منتدى همسات الحموات

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    كُتب الضحايا والذبائح والصيد والأطعمة والأشربة

    avatar
    همسات
    Admin


    المساهمات : 1997
    تاريخ التسجيل : 18/02/2015

    كُتب الضحايا والذبائح والصيد والأطعمة والأشربة Empty كُتب الضحايا والذبائح والصيد والأطعمة والأشربة

    مُساهمة من طرف همسات الخميس أبريل 30, 2020 2:21 am

    كُتب الضحايا والذبائح والصيد والأطعمة والأشربة Fekyh_11

    بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
    مكتبة الفقه الإسلامي
    الكافي في فقه أهل المدينة
    الفقه المالكي . المجلد الأول
    كُتب الضحايا والذبائح والصيد والأطعمة والأشربة 1410
    ● [ كتاب الضحايا ] ●
    [ باب وجوب الأضحية ]
    وعلى من تجب وما يجب فيها

    الأضحية عند مالك سنة تجب على كل من وجد سعة من الرجال والنساء الأحرار وهي من السنة المؤكدة التي يحمل الناس عليها ولا يسامحون في تركها كصلاة العيدين وشبهها وأهل الحاضرة والبادية والمقيم والمسافر في ذلك سواء إلا الحاج بمنى فإنهم لا ضحية عليهم وسنتهم الهدي.
    وقال مالك: الصدقة بثمن الضحية بمنى أحب إلي ويضحى عن اليتيم طفلا كان أو بالغا كما تخرج عنه زكاة الفطر ولا يضحى عن العبد ولا عليه أن يضحي عن نفسه ولا بأس أن يضحي الرجل عن أم ولده والضحية عند مالك مخالفة للهدي لأن الهدي يجب بالقول وبالتقليد وبالاشعار ولا تجب الضحية عنده إلا بالذبح خاصة إلا أن يوجبها بالقول قبل ذلك ومن مات يوم النحر قبل أن يضحي كانت ضحيته موروثة عنه كسائر ماله بخلاف الهدي ولو مات بعد ذبحها لم يرثها عنه ورثته وصنعوا بها من الأكل والصدقة ما كان له أن يصنع فيها ولا يقتسمون لحمها على سبيل الميراث وما أصاب الضحية قبل ذبحها من العيوب كان على صاحبها بدلها بخلاف الهدي أيضا ومن وجد بضحيته عيبا ردها واشترى بثمنها مثلها ولا يشتري بأقل من ذلك الثمن ولا بأس أن يبيع الرجل أضحيته ويشتري أفضل منها بأكثر من ثمنها ولا ينبغي أن ينقص منها شيئا هذا إذا لم يوجبها ومن أخرج ثمنا لأضحية وأوجبه لذلك فيستحب له أن لا يرد شيئا منه إلى ماله وان اخرجه بغير إيجاب وفضل منه فضل صنع به ما شاء ومن اشترى ضحية عجفاء فسمنت قبل الذبح اجزأت عنه ولو اشتراها سمينة فحدث بها عيب مفسد قبل أن يذبحها ولو بعد أن أضجعها للذبح لم تجز عنه وكان عليه بدلها أن قدر عليها وما عرض لها بعد تمام ذكاتها لم يضرها ومن ضاعت أضحيته فأبدلها ثم وجدها في أيام الذبح او بعدها فليس عليه ذبحها فإن ضاعت ولم يبدلها ووجدها في أيام الذبح ذبحها وان وجدها بعد ذلك فليس عليه ذبحها وهي ماله يصنع بها ما شاء.
    ولا بأس أن يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته بالشاة الواحدة وكذلك البقرة والبدنة وسواء كانوا عند مالك سبعة أو أكثر إذا كان هو منفردا بها ويشركهم في أجرها ولا يجوز عنده أن يشترك اثنان فما فوقهما في ضحية واحدة ولا في هدي واحد، على أن يخرجوا الثمن من قبل أنفسهم ويقسموا اللحم على قدر ذلك وهذا الوجه الذي كرهه مالك أجازه أكثر العلماء من أهل المدينة وغيرهم إذا كانوا سبعة فما دونهم واشتركوا في بدنة أو بقرة وإن كانوا أكثر من سبعة لم يجز عن واحد منهم والشاة لا تجزي عندهم إلا عن واحد وإذا اشترى جماعة ضحايا فاختلطت فذبح كل واحد منهم أضحية جاز لهم أن يصطلحوا عليها ويقسموها ويضحي كل واحد منهم بالشاة التي تصير إليه وإن اختلطت فذبح كل واحد منهم ضحية غيره عن نفسه لم يجز ذلك عند مالك عن واحد منهم ويضمن كل واحد منهم ضحية صاحبه بقيمتها وكان على كل واحد منهم أن يضحى إن علم ذلك في أيام النحر
    ● [ باب سن الأضحية ] ●

    باب سن الأضحية وأي الضحايا أفضل وما يتقى فيها من العيوب
    السن التي تجزأ في الضحايا الجذع من الضأن فما فوقه والثني فما فوقه من المعز والإبل والبقر والجذع من الضأن ابن عشرة أشهر إلى سنة ونحوها وأقل سن الجذع من الضأن ستة أشهر وما زاد عليها إلى العشر أبعد من الإشكال والثني من الضأن والمعز ما قد أثنى وهو ابن سنتين أو دخل في سنتين أو نحوها وكذلك البقر.
    وقيل: إذا دخل في السنة الثالثة فهو الثني من البقر ، وقيل: إذا دخل في الرابعة، والثني من الإبل ما قد ألقى ثنيته أيضا وهو ابن خمس سنين.وقيل: ست سنين.
    وأفضل الضحايا عند مالك: فحول الضأن ثم خصيانها ثم إناثها ثم فحول المعز ثم خصيانها ثم إناثها ثم البقر والإبل وأما في الهدايا فالإبل أفضل ثم البقر ثم المعز ثم الضان.
    قال مالك: الإبل في الهدايا أفضل ما تقرب به. وعند غير مالك، الهدايا والضحايا في ذلك سواء الإبل مقدمة في الفضل عندهم ثم البقر ثم الضأن ثم المعز والعفراء أفضل من السوداء إذا ساوتها في الثمن والسمن ولا خلاف أن الثني من الضأن أفضل من الجذع ويتقي في الضحايا من العيوب العوراء البين عورها والعرجاء البين عرجها وهي التي لا تلحق الغنم والمريضة البين مرضها والعجفاء التي لا تنقى وهي التي لا شحم لها ولا مخ في عظامها لهزالها والعيب اليسير في العين لا بأس به.
    وجائز أن يضحى بالصغيرة الأذنين فإن كانت مخلوقة بغير أذنين لم تجز ولا بأس بالشق اليسير في الأذن وكذلك القطع اليسير كالميسم وشبهه والشق أهون من القطع فإن كان أكثر الأذن مقطوعا لم يجز والنصف عند أصحابه كثير ولا يحفظون عن مالك فيه حدا ويجيء على أصله أن ما زاد على ثلثه كثير ويخرج أيضا على أصله أن الثلث كثير وان حكم الثلث حكم ما فوقه.
    ولا بأس عنده بالمثقوبة الأذن إذا كان ثقبا يسيرا وكذلك القطع والجدع إذا كان يسيرا ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن يضحى بالشرقاء ولا بالخرقاء ولا بأعضب القرن" والشرقاء المشقوقة الأذن كلها باثنين أو أكثر والخرقاء أن يكون في الأذن ثقب مستدير وفي الحديث النهي عن أن يضحى بالمقابلة والمدابرة وتلك نحو الشرقاء والخرقاء.
    وقد قيل: المقابلة أن يقطع من مقدم أذنها شيء ثم يترك معلقا لا يبين كأنها زنمة والمدابرة أن يصنع مثل ذلك يموخرة الأذن من الشاة والأعضب القرن إذا ذهب نصفه ولا بأس أن يضحى عند مالك بالشاة الهيماء إذا كان سقوط أسنانها من الكبر والهرم وكانت سمينة فإن كانت ساقطة الأسنان وهي فتية لم يجز أن يضحى بها لأنه عيب غير خفيف والنقصان كله مكروه إلا أنه لا بأس بالخصي الأجم وكره مالك المكسورة القرن إذا كان يدمى فإن لم يدم فهي مثل الجلحاء ولا بأس بها وأما الأبتر فإن كان مستأصل الذنب لم يجز أن يضحى به وإن كان القطع يسيرا كالطرف وشبهه فلا بأس به وإن قطع منه ثلثه أو أكثر لم يجز.
    وقد قيل يجوز ما لم يكن لا ذنب له ولا تجوز الجرباء إذا كان لها مرضا لأنه يضر بلحمها ولا بأس بالبدنة المدبورة إذا كان خفيفا وإن كان دبرا بينا لم يجز.
    ولا بأس أن يضحى بالشاة الثولاء إذا كانت سمينة والشاة الحمرة وهي التي بشمت من الأكل كالفرس إذا سنق من الشعير لا يجوز أن يصحى بها لأنه بين مرضها.
    ومن وجد عيبا بضحيته بعد ذبحها كان عند البائع بها فإن كان عيبا يجوز معها أخذ أرشه وانتفع به وأجراه مجرى ضحيته ويستحب له أن يتصدق به فإن كان عيبا لا يجزئ معه صنع به ما شاء وأبدلها إن كان في أيام النحر
    ● [ باب وقت ذبح الضحايا ] ●

    أيام الذبح يوم النحر ويومان بعده وهي الأيام المعلومات وأولها أفضلها للذبائح فيه ضحيته ثم الثاني ثم الثالث ولا يضحى في اليوم الرابع عن مالك وأكثر أهل المدينة.
    وقد روي عن بعضهم إجازة ذلك ولا يضحى بليل عند مالك وأصحابه فإن فعل لم تجزه عندهم ومن ذبح يوم النحر قبل الصلات لم تجزه.
    وكذلك عند مالك إن ذبح بعد الصلاة قبل الإمام لم يجزه أيضا إلا أن يكون الإمام لم يذبح فيجزئه إن تحرى مقدرا ذبح الإمام ثم يذبح وإذا انصرفوا من المصلى جاز الذبح فيما قرب وبعد وأهل البوادي يتحرون أقرب القرى والمدن إليهم فيذبحون بعد ذبح الإمام الذي يليهم فإن تحروا فذبحوا قبل ذبح الإمام وبعد الصلاة فقد نجوا ولو كان ذلك قبل ذبح الإمام وبعد الصلاة أجزأهم وقد قيل عن مالك لا يجزئهم والأول تحصيل مذهبه
    ● [ باب العمل في الضحايا ] ●

    الأفضل في ذبح الضحية أن يباشر بالرجل ذبح ضحيته بيده ولا يأمر بذلك غيره فإن لم يفعل فلا حرج إذا ذبح له غيره بأمره وإذا كان له من يقوم بأمره كالابن والوكيل وذبح له بغير إذنه جاز.
    ولو ذبح رجل ضحيته بغير إذنه ضمنها وغرم قيمتها ويبتاع بالقيمة ربها غيرها بدلا منها ولو غصبها رجل فذبحها عن نفسه ضمن قيمتها ولم تجز عنه ويستحب له إذا ولدت الضحية أن يذبح ولدها معها وليس ذلك بواجب عند مالك ولا يذبح الضحية ولا النسك كله إلا مسلم فإن ذبحها غير مسلم لم تجز.
    وقد قيل: تجزأ مع الكراهة وهو قول أشهب والأول تحصيل المذهب وبه أقول.
    ويأكل الرجل من أضحيته ويطعم الفقراء والأغنياء إن شاء نيا ومطبوخا ولا يطعم منها إلا مسلما وليس لما يطعم منها ويتصدق به ولا لما يأكل حد عند مالك وقد بينا في كتاب التمهيد هذا المعنى عند قوله صلى الله عليه وسلم: "كلوا وتصدقوا وادخروا".
    ولا بأس بالانتفاع بجلود الضحايا ولا يباع شيء منها ولا يبادل لحمها بغيره ولا يعطى في دباغ جلدها شيء منها ولا يعطى الجازر شيئا من لحمها على ذبحها وسلخها فان باع الجلد تصدق بثمنه وينبغي أن يعلم الرأس بعلامة لئلا يختلط في الفرن فان اختلطا فليحلل كل واحد منهما صاحبه مما صار من فضل ذلك إليه ولا ضمان عله ولا بأس بشرب لبن الضحية ما لم يضر بها بعد ري ولدها ويستحب له أن لا يجز صوفها حتى يذبحها.
    ● [ باب العقيقة ] ●

    العقيقة سنة مرغوب فيها، ومعناها: الذبح عن المولود يوم سابعه ما يجوز ضحية من الأزواج الثمانية ولا تكون من الوحش ولا من الطير.
    وقد قيل عن مالك: إنها لا تكون إلا من الغنم دون الإبل والبقر ويتصدق بلحمها ويؤكل منها كحكم الضحايا.
    واختلف عن مالك أيهما أوكد في السنة الضحية أو العقيقة؟ :
    فروي عنه الضحية، وروي عنه العقيقة أوكد، وكلاهما عندي سواء لأنها من شرائع الإسلام فعلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بهما وأقرهما.
    وروى عنه معن بن عيسى فيمن كان سابع ابنه يوم النحر أنه أحب إليه أن يعق عنه ويترك الضحية وكان مالك لا يعتد باليوم الذي يولد فيه المولود في أيام أسبوعه إلا أن يولد قبل الفجر وإلا ألغى ذلك اليوم وكان يستحب أن يسمي الصبي يوم السابع ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الغلام مرتهن بعقيقته يذبح عنه يوم سابعه ويسمى".
    وقد أوضحنا معاني هذا الباب في كتاب التمهيد والحمد لله ولا عقيقة بعد يوم السابع وهو الأشهر عن مالك.
    وقد روي أنه يعق عنه في سابع ثان إذا عاق عن الأول عائق ويعق عن الغلام وعن الجارية بشاة شاة عن كل واحد منهما هما عند مالك في ذلك سواء ولو عق عن الغلام بشاتين وعن الجارية بشاة كان حسنا وسواء كانت الشاة ذكرا أو أنثى وحلق رأس المولود والصدقة بوزن شعره فضة أو ذهبا لمن لا يقدر على العقيقة حسن وليس بواجب ولا سنة وتذبح العقيقية في صدر النهار ومن ذبحها ليلا كان كمن ذبح ضحيتة ليلا عند ابن القاسم وغيره يكره ذلك ويجيزه ويتقى فيها من العيوب ما يتقى في الضحية ويوكل منها ويطعم ولا بأس بكسر عظمها ولا يلطخ الصبي بشيء من دمها والحكم فيها أن يهدى إلى الجيران منها نيا ومطبوخا وهذا أفضل من الني ولا يطعم منها ولا من الضحايا كافر ولو دعا الناس إليها من غير مباهاة لم يكن بذلك بأس
    ● ● ● [ كتاب الذبائح ] ● ● ●
    باب الذكاة وحكمها

    كل مقدور عليه يجوز ذبحه صنفان أحدهما حكمه الذبح والآخر حكمه النحر والذبح أن يقطع الحلقوم والودجان ولا يراعي مالك قطع المرئ وإن قطع الودجين وأكثر الحلقوم أجزأ عند أكثر أصحاب مالك ومن لم يجز على ذلك ورفع يده قبل تمام بلوغ الذكاة ثم رجع في الفور فأكمل الذكاة أجزأه وقيل لا يجزئه والأول أصح لأنه جرحها ثم ذكاها بعد وحياتها مستجمعة فيها.
    وينبغي أن تكون القلصمة إلى الرأس فإن لم تكن فلا بأس والنحر والطعن في اللبة ولو ذبح ما السنة في ذكاته النحر أو نحر ما السنة في ذكاته الذبح من غير ضرورة لم يؤكل كراهية لا تحريما فإن كان من ضرورة فلا بأس به وقال عبد العزيز بن أبي سلمة وجماعة من أهل المدينة وغيرهم إن ذلك جائز من غير ضرورة ولا بأس أن تنحر البقر وأن تذبح من ضرورة وغير ضرورة والاختيار الذبح وأما الغنم فلا تنحر إلا على ما ذكرنا.
    وكذلك الإبل لا تذبح إلا على ما وصفنا.
    ومن نسي أن يسمي على الذبيحة لم يضره ذلك ولا بأس بأكلها وإن ترك التسمية عامدا لم تؤكل عند مالك ومن أهل المدينة وغيرهم من قال: لا يضر المسلم ترك التسمية عامدا ولا ناسيا لأنه ذبح بملته ودينه، ألا ترى أن المجوسي لو سمى لم ينفع ذلك شيئا !.
    ومن ذبح حيوانا من قفاه لم يؤكل وذكاة الذبيحة ذكاة لجنينها إذا لم يدرك حيا وكان قد نبت شعره وتم خلقه فإن لم يتم خلقه ولم ينبت شعره لم يؤكل إلا أن يدرك حيا فيذكى ومن استوحش من الإنسي لم يجز في ذكاته إلا ما يجوز في ذكاة الإنسي وكذلك المتردي في البئر لا تكون الذكاة فيه إلا فيمن بين الحلق واللبة على سنة الذكاة.
    وقد خالف في هاتين المسألتين بعض أهل المدينة وغيرهم والصحيح في ذلك ما ذهب إليه مالك.
    وأما المتردية والنطيحة والموقودة وأكيلة السبع فإن كل واحدة من هذه إذا ذكيت وعينها تطرف ونفسها تجري وقد حركت يدا أو ذنبا أو رجلا وحياتها مجتمعة جازت فيه الذكاة وذلك ما لم تنتقض بينتها مثل أن تنخع فيظهر نخاعها أو تنتشر أحشاؤها أو يقطع صلبها أو موضع الذكاة منها السبع وفي هذه المسألة خلاف كبير لأصحابنا وغيرهم، وهذا هو الصحيح في ذلك عن مالك ومن يرضى قوله من أهل العلم في ذلك ولم يختلف العلماء في المريضة يبلغ منها المرض مبلغا لا يرجى معه لها بقاء أنها تؤكل إذا ذكيت وفيها حياة، قال ابن القاسم عن مالك: إذا ذكيت المريضة ونفسها تجر وإن كما لا يرجى أن تعيش فلا بأس بها.
    وذكر ابن وهب في موطئه قال: قال مالك في شاة تردت فكسرت وأدركها صاحبها وهي تتحرك فذبحها فسال الدم ولم تتحرك قال: أرى إن كان صاحبها ذبحها ونفسه تجر وهي تطرف أن يأكلها.
    ويستحب للمسلم أن يستقبل بذبيحته القبلة ومن ذبح إلى غير القبلة فلا شيء عليه.
    ● [ باب ما يجوز أن يذبح به ] ●

    كل شيء يذبح مما له حد يمر في اللحوم مرور الحديد وينهر الدم جاز أكل ما ذبح به إلا الظفر والسن فإن ذلك خنق والمعنى في ذلك إذا لم يكونا منزوعين فإذا كان ذلك لم تقع بهما ذكاة.
    واختلف في العظم فقيل: لا تقع به ذكاة على حال لنهي الوارد في ذلك عن النبي عليه السلام.
    وقيل: إنه مكروه ويجوز على كراهيته.
    وقيل: لا بأس أن يذكي بالعظم إن كان يفري
    ● [ باب من تجوز ذبيحته ] ●

    لا تجوز ذبيحة غير المسلمين وأهل الكتاب ولا تؤكل ذبيحة المربد وان تهود أو تنصر والمجوس وأهل الأوثان وسائر
    ● ● ● [ كتاب الصيد ] ● ● ●
    باب ما يجوز أن يصطاد به

    باب ما يجوز أن يصطاد به من الجوارح المكلبة والسلاح القاطعة ومن يجوز صيده
    الجوارح التي يجوز أن يصاد بها الكلب والفهد والباز والشوذنيق والرخم والعقاب والشاهين وسائر الصقور ومن أشبهها من سباع الطير ولا يجوز صيد جارحة ليس معلما ولا صيد معلم شركة غير معلم إلا أن تدرك ذكاته ولا يضر أكل المعلم من الصيد عند مالك وأكثر أهل المدينة وجائز عندهم أكل ما أكل منه الكلب المعلم من الصيد ولو لم تبق إلا بضعة واحدة وتعليمه عندهم أن يشلى فيشتلي ويزجر فينزجر ويرسل فيسترسل ويطيع إذا نبه ويسارع إذا صيح عليه ويتكرر منه ذلك كله حتى يعلم منه أنه قد فهم وتعلم فهذا حد التعليم لا ماسواه وليس بأن لا يأكل والباز في ذلك والكلب سواء ومن اصطاد المعلم بغير إرسال فلا يؤكل إلا إن يدرك ذكاته وكل ما صاد به الإنسان من جميع السلاح والسيوف والسهام والرماح وكل ما له حد من الحديد وغيره إذا كان قاطعا نافذا للمقاتل فالذكاة واقعة به أين ما ضرب الصيد منه إذا أصاب له مقتلا وسمى الله عليه في حين رميه إياه وكل ما مات بقتل السهم وسائر السلاح جائز أكله لأن الضرب بالسلاح وإرسال السهم الذي ينفذ المقاتل كمباشرة الذابح للذبح وهذا كله في الممتنع المستوحش غير المقدور عليه.
    فأما المقدور عليه المتمكن به فقد مضى حكمه في الذبائح ولا يؤكل من صيد الحبالة والفخ والشرك والبندقية إلا ما أدركت ذكاته والحجر كالبندقية إذا رض ودق فإن كان له حد فجرح بحده وقتل جاز أكل ما قتل.
    وكذلك ما أصاب المعراض بعرضه لم يجز أكله إلا أن تدرك ذكاته ومن نسي التسمية على الإرسال فهو كمن نسيها على الذبح وكذلك من تعمد كمتعمده على الذبيحة وقد مضى ذكره في الذبائح ومن جاز أكل ذبيحته جاز أكل صيده بجارحه وسلاحه ولا يؤكل من صيد من لا تؤكل ذبيحته إلا ما أدركت ذكاته.
    ● [ باب جامع في الصيد ] ●

    من رمى صيدا فوقع في الماء أو تردى من جبل أو رماه في الهواء فوقع في الأرض فإن كان قد أصاب مقاتله وأنفذها قبل أن يقع إلى الأرض أو قبل أن يتردى أو يقع في الماء فقد تمت ذكاته لأن ما بلغ منه مبلغ الذبح لم يضره ما ناله بعد وإن كان لم ينفذ مقاتله فلا يؤكل إلا أن تدرك ذكاته ومن شك فيه من ذلك لم يؤكل وما ضرب من الصيد فقطع بنصفين أو بأن رأسه أكل جميعه وأكل الرأس والبدن وإن قطع يده أو رجله ومات من ذلك أكل كله حاشا يده أو رجله.
    وقد روي عن مالك وغيره من أهل المدينة أنه يؤكل جميعه قليلة وكثيرة لأن الضربة البينة الاصطياد ذكاة له وما قطع من حي فهو ميتة إذا عاش ذلك الحي أو لم يكن صيدا.
    وكره مالك أكل صيد أهل الكتاب ولم يحرمه لقول الله عز وجل: {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} ، يعنى أهل الإيمان وهو عند جمهور أهل العلم مثل ذبائحهم.
    ولا بأس بالاصطياد بكلب المجوس ومن أرسل كلبه فغاب عنه أو أرسل سهمه ولم يره ثم وجد الكلب أو السهم قد أنفذ مقاتل الصيد فلا بأس بأكله ما لم يبت خوفا من أن يكون أعان عليه بعض دواب الأرض.
    وقد قيل: إن غاب عنه طويلا فلا يأكله سواء بات عنه أو لم يبت وهذا قول من قال: كل ما أصميت ودع ما أنميت.
    وقد قيل: يأكله وإن بات عنه إذا أصاب سهمه أو كلبه قد أنفذ مقاتله وهذا هو المعمول به في تحصيل المذهب.
    ولو أرسل كلبه على صيد فأخذ منها واحدا وقتله جاز أكله وإذا عدل الكلب في إرساله عن الصيد إلى جيفه رآها ثم اندفع بعد ذلك من قبل نفسه دون ان يشليه مرسله لم يجز أكل ما قتل إذا كان بعد حين وإذا كان عدوله يسيرا كضرب من طلبه للصيد لم يضره وإذا انفلت الكلب في طلب الصيد فأشلاه صاحبه بعد ذلك أو زجره فلا يأكل ما صاده.
    وقد قيل: إذا أشلاه بعد حروجه فانشلى وسمى عليه جاز أكل صيده والأول قول مالك ومن رأى شيئا يظنه خنزيرا أو سبعا فرمي على أنه خنزير فقتله فإذا هو صيد لم يؤكل ومن أخذ من أفواه الكلاب حيا من الصيد قد عقرته الكلاب فلم تدرك ذكاته من غير تقصير حتى مات فإنه يؤكل إلا أن يفرط في ذكاته فإنه لا يؤكل وما صيد بالسهم المسموم لم يؤكل إلا أن يكون السهم بذاته قتله وأنفذ مقاتله فإن أنفذ مقاتله السهم قبل أن يسري السم فيه جاز أكله إلا أنه يكره أكله خوفا من داء السم فإن أشكل أمره وجب الكف عنه ولا يؤكل إلا أن يصح أن السهم قتله دون السم وما لم تنب فيه الكلاب وتجرحه لم يؤكل وقد قيل يؤكل إذا مات من صدمة الكلب وإن لم ينب فيه ولم يجرحه وهو قول أشهب.
    وقد روي عن مالك ذلك وإذا ند البعير فلم يقدر على أخذه أو نحره أو ذبحه بين الحلق واللبة فيذكي لم يؤكل عند مالك وأصحابه وعند سائر أهل العلم إذا استوحش المستأنس وند وامتنع جاز قتله بما يجوز به قتل الصيد وإذا أرسل رجلان كلبين فاشتركا في قتل صيد كان بينهما وإذا نفذ أحدهما مقاتله قبل إدراك الآخر له فهو للأول الذي قتله دون الثاني.
    ولو أخذ رجل صيدا ثم افلت منه فصاده غيره فهو للأول إلا أن يلحق بالوحش ويمنتع فيكون لمن صاده ثانية ومن وقع في الفخ والحبالة فلربها فإن الجأ الصيد إليها أحد ولولاها لم يتهيأ له اخذها فربها فيه شريكه ومن وقع في الجيح المنصوب في الجبل من ذناب النحل فهو كالحبالة والفخ وحمام الأبرجة ترد على أهلها ان أستطيع على ذلك وكذلك نحل الجياح وقد روي عنه وقاله بعض أصحابه وليس على من حصل الحمام أو النحل عنده أن يرده وإن وقعت سمكة في سفينة فهي لآخذها دون رب السفينة وليس لصاحب البركة والغدير أن يمنع من صيد سمكها إلا أن يكون قد حظر عليها ولو ألجأت الكلاب صيدا فدخل في بيت أحد أو داره فهو للصائد ومرسل الكلاب دون صاحب البيت وإن دخل في البيت من غير اضطرار الكلاب له فهو لرب البيت.
    ● ● ● [ كتاب الأطعمة ] ● ● ●
    باب ما يحل أكله من الحيوان وما لا يحل منه

    لا يحل أكل الحمار الأهلي ولا تعمل الذكاة فيه للحمه ولا لجلده ولا بد لمن أراد تطهير جلده من دباغه ولا يؤكل عند مالك الحمار الوحشي إذا استأنس وعمل عليه وركب لأنه قد صار أهليا وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الأهلية وهو عند مالك على اصله لا بأس بأكله وكما يؤكل الإنسي لو توحش فكذلك لايمتنع من أكل الوحشي إذا تأنس ولا تؤكل الخيل عند مالك كراهية لا تحريما ولا يجوز أكل البغال كما لا يجوز أكل الحمر ولا يؤكل الفيل ولا الفأر ولا الوزغ ولا يجوز أكل ذي ناب من السباع وكل ما افترس وأكل اللحم فهو سبع هذا هو المشهور عن مالك وقد روي عنه أنه لا بأس بأكل الثعلب والوبر ولم يجعلهما مثل الأسد والذئب والفهد والنمر والضبع ولا يجوز أكل الهر وحشيا ولا إنسيا وجائز أكل الأرنب ولا بأس عند مالك بأكل الطير كله سباعها وغير سباعها ما كان منها يأكل الجيف وما لم يأكلا ذا مخلب كان او غير ذي مخلب ولا بأس بأكل الضب واليربوع والورل وجائز عند مالك اكل الحيات إذا ذكيت وكذلك الأفاعي والعظاية والقنفذ والضفدع ومن نعلماء المدينة جماعة لا يجيزون أكل سباع الطير ولا ما أكل الجيف منها ولا الجلالة من الدواب وغيرها ولا أكل شيء من خشاش الأرض وهوامها مثل الحيات والأوزاغ والفار وما أشبهه وكل ما يجوز قتله فلا يجوز عند هولاء أكله ولا تعمل الذكاة عندهم فيه وهو قول أشهب وعروة وجماعة من المدنيين وغيرهم ولا بأس بأكل ميت الحيتان طافيا أو راسبا وصيد البحر كله حلال إلا أن مالكا يكره خنزير الماء لا سمه وكذلك كلب الماء عنده ولا بأس بأكل السرطان والسلحفاة والضفدع ولا يضر صيد المجوس للحيتان لأنها لا يحتاج إلى ذكاتها ولا يؤكل عند مالك من الجراد ما مات حتف أنفه وإنما يؤكل منه عنده ما حصل موته بفعل آدمي أو معالجته كقطعه أو طرحه في النار ونحو ذلك وغير مالك يجيز أكل الجراد كيف ما مات وحكمه عندهم حكم الحيتان.
    ● [ باب ما يحل من طعام أهل الكتاب ] ●
    وغيرهم من أهل الكفر

    الذي يحل لنا من طعام أهل الكتاب ذبائحهم وما لا يحرم علينا من سائر طعامهم غير الذبائح مما يحتاج إلى زكاة وقد كان مالك يكره ما ذبحوه إذا وجد ما ذبحه المسلم وكره أن تكون لهم أسواق يبيعون فيها ما يذبحون وهذا منه رحمه الله تنزه وكذلك ينبغي أن يتنزه عن ذبائح اليهودي والنصراني مع وجود ذبائح المسلمين ألا ترى أنه لا يجوز لكتابي أن يذبح نسكا لمسلم والأصل أن ذبائح أهل الكتاب حلال وذلك ما لا يختلف فيه لقول الله تبارك وتعالى: { وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ } وتأويله عند أهل العلم ذبائحهم.
    وأما ما حرم علينا من طعامهم فليس بداخل تحت عموم الخطاب وكره مالك شحوم اليهود واكل ما نحروا من الإبل وسائر كل ذي ظفر واكثر أهل العلم لا يرون بذلك بأسا ولا بأس بأكل طعام عبدة الأوثان المشركين والمجوس وسائر من لا كتاب له من الكفار ما لم يكن من ذبائحهم ولم يحتج إلى ذكاة إلا الجبن لما فيه من أبقحة الميتة وإذا كان أب الصبي مجوسيا وأمه كتابية فحكمه حكم أبيه عند مالك وعند غيره لا تؤكل ذبيحة الصبي إن كان أحد أبويه ممن لا تجوز ذبيحته وكره مالك ما صنعه الكفار لأعيادهم من الطعام وخشي أن يكون مما أهل لغير الله به ولا بأس بالشرب في آنية الكفار كلهم إذا غسلت ونظفت ما لم تكن ذهبا أو فضة أو جلد خنزير.
    وأجاز مالك وجماعة من أهل العلم سعة الانتفاع بشعر الخنزير في الخرز وغيره وأجمع المسلمون على تحريم لحمه وشحمه وكل شيء منه ما عدا الانتفاع بشعر أنثاه وذكره
    ● [ باب حكم الميتة ] ●

    أكل كل ميتة من حيوان البر حرام إلا عند الاضطرار إليها لخوف ذهاب النفس وجائز عند مالك للمضطر أن يشبع من الميتة ويتزود منها لحاجة إليها حتى يجد الذكي او غيره من الطعام الحلال فيحرم عليه ما بيده منها وغيره لا يجيز له منها إلا ما يحبس رمقه ويرد نفسه لأنه من كان في حاله تلك لم تحل له أولا ومن كان في سفر معصية واضطر إلى الميتة لم يأكلها حتى يفارق المعصية وقد قيل يأكلها إذا خشي ذهاب نفسه.
    والميتة عند مالك أحل للمضطر المحرم من قتل الصيد في الحرم أو في الإحرام وأكله إلا أن تكون الميتة متغيرة الرائحة يخاف على نفسه منها فيصطاد حينئذ في الحرم ويأكل ما يمسك به نفسه على حكم الميتة عنده على ما قدمنا ذكره عنه ومن وجد ميتة ومالا لغيره لم يحل له أكل الميتة إلا أن يخشى أن تقطع يده فإن لم يخف ذلك اكل من مال غيره وضمنه إذا أيسر وقد قيل لا ضمان عليه فيما اضطر إليه والصواب وجوب الضمان عليه كما لو اضطر إلى لقطة عنده فأكلها قبل مرور الحول وما كان مثلها ضمنها ولا يشرب المضطر خمرا ولا يتعالج أحد بالخمر ولا بشيء من النجاسات كلها وإذا اختنق الإنسان أو كانت في حلقه غصة ولم يجد ماء ولا مائعا حلالا فجائز له شرب الخمر ليدفع بها تلك الغصة وهذه مسألة أبي الفرج القاضي من روايته وهي محفوظة له ولا تؤكل بيضة أخرجت من دجاجة ميتة وكذلك لبن الميتة لأنه في ظروف نجس لأنه يموت بموت الشاة.
    وإذا سلق بيض فوجد في بعضها فرخ لم يؤكل منه شيء لأنه نجس كله وإذا وجد في البيضة دم حرم أكلها وإذا وقعت ميتة أو شيء من النجاسات في طعام أو شراب أو مات فيه حيوان له دم فإن كان الطعام أو الشراب جامدا طرحت الميتة والنجاسات وما حولها وانتفع بباقيه وإن كان ذائبا أريق كله وإن كان زيتا فلا بأس باستعماله في الصابون للغسل ولا بأس بالاستصباح به في غير المساجد ولا يجوز أكله ولا بيعه ولا تطهر الأدهان النجسة بغسلها وهذا تحصيل مذهب مالك وطائفة من المدنيين ومنهم من أجاز غسل البان النجس والزيت النجس وليس لقائل ذلك سلف وجائز أن يعلف الدواب نجس الطعم إذا كانت منها مما لا يؤكل لحمه ولا بأس بالانتفاع بشعر الميت وصوفها ولا يجوز الانتفاع بريشها ولا عصبها ولا عظمها ومن أهل المدينة من يجيز الانتفاع بمداس العاج وأمشاطه منهم عروة وابن شهاب وتحصيل مذهب مالك كراهية ذلك وجلود الميتة نجسة وهي بعد الدباغ طاهرة إلا أن مالكا يجعل طهارتها مخصوصة بالانتفاع بها واستعمالها في اليابسات وفي الماء وحده دون سائر المائعات وكان يكره في خاصة نفسه استعمالها في الماء ولم يضيق ذلك على غيره ولا يجوز عنده بيعها ولا الصلاة عليها وأما غيره من أهل المدينة فإنه يذهب في طهارة جلود الميتة إذا دبغت إلى أنها طاهرة كاملة في كل شيء من البيع واستعمالها في الماء وغيره وعلى هذا أكثر أهل العلم وإليه ذهب عبد الله بن وهب لعموم قول النبي عليه السلام أيما إهاب دبغ فقد طهر وما يؤكل لحمه ما لا يؤكل سواء في طهارة جلده بالدباغ عند مالك وأكثر أصحابه.
    ● ● ● [ كتاب الأشربة ] ● ● ●

    الخمر شراب العنب المسكر وكل شراب أسكر كثيره أو قليله فهو خمر وكثيره وقليله حرام من جميع الأشربة وهو قول جماعة من أهل الحجاز والشام وما خالف هذا القول باطل بالسنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم لقوله وقد سئل عن البتع وهو شراب العسل فقال: "كل شراب أسكر فهو حرام" وقال صلى الله عليه وسلم: "كل مسكر خمر وكل خمر حرام" وقال عليه السلام: "ما أسكر كثيره فقليله حرام" وقال: "ما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام" .
    والذي يحل من الأشربة ما لا يسكر كثيره من عصير العنب وغيره ولا بأس بشرب العصير ما لم يغل ولا بأس به إذا طبخ طبخا لا يسكر بعده الكثير منه ولا ينبغي أن ينقص طبخه من ذهاب الثلثين.
    وكل شراب لا يسكر منه فهو مباح ما لم تكن عليه معاقرة فإن كانت هناك معاقرة لم يجز والمعاقرة عند جماعة من أهل العلم مكروهة كراهية شديدة على الشراب المباح وعلى غير المباح حرام ولا يخلل أحد خمرا فإن خللها فبئس ما فعل وليستغفر الله وليأكلها إن شاء وقد قيل لا يأكلها إلا أن تعود خلا بغير صنيع آدمي وهو الأشهر عن مالك وهو قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبه أقول.
    وقد قيل: إنها حرام إذا خللها الآدمي إلا أن يكون نصرانيا ولا يجمع التمر والزبيب بنبيذ ولا يخلط نبيذ تمر ونبيذ زبيب والخليطان من جميع الأشربة التي يصنعها الناس لا يجوز شربها إلا أنه لا يحد شاربها إذا لم يسكر الكثير منها.
    وسيأتي ذكر حد الخمر في كتاب الحدود إن شاء الله.
    والنهى عن الخليطين لم يجئ مجئ تحريم المسكر فلهذا صار شرب الخليطين مكروها من غير تحريم.
    وصفة الخليطين أن يجمع بين نوعين يحتمل كل واحد منهما ان ينبذ عل حدته وذلك انه إذا جمع بينهما أسرعت الشدة إلى ذلك الشراب والنهي عن ذلك كالنهي عن الانتباذ في الأوعية الضاربة.
    وقد كره مالك أن يخلط من الأنبذة ما قد نبذ مفترقا كنبيذ تمر ونبيذ زبيب يجعلان في إناء واحد ثم يشربان معا وكان يكره إذا خلطا للخل أيضا وكل صنفين من التمر والزبيب إذا خلطا في الانتباذ فهما خليطان كالزبيب الاحمر والأسود والتمر الصيحاني والعجوة والبسر المطرق ولا بأس بشرب البتع إذا لم يسكر كثيرة.
    وقد قيل فيه: إنه من الخليطين والأول قول مالك وكره مالك الانتباذ في الدباء والمزفت دون غيرهما من الأوعية وغيره من العلماء يخالفه فيجيز الانتباذ في كل وعاء لمن شربه حلوا حلالا.
    ولا يحل لمسلم أن يملك خمرا ولا شرابا مسكرا ويراق عليه وتكسر ظروفها عنده أدبا له ويعاقب بقدر ما يعلم منه إلا أن يشربها فيضرب الحد تاما ثمانين جلدة ومن أسلم وعنده خمر أريقت عليه ولم يعاقب إلا أن يتقدم في ذلك إليه ولا يحل لمسلم أن يؤاجر نفسه أو دابته في شيء من عمل الخمر فإن فعل تصدق بذلك وليستغفر الله
    ● [ باب مختصر القول في المكاسب ] ●

    من المكاسب المجتمع على تحريمها الربا ومهور البغاء والسحت والرشاوي وأخذ الأجرة على النياحة والغناء وعلى الكهانة وادعاء الغيب وأخبار السماء وعلى الرمز واللعب والباطل كله ومن كسب الحرام المجتمع عليه أيضا الغصب والسرقة وكل ما لا تطيب به نفس مالكه من مال مسلم أو ذمي وهو ما يستباح الناس قتله وينبغي للمسلم أن يجتنب الشبهات فإن فعل ذلك فقد استبرأ لدينه ولا يقطع بتحريم شيء من الشبهات إلا بما بان تحريمه وارتفعت الشبهة فيه والورع عنه مع ذلك أفضل وأقرب للتقوى ولو بايع رجل رجلا ممن يتهم بمال حرام لم يفسخ بيعه إلا ان يكون البيع وقع على شيء بعينه يعرف أنه حرام فإن كان ذلك فسخ البيع فيه، ولا بأس بأكل طعام من ماله حلال وحرام وإذا كان الأغلب منه الحرام وجب اجتنابه في الورع ولا يقطع أنه حرام إلا أن يعرف شيء بعينه حراما وكسب الحجام ليس بحرام لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه على ذلك ولا يعطيه حراما واختلاف الآثار فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أن فيه بعض الدناءة.

    كُتب الضحايا والذبائح والصيد والأطعمة والأشربة Fasel10

    الكافي في فقه أهل المدينة
    الفقه المالكي
    تأليف: أبو عمر يوسف بن عبد الله القرطبي
    منتدى ميراث الرسول - البوابة
    كُتب الضحايا والذبائح والصيد والأطعمة والأشربة E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 5:54 pm