من طرف همسات السبت ديسمبر 04, 2021 9:48 pm
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة الفقة الإسلامي
المحرر في الفقه
على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
المجلد الثاني
● [ خاتمة كتاب الإقرار ] ●
● تابع باب ما يحصل به الإقرار وحكم ما يصله به مما بغيره
O متابعة المتن
وإن قال لمن ادعى عليه مبلغا لفلان على أكثر مما لك علي وقال أردت الاستهزاء فقيل يقبل منه وقيل لا يقبل فيلزم بتفسير حقهما.
وإذا قال له على ما بين درهم وعشرة لزمه ثمانية وإن قال له ما بين درهم إلى عشرة أو من درهم إلى عشرة لزمه تسعة وقيل عشرة وقيل ثمانية.
__________
واختار في المغني أنه إن فسره بدونه مع علمه بماله لا يقبل وإلا قبل ولو قال ما علمت لفلان أكثر من كذا وقامت البينة بأكثر منه لم يلزمه أكثر مما اعترف به لأن مبلغ المال حقيقة لا يعرف في الأكثر انتهى كلامه.
قوله: "وإن قال لمن ادعى عليه مبلغا لفلان على أكثر مما لك علي وقال أردت الاستهزاء فقيل يقبل وقيل لا يقبل ويلزم بتفسير حقهما".
وجه الأول احتمال إرادة حقك علي أكثر من حقه والحق لا يختص المال.
ووجه الثاني أن ظاهر اللفظ يدل على إقراره لهما بشيء من المال وأحدهما أكثر فيلزم بتفسيره لجهالته وهذا الراجح عند جماعة وهو أولي فلو ادعى عليه مبلغا فقال لك على أكثر من ذلك لم يلزمه أكثر منه ورجع إلى تفسيره عند القاضي لما تقدم ولاحتمال أنه أراد أكثر منه فلوسا أو حب حنطة وأفعل التفضيل إذا استعمل بمن فإنه يتصل بجنسه وغير جنسه كزيد أشجع من إخوته وزيد أشجع من الأسد بخلاف استعماله مضافا فإن حقه أن لا يضاف إلا إلى ما هو بعض وعند الشيخ موفق الدين لا يقبل منه إلا الأكثر منه قدرا لأن لفظه "أكثر" إنما تستعمل حقيقة في العدد أو في القدر وينصرف إلى جنس ما أضيف إليه أكثر.
قوله: "وإذا قال له على ما بين درهم وعشرة لزمه ثمانية".
لأن ذلك هو ما بينهما وكذا إن عرفهما بالألف واللام.
قوله: "وإن قال له علي ما بين درهم إلى عشرة لزمه تسعة وقيل عشرة وقيل ثمانية".
أما المسألة الأولى فوجه الخلاف فيها أنها في معنى المسألة الثانية عرفا فتعطى حكمها والأولى أن يقال فيها ما قطع به في الكافي وهو ثمانية لأنه المفهوم من هذا اللفظ وليس هنا ابتداء غاية وانتهاء الغاية فرع على ثبوت ابتدائها فكأنه قال ما بين كذا وبين كذا ولو كانت "إلى" هنا لانتهاء الغاية فما بعدها لا يدخل فيما قبلها على المذهب قال أبو الخطاب وهو الأشبه عندي وهو قول زفر وبعض الشافعية والذي نصره القاضي وغيره أنه يلزمه تسعة وهو قول أبي حنيفة وقال محمد ابن الحسن يلزمه عشرة قال القاضي وغيره والقولان جميعا يقتضي أن يكونا مذهبا لنا لأنه قد نص فيمن حلف لا كلمتك إلى العيد هل يدخل يوم العيد في يمينه أم يكون بدؤه على روايتين.
وأما المسألة الثانية فوجه القول الأول فيها وهو الراجح في المذهب وذكر بعضهم أنه المذهب أن "من" لابتداء الغاية وهو عدد والعدد لا بد له من أول يبني عليه وإلا لم يصح و"إلى" لانتهاء الغاية وما بعدها لا يدخل فيما قبلها في أكثر الاستعمال ولو كان دخولا مكتملا فالأصل عدم الزائد فلا يثبت مع الشك.
ووجه الثاني أنه أحد الطرفين فدخل كالآخر ولهذا يقال قرأت القرآن من أوله إلى آخره وذكر الشيخ تقي الدين أن قياس هذا الوجه أحد عشر لأنه واحد وعشرة والعطف يقتضي التغاير.
ووجه الثالث أنهما حدان فلا يدخل ما بينهما كقوله ما بين درهم وعشرة وقال الشيخ تقي الدين الذي ينبغي في هذه المسائل أن يجمع ما بين الطرفين من الأعداد فإذا قال من واحد إلى عشرة لزمه خمسة وخمسون إن أدخلنا الطرفين وخمسة وأربعون إن أدخلنا المبتدأ فقط وأربعة وأربعون إن
O متابعة المتن
وإن قال ما بين عشرة إلى عشرين أو من عشرة إلى عشرين لزمه تسعة عشر على الأول وعشرون على الثاني وقياس الثالث تسعة.
__________
أخرجناهما وقوله: "ما بين درهم إلى عشرة" ليس بعرفي انتهى كلامه.
هذا المعنى ذكره الأصحاب في إن طلقت واحدة منكن فعبد من عبيدي حر بصيغة "إن" وكذا بصيغة "كلما" في وجه والمسألة مشهورة وأما هنا فيلزمه ذلك مع إرادته وطريق حسابه أن تزيد أول العدد وهو أحد على عشرة فيصير أحد عشرة ثم أضربهما في نصف العشرة فما بلغ فهو الجواب.
● فصل
لو قال له ما بين هذا الحائط إلى هذا الحائط فكلامهم يقتضي أنها على الخلاف في التي قبلها وذكر القاضي أن الحائطين لا يدخلان في الإقرار وجعله محل وفاق في حجة زفر وفرق بأن العدد لا بد له من ابتداء يبنى عليه وذكر الشيخ تقي الدين كلام القاضي ولم يزد.
قوله: "فإن قال ما بين عشرة إلى عشرين أو من عشرة إلى عشرين لزمه تسعة عشر على الأول وعشرون على الثاني وقياس الثالث تسعة".
هذا تقرير واضح على الأوجه الثلاثة وذكر الشيخ تقي الدين أن قياس الثاني ثلاثون وهذا منه بناء على أنه يلزمه في التي قبلها أحد عشر.
● فصل
فإن قال له على ما بين كر شعير إلى كر حنطة لزمه كر شعير وكر حنطة إلا قفيز حنطة على قياس المسألة قبلها ذكره القاضي وأصحابه وكذا صاحب المستوعب قال فان قلنا يلزمه تسعة فهو قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف
O متابعة المتن
وإذا قال له على درهم فوق درهم أو تحت درهم أو مع درهم أو فوقه أو تحته أو مع درهم أو له درهم بل درهم أودرهم لكن درهم أو درهم فدرهم لزمه درهمان.
__________
ومحمد يلزمه كر شعير وكر حنطة وقدمه في الرعاية الكبرى.
قال الشيخ تقي الدين هو قياس الثاني في الأول وكذلك هو عند القاضي.
ثم قال هذا اللفظ ليس بمعهود فإن قال له علي ما بين كر حنطة وكر شعير فالواجب تفاوت ما بين قيمتهما وهو قياس الوجه الثالث اختيار أبي محمد انتهى كلامه.
قوله: "وإذا قال له على درهم فوق درهم أو تحت درهم أو مع درهم أو فوقه أو تحته درهم أو مع درهم".
قطع به غير واحد لأن اللفظ في هذه الصورة يجري مجرى العطف لاقتضائه ضم درهم آخر إلى المقر به فلزماه كالعطف والسياق واحد وهو في الإقرار فلا يقبل احتمال يخالفه لأنه خلاف الظاهر وقيل يلزمه درهم وهو قول القاضي لاحتمال إرادته فوق درهم في الجودة وكذا في باقي الصور فلا يجب الزائد مع الشك في دخوله في إقراره وللشافعي كالوجهين وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا قال فوق درهم لزمه درهمان وإن قال تحت درهم لزمه درهم لأن فوق تقتضي الزيادة بخلاف "تحت".
قال الشيخ تقي الدين بناء على أصله في الظروف أو لأن الفوق الزيادة بخلاف تحت ثم قال هذا في الظاهر قياس مسألة الظروف لكن فرق القاضي أن المقر به معين وهنا ادعاه أنه مطلق وقطع في الكافي وغيره أنه يلزمه في مع درهمان وحكى الوجهين في "فوق" و"تحت" وفيه نظر.
قوله: "أوله درهم بل درهم أو درهم لكن درهم أو درهم فدرهم لزمه درهمان".
O متابعة المتن
وقيل درهم.
وإن قال درهم قبله أو بعده درهم.
__________
وهذا هو الراجح في المذهب وهو قول أبي حنيفة وقول الشافعي حملا لكلام المكلف على فائدة ولأن العطف يقتضي المغايرة وإضرابه عن الأول لا يسقطه فلزماه كدرهم ودرهم.
قوله: "وقيل درهم".
قال أحمد إذا قال أنت طالق لا بل أنت طالق لا تطلق إلا واحدة وهذا في معناه لأنه لم يقر بأكثر من درهم والأصل عدم وجوب الزيادة فلا يلزمه وذكر القاضي أنه يلزمه درهمان ثم ذكر وجها في "بل" أنه يلزمه درهم قال لأنه للاستدراك وهذا يقتضي التسوية بين "بل" و"لكن" بخلاف درهم فدرهم وهو معنى ما في الكافي وغيره لأنه ذكر في ألف فألف أنه يلزمه ألفان وقدم في درهم بل درهم أنه يلزمه درهم وسلم الشافعي في طالق فطالق أو طلقة فطلقة أنه يقع طلقتان وخرجها ابن حربان على قولين كالإقرار ولو قال درهم ودرهم أو ثم درهم فدرهمان ودرهم أو درهم لزمه واحد وذلك محل وفاق ذكره القاضي وغيره فإن كرر الدرهم ثلاث مرات مع عطف متفق أو بدون عطف لزمه ثلاثة وقيل درهمان وقيل مع إرادة التأكيد وقيل الخلاف دون حرف عطف ومعه إن أراد تأكيدا صدق وإلا فلا ومع مغايرة العطف يلزمه ثلاثة.
قوله: "وإن قال درهم قبله درهم أو بعده درهم".
لزمه درهمان لأن قبل وبعد تستعمل للتقديم والتأخير في الوجوب فحمل عليه ولأن هذا مقتضى العرف والعادة ولا معارض له فلزمه وقد عرف من هذا أنه لو قال درهم قبله درهم أو بعده درهم أنه يلزمه ثلاثة دراهم لأنه فرق بين قبله
O متابعة المتن
أو درهم بل درهمان أو درهمان بل درهم لزمه درهمان.
__________
درهم وبعده درهم وبين قبل درهم وبعد درهم وذكر في الرعاية الكبرى في درهم قبل درهم أو بعد درهم احتمالين كذا ذكروا.
قال ابن عبد القوي إنه لا يدري ما الفرق بين درهم قبله درهم بعده درهم في لزومه درهمين وجها واحدا وبين درهم فوق درهم ونحوه في لزومه درهما في أحد الوجهين لأن نسبة الزمان والمكان إلى مظروفيهما نسبة واحدة انتهى كلامه.
والمغايرة بين الأجناس كاتحادها ذكره في المغني وغيره.
قوله: "أو درهم بل درهمان أو درهمان بل درهم لزمه درهمان".
أما المسألة الأولى فقطع به أكثرهم لأنه إنما نفى الاقتصار على واحد وأثبت الزيادة عليه فأشبه درهم بل أكثر فإنه لا يلزمه أكثر من اثنين وهذا قول الشافعي وغيره.
وذكر في الرعاية قولا أنه يجب ثلاثة.
وقال ابن عبد القوي وهو مقتضى درهم بل درهم وهو قول زفر وداود.
وفي كلام الأصحاب إشارة إلى الفرق بين هذه المسألة ودرهم بل درهم أن هذا عطف على وجه الخبر والاستدراك وذاك بخلافه فليتأمل.
وأما المسألة الثانية فلم أجد فيها خلافا ووجهه أنه أقر بشيء وإضرابه عن بعضه رجوع عن حق الغير فلا يقبل وفرق في المغني بين هذه المسألة والاستثناء أن الاستثناء لا ينفي شيئا أقر به وإنما هو عبارة عن الباقي بعد الاستثناء فإذا قال عشرة إلا درهما كان معناه تسعة بخلاف الإضراب وهذا الفرق إنما يتجه على قول تكرر في عبارته وهو أن الاستثناء ليس بإخراج وأن المستثنى مع المستثنى منه كمفرد كقول بعضهم فما على قول في كلامه وكلام
O متابعة المتن
وإن قال له هذا الدرهم بل هذان الدرهمان لزمته الثلاثة وإن قال له قفيز حنطة بل قفيز شعير أو درهم بل دينار لزماه معا.
__________
غيره وقد تقدم أنه إخراج فلا يتجه ولم أجد فرقا فيخرج على هذا أنه لا فرق بين الإخراج بإلا أو بل.
وقال الشيخ تقي الدين يحتمل أن يقبل منه الإضراب لأنه دعوى عطف يقع كثيرا فقبل منه كدعوى العطف في الإقرار برأس المال في المرابحة وبالربح في المضاربة يعني على رواية.
ومقتضى كلامه قبول دعوى العطف مطلقا كالأصلين والفرق بين الأصلين في رواية وبين الإقرار أن المقر ليس بأمين للمقر له ولا دخل معه في شيء يقتضي أنه أمين ليقبل قوله عليه بخلاف الأصلين.
قوله: "وإن قال له هذا الدرهم بل هذان الدرهمان لزمته الثلاثة وإن قال قفيز حنطة بل قفيز شعير أو درهم بل دينار لزماه معا".
قطع به أكثر الأصحاب وتقدم وجهه في المسألة قبلها والفرق بين هذه وبين درهم بل درهم أو درهمان أن الأول يحتمل أن يكون هو الثاني أو بعضه بخلاف مسألتنا وتقدم كلام الشيخ تقي الدين قال بعد كلامه الأول أسقط ما أقر به وأثبت أكثر منه بكلام منتظم فكان أولى بالقبول من قوله على ألف قضيتها انتهى كلامه.
ومقتضاه قبول دعواه مع الاتصال فقط كمسألة الأصل.
فقد ظهر من هذا أو مما قبله أنه هل يقال لا يقبل الإضراب مطلقا وهو المذهب أو يقبل مطلقا أو يقبل مع الاتصال فقط أو يقبل مع الاتصال إضرابه عن البعض فيه أقوال وقول خامس وهو ما حكاه في المستوعب أنه يقبل مع تغاير الجنس لا مع اتحاده لأن انتقاله إلى جنس آخر قرينة في صدقه وأنه هو الذي عليه.
O متابعة المتن
وإن قال له على درهم أو دينار لزمه أحدهما وألزم بتعيينه وإن قال درهم في دينار لزمه درهم.
__________
فعلى هذا يلزمه الدراهم الثلاثة في المسألة الأولى ويلزم في الثانية قفيز شعير أو دينار ولم يذكر صاحب المستوعب هذا القول إلا في مثل القفيز وقطع به في درهم بل دينار ويلزمهما ولا فرق بينهما في القطع والإلحاق وإنما صاحب المستوعب اقتصر.
قوله: "وإن قال له على درهم أو دينار لزمه أحدهما وألزم بتعيينه".
لأن "أو" في الخبر للشك في نسبة الحكم إلى أحد المذكورين فيلزمه حدهما ويعينه لإيهامه كما لو قال له علي شيء ولو قال درهم أو درهمان فقد تقدم أنه يلزمه درهم وينبغي أن يقال والباقي مشكوك فيه فيسأل عنه ويؤخذ به وإما بكسر الهمزة مثل "أو" وقد قال ابن عبد القوي في إما وقد قيل بل ألزمه حتما بما ابتدأ وأراد ما ذكره الشيخ موفق الدين في له على إما درهم وإما درهمان كان مقرا بدرهم والثاني مشكوك فيه فلا يلزمه بالشك وأخذه من هذا القول الذي ذكره فيه نظر ظاهر وكلام الشيخ موفق الدين لا ينافي ما ذكره غيره والله تعالى أعلم.
قوله: "وإن قال درهم في دينار لزمه درهم".
لأنه أقر بدرهم دون دينار ولا يحتمل الحساب فإن قال أردت العطف أو معنى مع لزمه الدرهم والدينار ذكره في المغني وغيره وهو واضح في إرادته معنى مع لاستعمال في بمعناها وفيه نظر في الزيادة والعطف وجعل ابن حامد الزيادة بمعنى مع كإرادة معناها في درهم في عشرة على ما يأتي.
قالوا وإن قال أسلمته درهما في دينار فصدقه المقر له بطل الإقرار فإن سلم
O متابعة المتن
وإن قال درهم في عشرة لزمه درهم إلا أن يريد الحساب أو الجمع فيلزمه ذلك وإن قال له عندي تمر في جراب أو سيف في قراب أو ثوب في منديل أو جراب فيه تمر أو قراب فيه سيف أو منديل فيها ثوب
__________
أحد النقدين في الآخر لا يصح وإن كذبه فالقول قول المقر له لأن المقر وصل إقراره بما يسقطه فلزمه درهم وبطل قوله: "في دينار".
وكذلك إن قال درهم في ثوب وفسره بالسلم أو قال في ثوب اشتريته منه إلى سنة فصدقه بطل إقراره لأنه إن كان بعد التفرق بطل السلم وسقط الثمن وإن كان قبل التفرق فالمقر بالخيار بين الفسخ والإمضاء وإن كذبه المقر له فالقول قوله مع يمينه وله الدرهم.
قوله: "وإن قال درهم في عشرة لزمه درهم".
لاحتمال الزيادة في عشرة لي كما لو قال في عشرة لي وظاهره أنه يلزمه درهم ولو خالف مقتضى عرفه وهو أحد الوجهين والثاني يلزمه مقتضى العرف.
قوله: "إلا أن يريد الحساب أو الجمع فيلزمه ذلك".
إما إذا أراد الحساب فإن كان من أهله لزمه عشرة وإن لم يكن من أهله فظاهر كلامه أنه كذلك وينبغي أن يقال هذا على أحد الوجهين والثاني يلزمه مقتضى عرف العوام واصطلاحهم وأما إذا أراد مع عشرة فإن كان عاميا لزمه أحد عشر وإن كان حاسبا فمن الأصحاب من ذكر احتمالين ومنهم من ذكر وجهين أحدهما يلزمه أحد عشر لأنه لا يمتنع استعماله لاصطلاح العامة ولأنه نوى ما يحتمله في حق عليه فيقبل والثاني عشرة عملا بالظاهر وهو استعمال اللفظ بمعناه في اصطلاحهم.
قوله: "وإذا قال له عندي تمر في جراب أو سيف في قراب أو ثوب في منديل أو جراب فيه تمر أو قراب فيه سيف أو منديل فيها ثوب.
O متابعة المتن
أو عبد عليه عمامة أو دابة عليها سرج فهل هو مقر بالثاني على وجهين.
__________
أو عبد عليه عمامة أو دابة عليها سرج فهل هو مقر بالثاني على وجهين".
وكذا درهم في كيس أو صندوق أو كيس أو صندوق فيه دراهم وزيت في زق وفص في خاتم.
أحد الوجهين لا يكون مقرا بالثاني وهو مذهب مالك لأن إقراره لم يتناول الظرف ويحتمل أن يكون في ظرف المقر فلا يلزمه مع الشك.
الثاني يكون مقرا بالجميع لأنه ذكره في سياق الإقرار أشبه المظروف واختيار الشيخ موفق الدين لزوم العمامة والسرج لأن يد العبد على عمامته ويده ليد سيده والظاهر أن سرج الدابة لصاحبها ولهذا لو تنازع رجلان سرجا على دابة أحدهما كان لصاحبها فهو كعمامة العبد ومذهب الشافعي لا يكون مقرا بالثاني ويلزمه عمامة العبد لا سرج الدابة لأنه لا يد للدابة وحكاه بعض أصحابنا قولا لنا وقيل في الكل خلاف الظرف والمظروف وهذا غريب وقيل إن قدم المظروف فهو مقربه وحده وإن أخره فهو مقر بظرفه وحده واختار ابن حامد الوجه الأول ونصره القاضي وتبعه أصحابه ونصبوا الخلاف مع أبي حنيفة واحتج القاضي بأنه أقر بشيء في محله فوجب أن يكون إقرارا بالشيء دون المحل كما لو قال غصبتك دابة في اصطبل أو نخلة في بستان واحتج أبو حنيفة بأن المنديل في الثوب في العادة فقال القاضي ليس يتبع الثوب ألا تراه لو باع الثوب لم تدخل المنديل تبعا له واحتج أبو حنيفة بما لو قال غصبته دابة بسرجها فإنه يلزمه السرج وكذلك إذا قال ثوب بلفافة فقال القاضي لا نسلم لك هذا بل يكون إقرارا بالدابة دون السرج.
وقال الشيخ تقي الدين الواجب أن يفرق بين ما يتصل أحدهما بالآخر عادة كالقراب في السيف والخاتم في الفص فانه إقرار بهما وكذلك الزيت في الزق والتمر في الجراب فإن ذلك لا يتناول نفس الظرف إلا نوعا هذا كلامه.
● فصل
ومن صور الخلاف إذا قال غصبته ثوبا في منديل أو زيتا في زق ونحو ذلك ومن العجب حكاية بعض المتأخرين أنهما يلزمانه وأنه محل وفاق ودليل ذلك ما تقدم واختار التفرقة بين المسألتين الشيخ تقي الدين فإنه قال فرق بين أن يقول غصبته أو أخذت مه ثوبا في منديل أو يقول له عندي ثوب في منديل فإن الأول يقتضي أن يكون موصوفا بكونه في المنديل وقت الأخذ وهذا لا يكون إلا وكلاهما مغصوب بخلاف قوله له عندي فإنه يقتضي أن يكون فيه وقت الإقرار وهذا لا يوجب كونه له انتهى كلامه وهذا المعنى ذكره الشيخ موفق الدين أنه قول أبي حنيفة.
● فصل
وإن قال له عندي عبد بعمامة أو بعمامته أو دابة بسرج أو سرجها أو سيف بقراب أو قرابة أو دار بفرشها أو سفرة بطعامها أو سرج مفضض أو ثوب مطرز لزمه ما ذكره قطع به غير واحد.
وقال في المغني في بعض ذلك بغير خلاف لأن الباء تعلق الثاني بالأول لأنهما في موضع الحال من المعرفة والصفة من النكرة وهما مفيدان لمتبوعهما في الحكم ولهذا لو قال إن خرج زيد بعشيرته فأعطه درهما فخرج وحده لم يستحق شيئا ولأن اسم السرج والثوب يجمعهما وهذا بخلاف له عندي دار
O متابعة المتن
وإن قال له عندي خاتم فيه فص فهو مقر بهما والله أعلم.
آخر الكتاب وهو المحرر في الفقه.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا وحسبنا الله ونعم الوكيل.
__________
مفروشة أو دابة مسرجة فإن فيه الوجهين ذكره بعضهم وأظنه الشيخ موفق الدين.
وذكر في الرعاية الكبرى أنه إذا قال له في يدي دار مفروشة أنه لا يكون مقرا بالفرش وقد تقدم كلام القاضي في دابة بسرجها ونحو ذلك مع أن في المغني قال فيه بغير خلاف.
قوله: "وإن قال له عندي خاتم فيه فص فهو مقر بهما".
لأن الفص جزء من الخاتم لا ينفك عنه غالبا فهو كقوله له على ثوب فيه علم وذكر في الكافي فيه الوجهين وفي غيره ويحتمل أن يخرج على الوجهين.
قال بعضهم وهو بعيد وإن قال له خاتم وأطلق لزمه الخاتم بفصه لأن اسم الخاتم يجمعهما ذكره الشيخ موفق الدين وغيره.
وقال في الرعاية الكبرى إن جاءه بخاتم بفص وقال ما أردت الفص احتمل وجهين.
_________
مكتوب في الأصل المنقول منه بخط الشيخ الإمام العلامة تقي الدين الجراعي أيده الله تعالى وأبقى حياته.
هذا آخر ما وجد من هذه النسخة لكن فيها غلط كثير وزيادة ونقص.
ولقد اجتهدت في تحريرها حسب الإمكان والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
● [ ختام المجلد ألثانى ] ●
هذا آخر المجلد الثانى، وكان الفراغ من طبعه بمطبعة السنة المحمدية في غرة ذي الحجة من سنة تسع وستين وثلاثمائة وألف من هجرة عبد الله ورسوله محمد خاتم المرسلين وإمام المتقين صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما كثيرا والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وكان تصحيحه جهد الطاقة على الأصل المخطوط وبمراجعة الأصول المعتمدة في مذهب الإمام أحمد كالمغني وكشاف القناع والمنتهى ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
__________
ووافق الفراغ من كتابة هذه النسخة في يوم تاسع عشرين من شعبان المكرم من سنة ثلاث وستين وثمانمائة على يد أفقر عباد الله وأحوجهم إلى مغفرته أحمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن الشهير بابن زريق المقدسي الحنبلي غفر الله تعالى له ولوالديه ولمن دعا له بالتوبة والمغفرة والعتق من النار آمين.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم الرسل وعلى آله وصحبه أجمعين وحسبنا الله ونعم الوكيل.
_________
ما وجد في هذه النسخة مخالفا للمنقول منها التي هي بخط الشيخ تقي الدين المذكور أعلاه أبقاه الله تعالى فإن كان في كلام الشيخ تقي الدين فهو إما من شرح المحرر له وإما من نكت ابن شيخ السلامية على المحرر وإن كان في التعليل فهو من المغني أو من مجمع البحرين لابن عبد القوي أو من الرعاية فليعم ذلك والحمد لله وحده.
وكان الفراغ من طبعه بمطبعة السنة المحمدية في غرة شهر ذي الحجة من شهور سنة تسع وستين وثلاثمائة وألف من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بذلنا في تصحيحه أقصى المستطاع مع الاستعانة بكتب المغني وكشاف القناع ومنتهى الإرادات وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ولا حول ولا قوة إلا بالله والحمد له وحده وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله محمد وعلى إخوانه المرسلين وآلهم أجمعين.
كتاب: المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
المؤلف: عبد السلام بن عبد الله ابن تيمية الحراني
منتدى ميراث الرسول - البوابة