها ونبتوا فيها فكيف إن كان المطر خاصة في دار أو قرية أو محلة مجهولة،
وربما دل على ما نزل السلطان من البلاء والعذاب كالمغارم والأوامر، سيما إن كان المطر بالحيات وغير ذلك. من أدلة العذاب، وربما دلت على الأدواء والعقلة والمنع والعطلة للمسافرين والصناع وكل من يعمل عملاً تحت الهواء المكشوف لقوله تعالى: ( إنْ كَانَ بِكُمْ أذَى من مَطَرٍ ).
فمن رأى مطراً عاماً في البلاد، فإن كان الناس في شدة خصبوا ورخص سعرهم إما بمطر كما رأى، أو لرفقه، أو سفن تقدم بالطعام. وإن كانوا في جور وعذاب وأسقام، فرج ذلك عنهم إن كان المطر في ذلك الحين نافعاً، وإن كان ضاراً أو كان فيه حجر أو نار تضاعف ما هم فيه، وتواتر عليهم على قدر قوة المطر وضعفه. فإن كان رشاً، فالأمر خفيف فيما يدل عليه.
ومن رأى نفسه في المطر أو محصوراً منه تحت سقف أو جدار، فأمر ضرر يدخل عليه بالكلام والأذى. وإما أن يضرب على قدر ما أصابه من المطر، وإما أن يصيبه نافض إن كان مريضاً، أو كان ذلك أوانه، أو كان المكان مكانه. وأما الممنوع تحت الجدار، فإما عطلة عن عمله أو عن سفره أو من أجل مرضه أو سبب فقره، أو يحبس في السجن على قدر ما يستدل على كل وجه منها بالمكان الذي رأى نفسه فيه، وبزيادة الرؤيا، وما في اليقظة، إلا أن يكون قد اغتسل في المطر من جنابة، أو تطهر منه للصلاة، أو غسل بمائه وجهه، فيصح له بصره، أو غسل به نجاسة كانت في جسمه أو ثوبه، فإن كان كافراً أسلم، وإن كان بدعياً أو مذنباً تاب، وإن كان فقيراً أغناه الله، وإن كان يرجو حاجة عند السلطان أو عند من يشبهه نجحت لديه، وسمح له بما قد احتاج إليه.
وكل مطريستحب نوعه فهومحمود، وكل مطريكره نوعه فهومكروه.
وقال ابن سيرين: ليس في كتاب الله تعالى فرج في المطر إذا جاء اسم المطر فهو غم مثل قوله تعالى: ( وأمْطَرْنَا عَلَيْهمْ مَطَراً ). وقوله: ( وَأمْطرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارة ). وإذا لم يسم مطراَ فهو فرج الناس عامة، لقوله تعالى: ( ونَزّلنا مِنَ السّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً )،
وقال بعضهم: المطر يدل على قافلة الإبل، كما أنّ قافلة الإبل تدل على المطر. والمطر العام غياث، فإن رأى أنّ السماء أمطرت سيوفاً فإنّ الناس يبتلون بجدال وخصومة، فإن أمطرت بطيخاً فإنّهم يمرضون، وإن أمطرت من غير سحاب فلا ينكر ذلك، لأنّ المطر ينزل من السماء. وقيل إنّه فرج من حيث لا يرجى، ورزق من حيث لا يحتسب. ولفظ الغيث والماء النازل وما شاكل ذلك، أصلح في التأويل من لفظ المطر.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
السحاب :
يدل على الإسلام الذي به حياة الناس ونجاتهم، وهو سبب رحمة الله تعالى لحملها الماء الذي به حياة الخلق، وربما دلت على العلم والفقه والحكمة والبيان، لما فيها من لطيف الحكمة بجريانها حاملة وقراً في الهواء، ولما ينعصر منها من الماء.
وربما دلت على العساكر والرفاق، لحملها الماء الدال على الخلق الذي خلقوا من الماء.
وربما دلت على الإبل القادمة بما ينبت بالماء كالطعام والكتّان، لما قيل إنّها تدل على السحاب، لقوله تعالى: ( أفَلاَ يَنْظرُونَ إلى الإبِلْ كَيْفَ خُلِقَتْ ).
وربما دلت على السفن الجارية في الماء في غير أرض ولا سماء، حاملة جارية بالرياح وقد تدل على الحامل من النساء، لأنّ كلتيهما تحمل الماء وتجنه في بطونها، إلا أن يأذن لها ربها بإخراجه وقذفه،
وربما دلت على المطر نفسه، لأنّه منها وبسببها،
وربما دلت على عوارض السلطان وعذابه وأوامره، وإذا كانت سوداء أو كان معها ما يدل على العذاب، لما يكون فيها من الصواعق والحجارة، مع ما نزل بأهل الظلمة حين حسبوها عارضاً تمطرهم فأتتهم بالعذاب، وبمثل ذلك أيضاً يرتفع على أهلِ النار،
فمن رأى سحاباً في بيته أو نزلت عليه في حجره أسلم إن كان كافراً، ونال علماً وحكماً إن كان مؤمناً، أو حملت زوجته إن كان في ذلك راغباً، أو قدمت إبله وسفينته إن كان له شيء من ذلك.
فإن رأى نفسه راكباً فوق السحاب أو رآها جارية، تزوج امرأة صالحة إن كان عزباً، أو سافر أو حج إن كان يؤمل ذلك، وإلا شهر بالعلم والحكمه إن كان لذلك طالباً، وإلا ساق بعسكر أو سرية، أو قدم في رفقة إِن كان لذلك أهلاً، وإلاّ رفعه السلطان على دابة شريفة إن كان ممن يلوذ به وكان راجلاً، وإلاّ بعثه على نجيبٍ رسولاً.
وإن رأى سحباً متوالياً قادمة جانية، والناس لذلك ينتظرون مياهها، وكانت من سحب السماء ليس فيها شيء من دلائل العذاب، قدم تلك الناحية ما يتوقعه الناس، وما ينتظرونه من خير يقدم، أو رفقة تأتي، أو عساكر ترد، أو قوافل تدخل.
وإن رآها سقطت بالأرض أو نزلت على البيوت أو في الفدادين أو على الشجر والنبات، فهي سيول وأمطار أو جراد أو قطا أو عصفور. وإن كان فيها مع ذلك ما يدل على الهم والمكروه، كالسموم والريح الشديدة والنار والحجر والحيات والعقارب، فإنّها غارة تغير عليهم وتطرقهم في مكانهم، أو رفقة قافلة تدخل بنعي أكثرهم ممن مات في سفوهم، أو مغرم وخراج يفرضه السلطان عليهم، أو جراداً ودباً يضر بنباتهم ومعايشهم، أو مذاهب وبدع تنتشر بين أظهرهم ويعلن بها على رؤوسهم،
وقال بعضهم إنّ السحاب ملك رحيم أو سلطان شفيق، فمن خالط السحاب فإنّه يخالط رجال من هؤلاء، ومن أكل السحاب فإنّه ينتفع من رجل بمال حلال أو حكمة. وإن جمعه نال حكمة من رجل مثله، فإن ملكه نال حكمة وملكاً،
فإن رأى أنّ سلاحه من عذاب، فإنّه رجل محتاج.
فإن رأى أنّه يبني داراً على السحاب، فإنّه ينال دنيا شريفة حلالاً مع حكمة ورفعة. فإن بنى قصراً على السحاب، فإنّه يتجنب من الذنوب بحكمة يستفيدها، وينال من خيرات يعلمها.
فإن رأى في يده سحاباً يمطر منه المطر، فإنّه ينال بحكمة ويجري على يده الحكمة. فإن رأى أنّه تحول سحاباً يمطر على الناس، نال مالاً ونال الناس منه.
والسحاب إذا لم يكن فيه مطر، فإن كان ممن ينسب إلى الولاية، فإنّه و الله لا ينصف ولا يعدل، وإذا نسب إلى التجارة، فإنّه لا يفي بما يتبع ولا بما يضمن. وإن نسب إلى عالم، فإنّه يبخل بعمله. وإن كان صانعاً، فإنّه متقن الصناعة حكيم والناس محتاجون إليه.
والسحاب سلاطين لهم يد على الناس، ولا يكون للناس عليهم يد. وإن ارتفعت سحابة فيها رعد وبرق، فإنّه ظهور سلطان مهيب يهدد بالحق.
ومن رأى سحاباً نزل من السماء وأمطر مطراً عاماً، فإنّ الإمام ينفذ إلى ذلك الموضع إماماً عادلاً فيهم، سواء كان السحاب أبيض أو أسود،
وأما السحاب الأحمر في غير حينه، فهو كرب أو فتنة أو مرض.
وقال بعضهم من رأى سحاباً ارتفع من الأرض إلى السماء وقد أظل بلداً، فإنه يدل على الخير والبركة، وإن كان الرائي يريد سفراً تم له ذلك ورجع سالماً، وإن كان غير مستور بلغ مناه فيما يلتمس من الشر،
وقال بعضهم أنّ السحاب الذي يرتفع من الأرض إلى السماء، يدل على السفر، ويدل فيمن كان راجعاً على رجعته من سفره.
والسحاب المظلم يدل على غم، والسحاب الأسود يدل على برد شديد أو حزن.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
الرعد والبرق :
الرعد ربما دل على وعيد السلطان وتهدده وإرعاده، ومنه يقال هو يرعد ويبرق.
وربما دل على المواعيد الحسنة، والأوامر الجزلة، لأنّه أوامر ملك السحاب بالنهوض والجود إلى من أرسلت إليه.
وتدل الرعود أيضاً على طبول الزحف والبعث، والسحاب على العساكر، والبرق على النصال والبنود المنشورة الملونة والأعلام، والمطر على الدماء المراقة، والصواعق على الموت.
فمن رأى رعداً في السماء، فإنّها أوامر تشيع من السلطان
فإن رأى ذلك من صلاحه بالمطر وكان الناس منه في حاجة، دل على ذلك الأمطار أو على مواعيد السلطان الحسان، وقد يدل على الوجهين ويبشر بالأمرين، وإن كان صاحب الرؤيا ممن يضره المطر كالمسافر والقصار والغسال والبناء والحصاد، ومن يجري مجراهم، فإما مطر يضر به ويفعله ويفسد ما قد عمله، وقد أوذنوا به قبل حلوله، ليتحذروا بأخذ الأهبة ويستعدوا للمطر، وإما أوامر السلطان، أو جناية عليه في ذلك مضرة. فكيف إن كان المطر في ذلك الوقت ضاراً كمطر الصيف.
وإن رأى مع البروق رعوداً، تأكدت دلالة الوعد فيما يدل عليه. وإذا كانت الشمس بارزة عند ذلك ولم يكن هناك مطر، فطبول وبنود تخرج من عند السلطان لفتح أتى إليه، وبشارة قدمت عليه، أو لإمارة عقدها لبعض ولاته، أو لبعث يخرجه أو يتلقاه من بعض قواده.
وإن كان مع ذلك مطر وظلمة وصواعق، فإما جوائح من السماء كالبرد والريح والجراد والدبا، وإما وباء وموت، وإما فتنة أو حرب إن كان البلد بلد حرب، أو كان الناس يتوقعون ذلك من عدو.
وقال بعضهم: الرعد بلا مطر خوف، فإن رأى الرعد فإنّه يقضي ديناً، وإن كان مريضاً برىء، وإن كان محبوساً أطلق.
وأما الرعد والبرق والمطر فخوف للمسافر وطمع للمقيم.
وقيل الرعد صاحب شرطة ملك عظيم.
وقال بعضهم: الرعد بغير برق، يدل على اغتيال ومكر وباطل وكذب، وذلك لأنّه إنّما يتوقع الرعد بعد البرق.
وقيل صوت الرعد يدل على الخصومة والجدال.
البرق: يدل على الخوف من السلطان وعلى تهدده ووعيده، وعلى سل النصال وضرب السياط، وربما دل من السلطان على ضد ذلك، على الوعد الحسن وعلى الضحك والسرور والإقبال والطمع من الرغبة والرجاء، لما يكون عنده من الصواعة، والعذاب والحجر، ومن الرحمة والمطر، لأنّه مما وصف أهل الأخبار، سوط ملك السحاب الموكل بها، والرعد صوته عليها مع قوله تعالى: ( يُرِيكُمْ البَرْقَ خَوْفاً وطَمَعاً ). قيل خوفاً للمسافر وطمعاً للمقيم الزارع، لما يكون معه من المطر. وكلما دل عليه البرق فسريع عاجل، لسرعة ذهابه وقلة لبثه.
فمن رأىِ برقاً دون الناس، أو رأى أنواره تضربه أو تخطف بصره أو تدخل بيته، فإن كان مسافراً أصابه عطلة إما بمطر أو بأمر سلطان، وإن كان زارعاً قد أجدبت أرضه وعطش زرعه، بشّر بالغيث والرحمة، وإن كان مولاه أو والده أو سلطانه ساخطاً عليه، وضحك في وجهه.
والشعراء تشبه الضحك بالبرق، والبكاء بالمطر، لأنّ الضحك عند العرب ابداء المخفيات وظهور المستورات، لذلك يسمون الطلع إذا انفتق عند جفنه ضحكاً، وإن كان معه مطر دل على قبيح ما يبدو إليه مما يبكي عليه، فإما أن يكون البرق. كلاماً يبكيه، أو سوطاً يدميه، ويكون المطر دمه أو سيفاً يأخذ روحه. وإن كان مريضاً، برق بصره ودمعت عيناه وبكى أهله وقل لبثه وتعجل موته سريعاً،
ومن رأى أنّه تناول البرق أو أصابه أو سحابه، فإنَّ إنساناً يحثه على أمر بر وخير. والبرق يدل على خوف مع منفعة.
وقيل البرق يدل على منفعة من مكان بعيد.
ومن رأى البرق أحرق ثيابه ماتت زوجته إن كانت مريضة.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
الصواعق :
تدل على الحوائج والبلايا التي يصيب بها ربنا من يشاء ويصرفها عمن يشاء. كالجراد والبرد والرياح والصواعق والأسقام والبرسام والجدري والوباء والحمى، لارتياع الخلق لها، واهتزازهم عندها واصفرارهم من حسها، مع إفسادها وإتلافها لما صادفها.
وقد تدل على صحة عظيمة وأمرة كبيرة، تأتي من قبل الملك، فيها هلاك أو مغرم أو دمار.
وقد تدل على قدوم سلطان جائر، وعلى نزوله في الأرض التي وقعت فيها.
وقد تدل على ما سوى ذلك من الحوادث المشهورة والطوارق المذكورة، التي يسعى الناس إلى مكانها، وإلى اختبار حالها، كالموت الشنيع والحريق والهدم واللصوص.
فمن رأى صاعقة وقعت في داره، فإن كان مريضاً مات، وإن كان منها غائب قدم نعيه، وإن كان بها ريبة وفساد نزلْها عامل، وتسور عليها صاحب شرطة، وإن كان صاحبها يطوف بالسلطان نفذ فيه أمره، وإلا طرقه لص، أو وقع به حريق، أو هدم، على قدر زيادة الرؤيا، وما يوفق الله تعالى إليه عابرها.
وإن رأى الصواعق تساقط في الدور، فربما يكون في الناس نعاة يقدمون عن الغياب أو الحجاج أو المجاهدين، أو مغرم يرمى لى الناس. وإن تساقطت في الفدادين والبساتين، فجوامع أصحاب عشور وجباة، ويغشى ذلك المكان الجور والفساد.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
السيل :
يدل دخوله إلى المدينة على الوباء، إذا كان الناس في بعض ذلك، أو كان لونه لون الدم أو كدراً.
وقد يدل على دخوله عسكر بأمان أو رفقة، إذا لم يكن له غائلة ولا كان الناس منه في مخافة،
فإن هدم بعض دورهم ومر بأموالهم ومواشيهم، فإنّه عدو يغير عليهم أو سلطان يجور عليهم، على قدر زيادة الرؤيا وأدلة اليقظة.
وقال بعضهم السيل هجوم العدو كما أنّ هجوم العدو سيل. فإن صعد السيل الحوانيت، فإنّه طوفان أو جنود من سلطان جائر هاجم، والسيل عدو مسلط،
فإن رأى أنِّ الميازيب تسيل من غير مطر، فذلك دم يهرق في تلك البلدة أو المحلة.
فإن رأى أنّه سالت من مطر وانصب ماؤها، فإنّها هموم تنجلي عن أهل ذلك الموضع، وخصب دولة بقدر الميازيب، فإن لم تنصب الميازيب، فهو دون ذلك. وإن انصب الميزاب على إنسان، وقع عليه العذاب. فإن طرق السيل إلى النهر، فإنّه عدو له من قبل الملك، ويستعين برجل فينجو من شره.
ومن رأى أنّه سكر السيل عن داره، فإنّه يعالج عدواً ويمنعه عن ضرر يقع بأهله أو فنائه.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت المباغث تسيل من غير مطر، ورأيت الناس يأخذون منه، فقال ابن سيرين: لا تأخذ منه. فقال الرجال: إني لم أفعل ولم آخذ منه شيئاً، فقال: قد أحسنت، فلم يلبث إلاّ يسيراً حتى كانت فتنة ابن المهلب.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
وتدل الميازيب :
على الأفواه وعلى الأقارب وعلى العيون بجريانها من أعالي الدور، وربما دلت على الأرزاق.
فمن رأى ميازيب الناس تجري من مطر، وكان الناس في كرب وهم، درت أرزاقهم وتجلت همومهم، لأنّها مفارج إذا جرت، وأما جريانها من غير مطر ففتنة ومال حرام، وأما حركة أفواه الرجال وألسنتهم فهي الفتنة النازلة بما لا يعنيهم، وأما جريانها فهي دماء سائلة ورقاب مضروبة، وإن كان جريانها بالدم فهو أوكد لذلك.
وأما جريان الميازيب في البيوت أو تحت الأسرة لمن كان حريصاً على الولد والحمل فلا يأمن منه، لذهاب مائه من فرجه في غير وعائه. وقد يدل ذلك على العيون الهطالة في ذلك المكان على ما يدل عليه بقية الرؤيا.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
الوحل في الحمأة والطين : لا خير في جميع ذلك.
فإن رأى ذلك مريض دام مرضه، إلا أن يرى أنّه خرج منه، فإنّه خروجه من المرض وعافيته، وغير المريض إذا مشى فيه أو وحل فيه، دخل في فتنة وبلاء وغم، أو سجن، ويد سلطان، فإن خلص منه في منامه أو سلم ثوبه وجسمه منه في تلك الوحلة، سلم مما حل فيه من الإثم في الدين والعطب في الدنيا، وإلا ناله على قدر ما أصابه. وكلما تعلك طينه أو تعمق قعره، كان ذلك أصعب وأشد في دليله. وكلما فسدت رائحته واسود لونه، كان ذلك أدل على حرامه وكثرة آثامه وسوء نياته. وكذلك عجن الطين وضربه لبناً، لا خير فيه، لأنّه دال على الغمة والخصومة، حتى يجف لبنه أو يصير تراباً، فيعود مالاً يناله من بعد كد وهم وخصومة وبلاء.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
وأما قوس قزح :
فالأخضر دليل الأمن من قحط الزمان وجور السلطان، والأصفر دليل الأمراض، والأحمر دليل سفك الدماء،
وقال بعضهم: إنّ رؤية قوس قزح تدل على تزوج صاحب الرؤيا، وقال بعضهم: إن رآه يمنة دلت على خير، وإن رآه يسرة دلت على شر.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
الثلج والجليد والبرد :
كل هذه الأشياء قد تدلت على الحوادث والأسقام والجدري والبرسام، وعلى العذاب والأغرام النازلة بذلك المكان الذي يرى ذلك فيه، وبالبلد الذي نزل به، وكذلك الحجارة والنار، لأنّها تفسد الزرع والشجر والثمر، وتعقل السفن، وتضر الفقير وتهلكه في القر والبرد، وتسقم في بعض الأحيان، وربما دلت على الحرب والجراد وأنواع الجوائح،
وربما دلت على الخصب والغنى وكثرة الطعام في الأنادر، وجريان السيول بين الشجر.
فمن رأى ثلجاً نزل من السماء وعم في الأرض،
فإن كان ذلك في أماكن الزرع وأوقات نفعه، دل ذلك على كثرة النور وبركات الأرض وكثرة الخصب، حتى يملأ تلك الأماكن بالإطعام والإنبات، كامتلائها بالثلج،
وأما إن كان ذلك بها في أوقات لا نفع فيه للأرض ونباتها، فإنّ ذلك دليل على جور السلطان وسعي أصحاب الثغور. وكذلك إن كان الثلج في وقت نفعه أو غيره، غالباً على المساكن والشجر والناس، فإنّه جور يحل بهم وبلاء ينزل بجماعتهم، أو جائحة على أموالهم، على قدر زيادة الرؤيا وشواهدها.
وكذلك إن رأى في الحضارة، وفي غير مكان الثلج كالدور والمحلات، فإنّ ذلك عذاب وبلاء وأسقام، أو موتان أو غرام يرمي عليهم وينزل عليهم، وربما دل على الحصار والقلة عن الأسفار وعن طلب المعاش.
وكذلك الجليد: لأنّه لا خير فيه، وقد يكون ذلك جلداً من الشيطان، أو ملك أو غيره
وأما البرد: فإن كان في أماكن الزرع والنبات ولم يفسد شيئاً ولا ضر أحداً، فإنّه خصب وخير،
وقد يدل على المن والجراد الذي لا يضر، وعلى القطا والعصفور، فكيف إن كان الناس عند ذلك يلقطونه في الأوعية، ويجمعونه في الأسقية. وكذلك الثلج أو الجليد، فإنّها فوائد وغلات وثمار وغنائم ودراهم بيض، وإن أضر البرد بالزرع أو بالناس أو كان على الدور والمحلات، فإنّه جوائح وإغرام ترمى على الناس، أو جدري وحبوب وقروح تجمع وتذوب،
وأما من حمل البرد في منخل أو ثوب، أو فيما لا يحمل الماء فيه، فإن كان غنياً ذاب كسبه، وإن كان له بضاعة في البحر خيف عليها، وإن كان فقيراً فجميع ما يكسبه ويفيده لا بقاء له عنده، ولا يدخر لدهره شيئاً منه،
وقال بعضهم: الثلج الغالب تعذيب السلطان لرعيته، وقبح كلامه لهم،
ومن رأى الثلج يقع عليه، سافر سفراً بعيداً فيه معزة. والثلج هم إلا أن يكون من الثلج قليلاً غير غالب في جنبه وموضعه الذي يثلج فيه الموضع، وفي الذي لا ينكر الثلج فيه، فإن كان كذلك، فإنَّ الثلج خصب لأهل ذلك الموضع، وإن كان كثيراً غالباً لا يمكن كسحه، فإنّه حيئنذٍ عذاب يقع في ذلك المكان.
ومن أصابه برد الثلج في الشتاء والصيف، فإنّه يصيبه فقر، ومن اشترى وقر ثلج في الصيف، فإنّه يصيب ما لا يستريح إليه، ويستريح من غم بكلام حسن، أو بدعاء لمكان الثلج،
فإن ذاب الثلج سريعاً، فإنّه تعب وهم يذهب سريعاً،
فإن رأى أنّ الأرض مزروعة يابسة وثلوجاً، فإنّه بمنزلة المطر، وهو رحمة وخصب. ومن ثلج وعليه وقاية من الثلج، فإنّه لا يصعب عليه، لما قد تدثر وتوقى به، وهو رجل حازم ولا يروعه ذلك، وقيل من وقع عليه الثلِج،
فإن عدوه ينال منه. ومن أصاب من البرد شيئاً معدوداً، فإنه يصيب مالاً ولؤلؤاً.
وقيل: البرد إذا نزل من السماء، تعذيب من السلطان للناس، وأخذ أموالهم.
والنوم على الثلج يدل على التقيد،
ومن رأى كأنّ الثلج علاه، فإنّه تعلوه هموم، فإن ذاب الثلج زال الهم.
وأما أصل القر، ففقر. والجليد هم وعذاب، إلا أن يرى الإنسان أنّه جعل ماء وعاء فجمد به، فإنَّ ذلك يدل على إصابة مال باق. والمجمدة بيت مال الملك وغيره.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
وأما الخسف والزلزلة :
من رأى أرضاً تزلزت وخسف طائفة منها، وسلمت طائفة، فإنَّ السلطان ينزل تلك الأرض ويعذب أهلها، وقيل إنّه مرض شديد،
فإن رأى جبلاً من الجبال تزلزل أو رجف أو زال ثم استقر قراره، فإنّ سلطان ذلك الموضع أو عظماءه تصيبهم شدة شديدة، ويذهب ذلك عنهم بقدر ما أصابهم،
والزلزلة إذا نزلت، فإنَّ الملك يظلم رعيته أو يقع به فتنة أو أمراض، ومن سمع هذه السحاب، فإنّه يقع بأهل تلك الناحية فتنة وعداوة وخسران،
وقال بعضهم: الخسوف والزلازل، دليل رديء لجميع الناس وهلاكهم وهلاك أمتعتهم،
وإذا رأى الإنسان كأنّ الأرض متحركة، فإنّها دليل على حركة صاحب الرؤيا وعيشه.
وأما من رأى أنّه أصابه برد، فإنّه فقر. وإن اصطلى بنار أو مجمرة أو بدخان، فإنّه يفتقر للسعي في عمل السلطان، ويكون فيه مخاطرة وهول. وإن كان ما يصطلى به ناراً تشتعل، فإنّه يعمل عمل السلطان.
فإن كان جمراً، فإنّه يلتمس مال يتيم. وإن اصطلى بدخان، فإنّه يلقي نفسه في هول،
وقال بعضهم: إنّ البرد فعل بارد، ويدل في المسافر على أنّ سفره لا يتم، وأموره باردة. والضباب أمر ملتبس وفتنة، ويوم الغيم هي هم وغم ومحنة.